العصيان المدنى يا ذكى

محمد موسى
محمد موسى

آخر تحديث: الأربعاء 20 فبراير 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

المسافة الضوئية التى قطعها الرئيس مرسى من مساء 27 يناير، إلى مساء أمس الأول فيما يخص بورسعيد، ستدخل كتب التاريخ والمواعظ والاعتبارات، باعتبارها دروسا فى السياسة والذوق والإنسانية، أو فى انعدامها جميعا.

 

قبل 3 أسبابيع لوح الرئيس بأصبعه مهددا إقليم القناة بأكمله، بأنه «سيفعلها»، ثم فعلها: فرض حظر التجول والطوارئ على المحافظات الثلاث لمدة شهر.

 

بعد ساعات رأى حظر تجوله مهدرا على أنغام السمسمية ودورات الكرة، فترك لكل محافظ تقدير الموقف، بدلا من التواضع للحق وإلغاء القرارات، مع الاعتراف بأنه «حسبها غلط».

 

بعد 3 أسابيع على خطبة «الصباع»، عاد مرسى ليتملق أبناء بورسعيد والقناة بقرار «عاجل»، على حد وصف تليفزيون ماسبيرو الإخوانى، بتخصيص 400 مليون جنيه من دخل القناة لتنمية الإقليم، وخلق فرص عمل لأبناء بورسعيد، ما يثبت مجددا قصر نظر الإخوان فى التعامل مع إخوانهم فى الوطن.

 

بورسعيد، مثل جارتيها الإسماعيلية والسويس، تعانى سطوة العاصمة فى كل الميادين، حتى الكرة أصبحت العصب المحرك للمجازر والمواقع الحربية بين المدينة والقاهرة. لقد تم انتهاك بورسعيد قبل 3 أعوام على أيدى ألتراس الأهلى فى ظل تواطؤ أمنى وإعلامى مريض على تمرير الواقعة دون حساب، فمررنا بمجزرة الاستاد قبل عامين، ثم وصلنا لغزوة نادى الصيد قبل أيام، حين اصطاد أبطال ألتراس المتعصبين مجموعة من مراهقى بورسعيد، جاءوا ليلعبوا الكرة الطائرة فى دورى الناشئين.

 

ولدى أبناء بورسعيد مظالم قديمة، ناجمة عن صراع طفولى غبى قاده نظام مبارك ضد المدينة، وصل إلى حد إنهاء المنطقة الجمركية، ثم المساومة بإعادتها مقابل أن تركع بورسعيد وتنتخب الحزب الوطنى، لكن بورسعيد 2005 أسقطت الوطنى إلا مرشحا عماليا واحدا، فهى لا تعمل بقوانين العصا والجزرة، ومرسى لا يعرف ذلك.

 

إنه العصيان المدنى يا ذكى.

 

أهل المدينة يطلبون اعتذارا من الرئيس عن وصفه شهداءهم بالبلطجية.

 

يطلبون تقديم قتلة أبناء المدينة للمحاكمة، واعتبارهم شهداء أسوة بضحايا العاصمة.

 

يريدون أن يتوقف مرسى وجماعته عن سياسة العقاب الجماعى للمدينة، ولإقليم القناة.

 

بعد كل هذا التعقيد الدرامى للفيلم، خرج جمال هيبة عضو مجلس الشورى عن الحرية والعدالة، ليقدم لنا التفسير الإخوانى الشهير لما يحدث، «هناك من يستغل الأزمات الحالية استغلالا سياسيا خاطئا»، فمن هم؟

 

العمال؟

 

التجار والباعة الجائلون والشباب العاطل؟

 

البرادعى وصباحى؟

 

باسم يوسف؟

 

أضاف هيبة على طريقة الفاهم الواثق مما يقول: هذا الاستغلال من الممكن أن يؤدى إلى انهيار الدولة.

 

الدولة انهارت على يد رئيس لم يتخذ قرارا واحدا يرضى به شعبه، ولم يضع نصب عينيه إلا مصالح «عشيرته»، من المقطم إلى النائب هيبة.

 

ووفد بورسعيد الذى جاء للرئيس قابل مستشاره جاد الله، «ولم يتمكنوا من مقابلة الرئيس الذى انشغل بمقابلات أخرى»، كما ورد بالأخبار، فحمل جاد الله أمانة تبليغ كلمة شعب بورسعيد للرئيس، فهل ينقلها بنفس الأمانة التى تعامل بها فى ملف إقالة مستشار الرئيس خالد علم الدين: يتعهد بالاعتذار، ثم يلحس كلمته، ثم ينفى كل شىء بعد ذلك؟

 

وهيبة يخاف من انهيار الدولة!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved