رأي اخر فى قضية الحديد والصلب

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 20 يناير 2021 - 7:40 م بتوقيت القاهرة

القضية الخاسرة تظهر من أول كلمة ينطق بها المدافعون عنها، وهو ما ينطبق بشدة على قرار تصفية شركة الحديد والصلب فى حلوان، فأغلب ما يقال لتبرير تصفية هذه الشركة العريقة والمهمة، يؤكد خطأ هذا القرار ولا يعززه.
ففى رده على مقال الدكتور زياد بهاء الدين فى الزميلة «المصرى اليوم» عن قرار تصفية شركة الحديد والصلب فى حلوان، قال وزير الصناعة والتجارة الأسبق منير فخرى عبدالنور الذى يؤيد قرار التصفية بقوة، بأن تكلفة العمالة فى الشركة تصل إلى 1000 جنيه للطن فى حين أن هذه التكلفة تبلغ فى مصانع الحديد الخاصة الحديثة فى مصر 100 جنيه للطن. لكن موقع Steelonthenet.com. المتخصص فى اقتصاديات صناعة الصلب فى العالم، يقول إن متوسط تكلفة العمالة لإنتاج طن الصلب فى العالم وفقا لبيانات 2020 تبلغ 39.9 دولار أى نحو 626 جنيها للطن، فكيف تكون تكلفة العمالة فى المصانع المصرية الحديثة الخاصة 100 جنيه للطن، إلا إذا كان العامل المصرى يعمل بنظام السخرة، كما أن هذا يعنى أن فارق تكلفة العمالة فى شركة الحديد والصلب والتكلفة العالمية يمكن السيطرة عليه.
الوزير الأسبق يقول، أيضا، إن الخبراء الروس الذين درسوا أوضاع الشركة بهدف إصلاحها قالوا إن «تكنولوجيا إنتاج الحديد والصلب فى العالم تقدمت وتغيرت تماما والأفضل والأوفر شراء خطوط إنتاج جديدة» لكن هؤلاء الخبراء لم يوصوا بتصفية الشركة والقضاء عليها، وإنما قالوا إنه يمكن شراء خطوط إنتاج جديدة، مع المحافظة على هذا الكيان الاستراتيجى.
ثم يقفز الوزير منير فخرى عبدالنور ومعه أغلب المدافعين عن قرار تصفية شركة الحديد والصلب، فوق كل قواعد الاقتصاد والسوق ، فيقول إن الأجدى والأفضل بيع فحم الكوك الذى تنتجه شركة الكوك المصرية كمادة خام إلى شركات أخرى غير شركة الحديد والصلب، وبيع خام الحديد كمادة خام للخارج بعد تصفية الشركة، فى تجاهل واضح لحقيقة أن تصنيع المواد الخام هو ما يحقق القيمة المضافة للاقتصاد الوطنى ككل.
والحقيقة أن فكرة تصفية شركة الحديد والصلب، خاطئة من الأساس، فما دامت الشركة تنتج سلعة عليها طلب، تصبح التصفية هى الخيار الأسوأ لأنها ببساطة ستحرم المجتمع من إنتاج يحتاج إليه. ينطبق هذا الكلام على شركة الحديد والصلب كما ينطبق على أى شركة أخرى ما زال هناك طلب على إنتاجها.
فعندما تراكمت خسائر شركة السيارات الفارهة البريطانيا رولز رويس لم يتم تصفيتها وإنما حصلت عليها بى. إم. دبليو مقابل جنيه إسترلينى واحد لكى تحافظ على المصانع عاملة. وعندما تراكمت خسائر دايو للسيارات فى كوريا الجنوبية اشترتها جنرال موتورز وحولتها إلى جى. أم كوريا، ومع كل فشل لشركة سيارات أوبل الألمانية، يتم بيعها إلى مالك جديد لتستمر المصانع فى العمل، دون التفكير فى تفكيكها.
أخيرا الحديد والصلب ليست شركة لصناعة الطرابيش ولا شرائط الكاسيت أو أفلام التصوير، التى تجاوزها الزمن ولم يعد العالم يستخدم منتجاتها فتحق تصفيتها، وإنما صناعة استراتيجية تحرص المجتمعات فقيرها وغنيها على امتلاكها والحفاظ عليها بكل السبل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved