طارق عامر والبنوك.. وكيف نجحوا فى إصلاح الاقتصاد؟

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: السبت 19 سبتمبر 2020 - 8:15 م بتوقيت القاهرة

سؤال افتراضى: ماذا كان سيحدث لو لم يتم إجراء عملية الإصلاح الاقتصادى فى السنوات الأربع الماضية، وكيف كان يمكن للحكومة المصرية التصدى لكل المشكلات التى واجهتها البلاد خصوصا تداعيات انتشار فيروس كورونا؟
من شاهد أو تابع حوار طارق عامر محافظ البنك المركزى مع الإعلامى أحمد موسى على فضائية صدى البلد الأسبوع الماضى يمكنه أن يعرف الإجابة.
ما ورد فى هذا الحوار الذى استمر حوالى ساعتين يقدم صورة بانورامية شاملة للاقتصاد المصرى.. كيف كان وكيف أصبح؟
على سبيل المثال، عرفنا من عامر أن بعض البلدان الناشئة لجأت لتخفيض قيمة عملتها بنسب تتراوح بين ٢٠ــ٣٠٪، فى حين أن العملة المصرية تحسنت منذ بدء عملية الإصلاح، وفى عز انتشار كورونا، فإن قيمة الجنيه زادت مقابل الدولار بنسبة ١.٤٪ خلال الفترة من يناير إلى أغسطس الماضى.
وقال عامر: «وعدنا المصريين بأن يثقوا فى عملتهم وتكون الأقوى وقد أوفينا بالوعد».
النظام المصرفى لعب دورا جوهريا فى عملية الإصلاح، وفى تمويل عملية التنمية الواسعة التى تشهدها البلاد، منذ عام ٢٠١٤.
قرار تحرير العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، لم تجرؤ أى حكومة أو نظام على اتخاذه طوال عقود طويلة، وكما يقول طارق عامر فإن مصر كانت فى حاجة لعملية جراحية دقيقة وحل جذرى، وهذا ما حدث بالفعل. الرئيس السيسى وثق فى البنك المركزى وكان هو الوحيد تقريبا الذى أيد عملية تحرير الجنيه، رغم معارضة غالبية الحكومة خوفًا من الآثار السلبية، وبعدها بدأت العملية فى ٣ نوفمبر ٢٠١٦.
الرئيس السيسى راهن على صبر المصريين، وعلى احترافية ومهنية البنك المركزى والجهاز المصرفى الذى قاد عملية الإصلاح الاقتصادى بصورة جعلت كبار المستثمرين يطلقون على مصر «درة الأسواق الناشئة» كما يقول عامر.
من وجهة نظر عامر فإن ثقة الشعب فى الرئيس ثم الاستقرار الشامل كان وراء نجاح البنك المركزى فى تطبيق الإصلاحات الصعبة. وعرفنا من عامر أن السيسى تفهَّم ضرورة وحتمية استقلالية البنك المركزى.

المؤسسات الدولية ما كان يمكن لها أن تقف بجوار مصر وتدعمها لولا أنها نفذت هذا البرنامج الجرىء ولذلك ساندت مصر بلا حدود فى عز أزمة كورونا، بل قامت بتقديم ٨ مليارات دولار لمصر قبل شهور، بسبب نجاح تجربة الإصلاح التى قادتها الحكومة والبنك المركزى بإشراف الرئيس السيسى.
عملية الإصلاح هى التى جعلت الاقتصاد المصرى يستقطب ٤٣١ مليار دولار من الأسواق الدولية والصادرات والتحويلات، طوال السنوات الست الماضية، وصار لمصر اسم كبير فى سوق السندات الدولية، بعد أن كانت على وشك الإفلاس عام ٢٠١٥، وكانت تحلم بخمسة أو عشرة مليارات دولار فقط.
هذا الاقتصاد القوى ــ كما يقول عامر ــ استقطب ١٨ مليار دولار من صناديق الاستثمار،
و٢٣ مليار دولار سندات دولية، وتمكَّن من سداد ١٥ مليار دولار ودائع لتركيا وقطر وليبيا، وضخ فى الأسواق ٣٥ مليار دولار خلال أزمة كورونا من دون أن يتعرض البلد لأى هزة أو تختفى سعلة أو يزيد سعرها.
والأهم أن الاحتياطى النقدى لا يزال على حاله تقريبا، كما وفّـر البنك المركزى ودبّـر ٢٥ مليار دولار مقدما خلال أزمة كورونا تمثل أموالا بديلة لما تم فقده من إيرادات السياحة.
فى عز أزمة كورونا تدخَّـل البنك المركزى ومعه البنوك المصرية، ونفذ العديد من المبادرات لدعم الاقتصاد والناس والشركات. هو أجَّـل كل أقساط القروض لعملاء التجزئة المصرفية والصغيرة والمتوسطة والكبرى، وقدم العديد من التسهيلات البنكية.
وكما قال عامر: «البنوك لم تحصل على جنيه واحد من ديون لديها قيمتها ٢ تريليون جنيه مساعدة للناس والمجتمع والاقتصاد خلال أزمة كورونا»، ثم إنها ضاعفت مبادرة تمويل القطاع الخاص من ١٠٠ إلى ٢٠٠ مليار جنيه بفائدة ١٠٪ متناقصة، ثم أدخلت فيها قطاعات المقاولات والزراعة وخفضت الفائدة إلى ٨٪ متناقصة.
قبل أيام قال لى خبير اقتصادى بارز إن البنك المركزى بقيادة طارق عامر ومعه البنوك المصرية: «هم الذين شالوا الاقتصاد المصرى فى الفترة الماضية»، ولعبوا الدور المهم والرائد فى عملية الإصلاح الاقتصادى، وفى تمويل عملية التنمية الشاملة خصوصا البنية الأساسية، ثم مواجهة كورونا، وبالتالى كان منطقيا أن يكون هناك تقدير مستمر من مؤسسات التمويل الدولية للبنك المركزى وللبنوك والحكومة المصرية على هذا الأداء المتميز.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved