الذكرى العشرين لحرب أفغانستان.. يجب أن تكون السنة الأخيرة لأمريكا هناك

قضايا عسكرية
قضايا عسكرية

آخر تحديث: الإثنين 19 أكتوبر 2020 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Defense One مقالا للكاتب Daniel R. DePetris، تحدث فيه عن طول فترة احتلال أمريكا لأفغانستان وأنه حان الوقت للعودة للوطن خاصة مع وجود بديل للدفاع عن الأمن القومى الأمريكى دون حاجة لنشر قوات عسكرية برية هناك وبالتالى إرهاق موارد الولايات المتحدة... نعرض منه ما يلى.
عندما بدأت حرب الولايات المتحدة فى أفغانستان، قبل 19 عاما، كان الأمريكيون فى جميع أنحاء البلاد يعانون من أسوأ هجوم إرهابى شهدوه على الإطلاق. ولذلك تم شن الضربات الجوية ضد القاعدة وطالبان لهدف واحد: معاقبة مرتكبى هجمات 11 سبتمبر وتدميرهم.
لم يستطع مهندسو الحرب التنبؤ ببقاء آلاف القوات الأمريكية على الأراضى الأفغانية لعقدين من الزمان. لكن هذا ما حدث. وقد حان وقت العودة إلى الوطن.
لقد ظلت الولايات المتحدة تقاتل فى أفغانستان منذ فترة طويلة لدرجة أن نسى الأمريكيون سبب قرار الحرب. وبعد الحادى عشر من سبتمبر، قامت أجهزة الاستخبارات الأمريكية على الفور بتحديد مسئولية شبكة القاعدة التابعة لأسامة بن لادن. بعد ثلاثة أسابيع من ذلك، بدأت إدارة بوش حملة، استمرت لأشهر، من الضربات الجوية المكثفة والعمليات البرية التى فشلت فى قتل بن لادن لكنها دفعته إلى الفرار لباكستان، ودمرت مناطق تدريب القاعدة، وأجبرت عشرات الآلاف من مقاتلى طالبان على النزوح إلى الريف. وبحلول أوائل عام 2002، تم تحقيق أهداف الولايات المتحدة المتمثلة فى هزيمة القاعدة ومعاقبة طالبان وبأقل عدد من الضحايا الأمريكيين. لسوء الحظ، وبدلا من الاعتراف بهذا النجاح وسحب القوات قبل أن تتحول مهمة مكافحة الإرهاب إلى احتلال، أوقعت واشنطن نفسها ــ فى ظل حكومة أفغانية ضعيفة وغير فعالة ــ فى وضع مجهول.
لقد كلفت محاولة تحويل أفغانستان إلى ديمقراطية مستقرة قتل أكثر من 2400 جندى أمريكى. وإصابة أكثر من 20 ألفا آخرين. كما كلفت دافعى الضرائب الأمريكيين ما لا يقل عن 2 تريليون دولار، أو أكثر مما استثمرته الولايات المتحدة فى خطة مارشال بـ 15 مرة. ومنذ عام 2002، كرست الولايات المتحدة أكثر من 35 مليار دولار لدعم الحكم والتنمية الاقتصادية فى أفغانستان. ومع ذلك، يظل الفساد شريان الحياة فى السياسة الأفغانية. حيث صنفت منظمة الشفافية الدولية أفغانستان فى المرتبة 173 من أصل 180 على مؤشر مدركات الفساد. وعلى الرغم من توفير واشنطن 10 مليارات دولار لمكافحة المخدرات، إلا أن أفغانستان لا تزال مصدر 90% من إمدادات الأفيون فى العالم. كذلك وبالرغم من إنفاق 86 مليار دولار لبناء قوة أمنية أفغانية فعالة ومستدامة، تظل كابول معتمدة كليا على الولايات المتحدة فى كل شىء من التمويل إلى الدعم الجوى لدرء هجمات طالبان. لكن أظهرت استطلاعات رأى أن نحو ثلاثة أرباع الأمريكيين ونفس النسبة تقريبا من المحاربين القدامى يدعمون قرار إعادة القوات الأمريكية إلى الوطن.
لحسن الحظ، جاء هذا العام ببعض الأخبار الجيدة. فبعد تأخر دام 7 أشهر، تحدثت الحكومة الأفغانية وطالبان أخيرا مع بعضهما البعض مباشرة. وسافر الرئيس الأفغانى أشرف غنى إلى قطر للقاء فريق التفاوض فى كابول. إلا أن تحقيق اتفاق سلام يتطلب صبرا من كلا الجانبين، واستعدادا لتقديم تنازلات، وقناعة من كابول وطالبان أنهما يمكنهما كسب المزيد على طاولة التفاوض أكثر من ساحة المعركة.
***
لا تعتمد مصالح الأمن القومى للولايات المتحدة على نتيجة محادثات السلام. فإحلال السلام الشامل فى أفغانستان شأن أفغانى ولا ينبغى الخلط بينه وبين هدف الولايات المتحدة المتمثل فى الدفاع عن الوطن، وهو ما يمكن أن تحققه واشنطن دون داعٍ لنشر القوات البرية الأمريكية على الأراضى الأفغانية.
فلقد تحسنت عمليات الدفاع عن الأمن القومى ومكافحة الإرهاب بشكل كبير على مدى العشرين عاما الماضية. وأصبحت الولايات المتحدة بارعة جدا فى تعقب وقتل الإرهابيين الخطرين فى جميع أنحاء العالم. وكانت أنجح عمليات مكافحة الإرهاب بفضل عمليات استخباراتية لا تشوبها شائبة أكثر من نشر القوات البرية. مثلا، تم العثور على زعيم داعش أبو بكر البغدادى وقتله فى غارة شنتها قوات العمليات الخاصة فى نوفمبر 2019 داخل سوريا، وأصبح ذلك ممكنا لأن وكالة المخابرات المركزية كانت قادرة على تجنيد أفراد داخل الدائرة المقربة من البغدادى، وكذلك الأمر فى مقتل قاسم الريمى، القائد الأعلى لتنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية فى يناير 2020. كما يمكن قول الشىء نفسه عن العمليات التى استهدفت سياف التونسى وخالد العارورى، وهما قائدا تنظيم القاعدة، وقتلتهما صواريخ هيلفاير من طائرة مسيرة داخل سوريا. وعلى الرغم من كون شمال غرب سوريا مكانا غير مضياف للقوات الأمريكية، إلا أن نطاق مكافحة الإرهاب لواشنطن ظل واسعا بما يكفى للقضاء على كلا الشخصين.
كما أظهرت الولايات المتحدة أيضا أنها لا تحتاج إلى الاعتماد على قواعد فى أفغانستان لشن غارات جوية ضد أهداف القاعدة أو داعش. فبمساعدة طائرات التزود بالوقود KCــ10 وKCــ135، استطاعت المقاتلات وقاذفات القنابل الأمريكية الإقلاع من قاعدة «الظفرة» الجوية فى الإمارات العربية المتحدة و«العديد» فى قطر، للقيام بمهام على الأراضى الأفغانية. كذلك، يمكن إرسال حاملة طائرات فى بحر العرب، مما سيوفر المرونة فى إجراء العمليات الهجومية دون التعرض للتكاليف المرتبطة بوجود دائم على الأرض.
بالإضافة إلى كل ذلك، يجب على الولايات المتحدة إعطاء الأولوية للإرهابيين الأكثر خطورة، الذين لديهم طموحات عابرة الحدود، من أولئك الأقل خطورة والتى تنصب اهتماماتهم على الأهداف المحلية. فالفئة الأولى أهداف جاهزة لقوات مكافحة الإرهاب الأمريكية. وأفضل طريقة للتعامل مع الفئة الثانية هى القوى المحلية والإقليمية، التى تشترك جميعا فى مصلحة أمنية جماعية وهى منع أفغانستان من التدهور والتحول إلى بؤرة عالمية للجماعات الإرهابية الأجنبية. فملاحقة كلتا المجموعتين بقوة مماثلة ترهق موارد الاستخبارات الأمريكية وتثنى الجهات الفاعلة المحلية التى يجب أن تتخذ موقفا.
فطالما أن الجيش الأمريكى يمكنه إرسال قوات خاصة إلى المواقع لجمع المعلومات الاستخباراتية، وقادرا على استخدام أى من منصات الأسلحة الموجودة تحت تصرفه فى حالة الإعلان عن وجود هدف إرهابى شديد الخطورة، يمكن حينها للمسئولين الأمريكيين أن يطمئنوا من مسألة الدفاع عن المصالح الأمريكية دون الاضطرار إلى تسوية هذه العمليات من خلال نشر قوات برية.
***
الولايات المتحدة يمكنها دعم المحادثات بين الأفغان، ويجب على صانعى السياسة تجنب ربط الانسحاب العسكرى الأمريكى الكامل بقدرة الأفغان على صنع السلام مع بعضهم البعض.
باختصار، لابد أن تكون السنة العشرين للحرب على أفغانستان هى السنة الأخيرة لوجود أمريكا هناك.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:
https://bit.ly/3lQjjtO

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved