عودة إلى الجامعة

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 19 سبتمبر 2017 - 10:20 م بتوقيت القاهرة

بدأت الجامعة عامها الدراسى بمشهدين محل انتقاد. الأول تحية العلم، والتى رأى البعض أنها ليست من صميم حياة الجامعة، فضلا عن أنها تنقل الأجواء المدرسية إلى التعليم العالى. الثانى مشهد بعض الطالبات تؤدين إحدى الرقصات فى أحد أفنية الجامعة. كلا المشهدين حضرهما وزير التعليم العالى، والقيادات الجامعية.

لا أرى غضاضة أن يحيى الطلاب فى الجامعة العلم، فهو رمز له احترامه، ولكن ليس بالكيفية التى جرت، والتى أثارت حفيظة البعض، فقد ظهر فى الصورة بضع قيادات جامعية يصطفون أمام العلم لتحيته، بينما فى خلفية المشهد طلاب وطالبات فى نقاشات ولهو لا يعنيهم الأمر فى شىء. وأيضا لا أعتبر الرقص خطأ أو عارا، وكم عانينا من فرض أجواء من التحريم والتكفير فى الحياة الجامعية تحديدا، لكنى أظن أنه ينبغى أن يجرى فى سياق طبيعى لممارسة الفنون، وأن تقدم العروض بشكل منظم بحيث يكون هناك طلاب وطالبات مبدعون، ومشاهدون، ونقاد، وتقييم أداء، ومناخ يسمح بذلك، وليس بالأسلوب الذى حدث، والذى يشبه ــ للأسف ــ حلقة الحاوى، حيث أحاط بعض قيادات الجامعة، والطلاب، عدد من الطالبات فى دائرة تمارسن الرقص بداخلها على إيقاع موسيقى صاخبة فى أحد شوارع الجامعة. 

قد يرى البعض فى كلا الأمرين شيئا عابرا، لا يستحق التوقف أمامه، لكنه يشكل مناسبة للتفكير فى الجامعة المصرية، التى ساهمت فى النضال الوطنى ضد الاستعمار، وخرجت علماء ومثقفين، وقيادات تكنوقراط شغلوا الوظائف العليا فى الدولة المصرية على مدار أكثر من نصف قرن. 

تحية العلم واجبة، لكن لا تختزل الوطنية فى ذلك المظهر. لأن الجامعة إذا أرادت أن تكون مثالا فى الوطنية ينبغى أن تسهم فى بناء المجتمع، سواء من خلال التكوين الفكرى والثقافى للطلاب، وتوفير البحث فى إطار من الحريات الأكاديمية، وإتاحة مساحات للمشاركة، وتخريج الكوادر البشرية التى تستطيع أن تملأ المؤسسات، وتكون لديها القدرات التنافسية. هناك شكوى منذ سنوات من تراجع مستوى التعليم الجامعى، وتزايد أعداد الخريجين فيما يشبه الأرقام التكرارية الذين لا يقدمون إبداعا فى المجتمع. 

الجامعة مؤسسة علم. فى الدول المتقدمة لا تحيط بها أسوار دلالة على انفتاحها على المجتمع، الهدوء يلف أرجاءها، طرقاتها عادة بها أعداد محدودة من الطلاب والطالبات، بينما الغالبية إما فى قاعات الدرس، أو المكتبة، أو حتى فى أماكن للأنشطة الترفيهية. تقدم الجامعة مساحات واسعة لممارسة الفنون بشتى ألوانه. 

هذه هى الجامعة فى خبرة الدول التى أرادت أن تسهم هذه المؤسسة التعليمية فى تقدمها، وتعظيم مقدراتها، وتفعيل دورها. 
أخشى أن تكون المظاهر غالبة، والشكل يأتى على حساب المضمون، والمظهر يسود على الجوهر وفق تعبير آريك فروم، ونختزل أدوار المؤسسات الحقيقية فى مظاهر شكلية لا تحقق الغرض منها، وأن يكون تقييم الأداء وفق هذه المظاهر، وليس تجسيدا لإنتاج حقيقى.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved