نشرت الخارجية الأمريكية بيانا، هذا الشهر، تتهم فيه وكالات إعلامية فى أمريكا اللاتينية بالتواطؤ مع الحكومة الروسية ضد أوكرانيا، كما طالبت الإدارة الأمريكية بزيادة التدخل فى وسائل إعلام أمريكا اللاتينية لمواجهة حملة التضليل التى تقودها روسيا. فى ضوء ذلك، نشر موقع Eurasia Review مقالا يكشف زيف هذا البيان واصفا إياه بـ«المستفز»... نعرض من المقال ما يلى:«جهود الكرملين لنشر المعلومات المضللة سرا فى أمريكا اللاتينية»، كان هذا هو عنوان البيان الذى نُشر على الموقع الإلكترونى لوزارة الخارجية الأمريكية فى 7 نوفمبر الحالى، واتهمت فيه الإدارة الأمريكية شركتين بأمريكا اللاتينية ــ تعملان فى مجال تكنولوجيا المعلومات ــ بأنهما الوكيلتين الرئيسيتين لنشر معلومات مضللة بدعم من روسيا. وفى 28 يوليو الماضى، فرض الاتحاد الأوروبى عقوبات على العديد من الأفراد والشركات الروسية، بما فى ذلك الشركتان المذكورتان أعلاه، بتهمة التورط فى حملة التضليل الإلكترونى التى تقودها روسيا ضد حكومة أوكرانيا. لكن لم يقدم الاتحاد الأوروبى ولا وزارة الخارجية الأمريكية أى دليل فى بياناتهما.
• • •
فى 3 مايو الماضى، عقدت لجنة العلاقات الخارجية الأمريكية بمجلس الشيوخ جلسة استماع حول «حروب المعلومات العالمية: هل الولايات المتحدة تربح أم تخسر؟»، المتحدث الرئيسى فى جلسة الاستماع كانت أماندا بينيت، الرئيسة التنفيذى للوكالة الأمريكية للإعلام العالمى (USAGM)، وهى مجموعة تدير العديد من المشاريع الإعلامية الحكومية الأمريكية من أوروبا (راديو ليبرتي) إلى الأمريكتين (مكتب البث الكوبى) بميزانية سنوية قدرها 810 ملايين دولار. قالت بينيت لأعضاء الشيوخ إنه إذا فشلت الحكومة الأمريكية فى «مواجهة التضليل الذى تقوم به روسيا والصين وإيران، فإننا نخاطر بخسارة الحرب الإعلامية»، وأضافت: إن هذه الدول الثلاث «تفوقت» على الولايات المتحدة فى أمريكا اللاتينية، منوهةً بأنه يجب التغلب عليها من خلال التدخل الأمريكى المتزايد فى وسائل الإعلام بأمريكا اللاتينية!
كما قالت جيسيكا براندت من معهد بروكينجز فى جلسة الاستماع، إن وسائل الإعلام الروسية ذاع صيتها فى أمريكا اللاتينية، إلا أن الحقائق التى عرضتها براندت جديرة بالملاحظة: «خلال الربع الأول من عام 2023، كانت ثلاثة من حسابات وسائل الإعلام الحكومية الروسية الخمسة الأكثر تغريدا على تويتر ترسل رسائل باللغة الإسبانية، واستهدفت خمسة من الحسابات العشرة الأسرع نموًا وسط الجماهير الناطقة بالإسبانية. وعلى موقع يوتيوب، أثبتت قناة RT en Español «روسيا اليوم بالإسبانية» قدرتها على بناء جماهير كبيرة، على الرغم من الحظر العالمى الذى تفرضه المنصة على القنوات الإعلامية التى تمولها الدولة الروسية. أما على تطبيق تيك توك، فتعد قناة «روسيا اليوم بالإسبانية» من بين وسائل الإعلام الأكثر شعبية فى إسبانيا إذ وصل عدد الإعجابات إلى 29.6 مليون مما يجعلها أكثر شهرة من أى قناة غربية أخرى. وبالمثل، على فيسبوك، تمتلك القناة حاليًا عددًا من المتابعين أكثر من أى محطة دولية أخرى ناطقة بالإسبانية.
باختصار، أصبحت قناة روسيا اليوم RT واحدة من أكثر وسائل الإعلام تأثيرًا فى أمريكا اللاتينية، وجدير بالذكر أن القناة محظورة فى كل من كندا والاتحاد الأوروبى وألمانيا والولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية الأخرى.
• • •
نعود إلى بيان وزارة الخارجية الأمريكية الذى يسمى شركتين للأخبار تعملان فى أمريكا اللاتينية باعتبارهما «وكيلتين لروسيا» دون أى دليل ولكن بلغة مترددة. على سبيل المثال، تقول وزارة الخارجية الأمريكية فى البيان «إن جزءًا من الحملة الروسية يهدف إلى تعليم مجموعة من الصحفيين (على الأرجح فى تشيلى) «أى بدون جزم! إلا أنها عاودت وناقضت نفسها بعد فقرات قليلة بالبيان: «بينما تتم عمليات التدريب فى المقام الأول بالتنسيق مع وسائل إعلام إسبانية مثل «Pressenza» و«El Ciudadano».
الشركة الأولى، بريسينزا، تأسست عام 2009 فى ميلانو بإيطاليا، وقد انبثقت من المناقشات التى أثارتها اللجنة الدولية لدراسة مشاكل الاتصالات (التى شكلتها اليونسكو) وتقريرها حول ديمقراطية الإعلام. أما «السيودادانو» فقد تأسست فى عام 2005 كجزء من عملية التحول الديمقراطى فى تشيلى فى أعقاب سقوط الدكتاتورية العسكرية لأوغستو بينوشيه فى عام 1990. ونفى كلا المنفذين أن يتم تمويلهما من قبل الحكومة الروسية أو قيامهما بغسل المعلومات لصالح الحكومة الروسية. وفى بيانهما المشترك، الذى وقعه ديفيد أندرسون (رئيس تحرير Pressenza) وبرونو سومر كاتالان (رئيس تحرير El Ciudadano)، قالا: «نعتقد أن هذا النوع من الهجمات خبيث، ونصر على أن تسحب وزارة الخارجية الأمريكية هذا الاتهام. وكذلك الاعتذار لنا علنًا عن الإساءة إلى سمعتنا».
ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيفالنص الأصلي