الدور التنموى لجمعيات العمل الأهلى

جورج إسحق
جورج إسحق

آخر تحديث: الخميس 19 سبتمبر 2019 - 8:50 م بتوقيت القاهرة

نظم المجلس القومى لحقوق الإنسان الملتقى السنوى الثالث عشر لمنظمات المجتمع المدنى بعنوان «حقوق الإنسان ركيزة للتنمية المستدامة»، وقد شارك فى أعمال الملتقى 178 جمعية ومؤسسة و12 وزارة وهيئة حكومية و6 من الجهات الدولية و27 من المؤسسات الصحفية والإعلامية، وكانت الجلسة الأولى حول مسار المراجعة الدورية الشاملة وطالب المجتمعون بعقد مؤتمر واسع للتشاور حوله، وكذلك ناقش المجلس قانون الجمعيات الأهلية الجديد ولائحته التنفيذية، وهذا يؤدى بنا إلى الحوار حول القانون الجديد؛ حيث ناقش المجتمعون ما هو ملتبس فى هذا القانون وطالبوا بتوضيحه من خلال اللائحة التنفيذية، وطالبوا أيضا اللائحة التنفيذية بتخفيف المزيد من الأعباء الإدارية وخاصة فيما يتعلق بانتخاب مجالس الإدارة ومواصفات المقار وإجراءات فتح الحسابات وتنظيم جمع التبرعات، ومن الأشياء المقلقة أيضا أن الجهة الإدارية من حقها أن توقف النشاط وقفا مؤقتا، ولن نستطيع أن نحكم على هذا القانون إلا من خلال الممارسة؛ وأن يؤمن الجميع بأن هذه التعديلات فى القانون جاءت من خلال حوارات محلية؛ وإعادة الاعتبار للعمل الأهلى والتطوعى، والحد من التوجس السائد داخل أجهزة الدولة تجاه المجتمع المدنى.
***
ومن التوصيات فى هذا الملتقى إعلان سنة 2020 عاما للتطوع، وكذلك تنفيذ نسبة الـ5% التى ينص عليها قانون العمل لتعيين ذوى الإعاقة، وفتح المجال أمام الجمعيات الأهلية فى إنشاء دور الحضانة، وإنشاء مكتبات وأندية وحدائق للأطفال، وإنشاء دور لرعاية الأيتام، وكذلك إنشاء مكاتب للتوجيه والاستشارات الأسرية، والسماح للجمعيات بإنشاء مراكز للتدريب المهنى للسيدات والفتيات، والسماح بإقامة ندوات ومحاضرات ثقافية.
ومن أهم مجالات الجمعيات الأهلية فى التنمية رعاية المسجونين فى السجون، ورعاية أسر المسجونين لحين الإفراج عنهم، وإقامة مراكز لتدريب المفرج عنهم على حرف مهنية، والسماح بإنشاء المستوصفات الطبية العلاجية الخيرية، وتوعية المواطنين بحقوقهم الدستورية عن طريق الندوات والمحاضرات والمؤتمرات والحلقات النقاشية، وإجراء البحوث الميدانية، وإصدار النشرات والإصدارات التعريفية بحقوق الإنسان.
ومن المهم أن تقتنع القيادة السياسية والمؤسسات والأجهزة الحكومية بأن المجتمع المدنى هو الشريك مع الدولة فى عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولن يتأتى هذا إلا بحفظ القضايا والتحقيقات المفتوحة ضد المنظمات الأهلية خاصة القضية المشهورة 173 لسنة 2011 ــ حيث حظرت السلطات سفر 27 شخصا، وتجميد أموال 10 نشطاء و7 منظمات مجتمع مدنى ــ وضرورة العفو عن المحبوسين منهم والإفراج عن أموالهم فبعد صدور القانون الجديد وجود هذه القضية يتعارض مع مبدأ العدالة والإنصاف، وكل هذا يجب أن يراعى فى اللائحة التنفيذية للقانون بعمل مناقشات مجتمعية جادة لكل أطراف الجمعيات الأهلية، حيث وصل عدد الجمعيات الأهلية فى مصر حتى أكتوبر 2017 إلى 48,300 جمعية منها 29,043 جمعية نشطة، ونتمنى فى الحوار حول اللائحة التنفيذية أن تمثل بمعظم أطيافها فى الحوارات، وألا يقتصر هذا الحوار على الجمعيات الكبيرة مثل مصر الخير وغيرها، لأن المطلوب هو رعاية الجمعيات التى فى القرى والنجوع حيث إنها أهم فصيل من فصائل الجمعيات الأهلية.
***
ومن التوصيات التى أصدرها المجلس فى هذا الملتقى إنشاء موقع إلكترونى للمجلس يُخصص لاستقبال مُخرجات وأفكار المجتمع المدنى بالنسبة للائحة التنفيذية، وكذلك أوصى المجلس فى هذا الملتقى بتخفيض الغرامات الواردة فى قانون العمل الأهلى الجديد وكذلك رسوم إنشاء الجمعيات، وأيضا إعفاء الخدمات التى تقدم لأصحاب المشروعات الصغيرة من القيمة المضافة على كراسة الشروط، وتوفير حزمة من الحوافز للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وكذلك أوصى الملتقى بتسريع وتيرة إصدار القوانين العقابية وتحديثها مثل الحبس الاحتياطى والإجراءات الاحترازية.
وناقش الملتقى أيضا تفعيل المادة 13 من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد؛ بإنشاء الهيئة الوطنية المستقلة لمكافحة الفساد، وسن قانون لتدفق المعلومات، والاهتمام بالوعى وتنمية معايير محاربة الفساد، ويدعو هذا الملتقى إلى تفعيل الجمعيات الأهلية ونشاطها، وألا يتوقف على توزيع أشياء عينية أو نقدية؛ ولكن يدعو إلى الاهتمام بمراكز التدريب وإقامة مشروعات لتشغيل الخريجين الجدد، وإقامة مشروعات الحرفيين لتدريب الأفراد من أجل المعاونة فى المعيشة والعمل على زيادة دخل الأسرة، ومن أهم مشاريع التنمية لهذه الجمعيات إقامة الندوات وتوعية الجماهير عن طريق الوسائل السمعية والبصرية بالصحة الإنجابية والرضاعة الطبيعية وختان الإناث وعقد دورات عن كيفية استخدام الوسائل الطبية الخاصة بمنع الحمل لأن استمرار الزيادة السكانية على الشكل الموجود حاليا سوف يعرقل كل مشاريع التنمية التى تحاول الدولة إقامتها.
إن الجمعيات الأهلية لها دور تربوى مهم، ويجب أن توجه كل الأموال والتبرعات التى تُدفع فى شكل خدمات عينية لا تفيد المجتمع، وهناك قضية مهمة وهى التمويلات الأجنبية، لم تعد اللجنة التى كانت موجودة فى قانون الجمعيات الأهلية 2017 بشكل مزعج، وكانت أجهزة الأمن هى المسيطرة على هذا، وخُفِضت أعداد هذه اللجنة، وفى المقابل يجب أن يسمح بالمنح تحت رقابة صارمة لمعرفة مصادر التمويل وطرق صرفها وقنوات هذا الصرف؛ حيث إن عدم المراقبة الصارمة يؤدى إلى سوء استخدام هذه المنح، ويجب أن نعترف أن هناك الكثير من الجمعيات التى كانت تأخذ منحا من هيئات أجنبية لم تكن تُصرف فى المكان الصحيح، ومن حسنات القانون الجديد أنه عندما تمنح إحدى الهيئات منحا ترسل إلى وزارة التضامن وإذا لم يحدث اعتراض فى خلال 60 يوما تصبح هذه المنحة سارية.
ومن أهداف دور الجمعيات الأهلية تنمية الأماكن الأكثر فقرا مثل «قرى الفيوم» التى يتجاوز عددها 180 قرية لا تصل إليها الخدمات بشكل جيد، وكذلك قرى المنيا التى تُفرخ جزءا كبيرا من الإرهابيين، وتعمل أيضا على رفع المستوى الثقافى بإرسال خدمات ثقافية متنقلة مثل: «دور السينما المتنقلة» و«المكتبات المتنقلة» لإنعاش الوعى الثقافى فى هذه القرى التى تجاهلناها فترة طويلة من الزمن، وهذا هو الطريق الوحيد للقضاء على الإرهاب بكل أشكاله وتصوراته، وتنقية أدمغة الناس من الفكر المتطرف، والفتاوى التى ليس لها وجود، هذا هو دور الجمعيات فى التنمية، نرجو إغلاق الملف القديم وفتح ملف جديد نتمناه جديدا ليفتح طاقة الأمل للناس.

عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved