وماذا عن كلمات بعض الأغانى الأجنبية؟!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 20 فبراير 2020 - 8:05 م بتوقيت القاهرة

معظمنا خصوصا الذين يصنفون أنفسهم بأنهم «نخبة»، مايزالون يفكرون بصورة شديدة التقليدية، ويعتقدون أن المجتمع مايزال هو نفسه الذى كان موجودا فى الستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى. يعتقدون أن هناك فنا راقيا يشاهدونه ويستمعون إليه، وفنا رديئا ومنحطا تراه فئة أخرى صغيرة، وينبغى أن يختفى من الوجود فورا. هؤلاء لا يدركون أن المجتمع تغير تماما، وإذا لم نتعامل مع الأمر بصورة صحيحة، فسنظل ندور فى حلقة مفرغة.
من بين المتغيرات التى لا يريد معظمنا أن يراها، هى زيادة عدد الذين يستمعون إلى الأغانى الأجنبية ولم يعد الأمر مقصورا على أغلبية تشاهد فنا راقيا وقلة تشاهد فنا هابطا.
أعرف عددا كبيرا من الشباب صغير السن، وبعضهم أولاد لأصدقاء، لا يعرفون أساسا أن هناك صراعا بين الأغانى التى نراها راقية وتلك الهابطة. هؤلاء لم يسمعوا أصلا أن هناك معركة حامية الوطيس بين التيارين الرئيسيين اللذين يمثلهما هانى شاكر وحسن شاكوش.
هذا التيار الثالث قوامه الرئيسى هو الشباب صغير السن، خصوصا الذين التحقوا بمدارس اللغات أو المدارس الأجنبية، ومعهم شريحة لا بأس بها من شباب الجامعات الحكومية والخاصة.
هؤلاء يشاهدون أساسا الأفلام الأجنبية، عبر شبكات مثل النتفليكس وغيرها، ويستمعون للأغانى الأجنبية عبر التطبيقات الحديثة مثل ديزر.
قد يكون بعضهم يستمع لأفلام وأغانى مصرية أو عربية، لكن تفضيلاتهم صارت أجنبية بالأساس.
قبل أيام كنت فى زيارة لأحد الأصدقاء، ووجدت أولاده الصغار الأربعة، وأعمارهم تتراوح بين الثامنة والتاسعة عشرة، يتحدثون بالإنجليزية فى حياتهم اليومية، وكأنها لغتهم الأم. كل منهم متوحد مع هاتفه المحمول أو الآيباد. وعندما سألتهم ماذا يستمعون أو يشاهدون على هذه الأجهزة، كانت الإجابات كلها لأفلام ومسلسلات وأغانى وبرامج أجنبية لممثلين ومطربين لم أسمع عنهم مطلقا!!.
أتعاطف تماما مع الغاضبين من أغانى المهرجانات وغالبيتها ركيكة ومزعجة، لكن هل فكر هؤلاء فى الأغانى التى يسمعها هذا التيار الثالث؟!.
العولمة وانفجار ثورة الاتصالات وامتلاك كل شخص لهاتف جوال أو أكثر متصل بالإنترنت، يجعله مرتبطا بالفنون الأجنبية من أفلام ومسلسلات وأغانى، خصوصا فى ظل أن هذه الفئة تجيد الإنجليزية وربما لغات أخرى.
لن أسأل هل يعرف المجتمع، بل هل يعرف أولياء الأمور، ماذا يسمع أبناؤهم، وما هو مضمون الأغانى أو الأفلام والمسلسلات التى يسمعوتها أو يشاهدونها؟!.
ظنى أن هناك مشكلة عميقة تتعلق بالفجوة الضخمة بين جيل الآباء والأبناء. الآباء يعيشون فى الماضى السحيق، والأبناء يفكرون بطريقة ما بعد الحداثة!.
ظنى أنه إذا كان من حق الغالبية أن تشعر بالقلق من ظاهرة أغانى ومطربى المهرجانات، فعليها أن تشعر بالخطر الشديد، من التيار شديد التفرنج الذى يجتاح قطاعات واسعة من الشباب.
لست رجعيا أو منغقلا، وأصنف نفسى منفتحا على كل الثقافات، ولا أعتبر أن كل ما هو اجنبى سيئ أو منحط. لكن ما أطلبه أن نعرف على الأقل ماذا يسمع ويشاهد أولادنا، وما هى نوعية الكلمات فى هذه الأغانى، وما هو موقف الشباب الصغير السن من الكلمات والمشاهد التى قد تمجد مثلا «المثلية الجنسية» أو فرض رموز معينة قد تؤدى إلى تغييب ما تبقى من هوية لدى هؤلاء الشباب. المشكلة أننا امة عربية وإسلامية مهزومة حضاريا وفى سائر المجالات، ومنها الفنون. والخشية أن يتمكن الأعداء والخصوم من اختراق عقول أبنائنا عبر الفنون، بصورة أخطر مما يمكن أن تفعله الدبابات والطائرات والصواريخ، وربما يكونون قد اخترقوها بالفعل!!.
من حق الكثيرين أن يقلقوا من أغانى حسن شاكوش وحمو بيكا، لكن عليهم أن يحترسوا أكثر من بعض الأغانى الأجنبية والظواهر والقيم والأخلاقيات الجديدة، التى تنتقل إلينا من الغرب عبر الفنون المختلفة ومنها الأغانى!!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved