رئيس أمريكى يتحدث العربية

محمد المنشاوي
محمد المنشاوي

آخر تحديث: الخميس 20 فبراير 2020 - 8:05 م بتوقيت القاهرة

هل اقتربنا من وصول رئيس أمريكى يستطيع التحدث باللغة العربية؟ ربما!.
فالمرشح الديمقراطى الصاعد وبقوة وسرعة كبيرة بيت بوتيدجيدج يفهم اللغة العربية التى درسها كطالب فى جامعة هارفارد العريقة، وأكمل إتقانه لها فى دراسة مكثفة فى تونس عام 2005.
وتمثلت المفاجأة الأكبر فى السباق التمهيدى للحزب الديمقراطى، بعد الانتهاء من الانتخابات التمهيدية فى ولايتى آيواه ونيو هامبشير، فى صعود نجم المرشح بوتيدجيدج، العمدة السابق لمدينة ثاوث بيند بولاية إنديانا التى لا يزيد عدد سكانها عن مائة ألف نسمة.
وفاز بوتيدجيدج بولاية آيواه محققا تقدما بسيطا على المرشح بيرنى ساندرز، وحل ثانيا خلف ساندرز بفارق بسيط أيضا فى ولاية نيوهامبشير. ويقف بوتيدجيدج فى منطقة وسط بين تيار تقدمى يمثله ساندرز والسيناتورة إليزابيث وارين من ناحية، وبين تيار تقليدى معتدل (بمعايير الحزب الديمقراطي) يمثله نائب الرئيس السابق جو بايدن، والسيناتورة أيمى كلوبتشار.
ويعد بوتيدجيدج من أصغر المرشحين المتنافسين على الرئاسة الأمريكية سنا، فقد أتم الشهر الماضى عامة الثامن والثلاثين، وينص الدستور ضمن شروط الترشيح للرئاسة ألا يكون الرئيس أقل من 35 عاما.
ويرى بوتيدجيدج نفسه جزءا من تيار عالمى يدفع بمرشحين صغار لمنافسة وهزيمة المرشحين التقليديين كبار السن، ويشبه نفسه بالرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون وبرئيس الوزراء الإيطالى السابق ماتيو رينزى، وكلاهما وصل للحكم قبل سن الأربعين.
***
ولد بوتيدجيدج، عام 1982 لعائلة أكاديمية، فقد كان والديه أساتذة بجامعة نوترام الكاثوليكية العريقة، والده أستاذ أدب انجليزى، ووالدته أستاذة فى اللغات، ونشأ بوتيدجيدج كاثوليكيا ودرس فى مدارس كاثوليكية خاصة حتى انتهاء مرحلة التعليم الثانوى. وبدأ بوتيدجيدج نشاطه السياسى صغيرا أثناء دراسته فى جامعة هارفارد، وكتب الكثير من المقالات فى جريدة الجامعة، وفى عام 2003، قاد مظاهرات طلابية ضد غزو بلاده للعراق. وانضم بوتيدجيدج للحملة الرئاسية للمرشح آل جور عام 2000 وحملة جون كيرى عام 2004 حيث هُزم المرشحان على يد جورج بوش. وتعرف بوتيدجيدج على قطاع الأعمال والمال الأمريكى من خلال عمله لثلاث سنوات فى شركة ماكينزى، إحدى أكبر شركات الاستشارات فى العالم للشئون المالية والإستراتيجية والسياسيات العامة.
وتطوع بوتيدجيدج كضابط احتياط فى الحرس الوطنى وانضم لسلاح الأسطول الأمريكى من 2009 وحتى 2017، وحارب لسبعة أشهر فى أفغانستان خلال عام 2014، ويقول بوتيدجيدج عن فترة خدمته بأفغانستان أنه يمثل «العسكرية التقدمية». ومنحت هذه الخبرة المرشح الشاب مصداقية واسعة كرجل اختار تطوعا الذهاب لأرض المعارك دفاعا عن الوطن.
***
خلال دراسته بجامعة أكسفورد البريطانية بعد حصوله على منحة رودس الشهيرة، بدأ بوتيدجيدج فى الابتعاد عن الكاثوليكية والتقرب من البروتستانتية الإنجيلية، وغير ديانته لاحقا. وينتقد المرشح الشاب تخلى الحزب الديمقراطى عن التوجيه الدينى وتركه للجمهوريين الذين أصبحوا أكثر اقترابا وتعلقا بالإنجيليين الأمريكيين، ويتعهد بمحاولة التقريب بين الإنجيليين والحزب الديمقراطى.
ويطالب بوتيدجيدج بإنهاء الفساد السياسى المتفشى فى السياسة الأمريكية من ناحية، ومن ناحية أخرى يتعهد بإحياء فكرة الحكومة المحبوبة شعبيا.
وترك سجل بوتيدجيدج كعمدة لمدينة ثاوث بيند آثارا سلبية على علاقته بالأفارقة الأمريكيين إذ أقال رئيس شرطة المدينة الأسود فور وصوله للحكم على خلفية اتهامات بالفساد، واتبع سياسات لم يرض عنها سكان المدينة من الأقليات الإفريقية واللاتينية. وجدير بالذكر أن الحزب الديمقراطى يعتمد بصورة متزايدة على أصوات الكتلة التصويتية للأفارقة الأمريكيين والهيسبانيك اللاتينيين.
***
لا يمثل عمر المرشح بوتيدجيدج أو معرفته باللغة العربية نقاط الاختلاف الوحيدة التى يتمتع بها المرشح الشاب الذى لم يُعرف اسمه على المستوى القومى الأمريكى إلا منذ عدة شهور.
بوتيدجيدج هو أول مرشح رئاسى مثلى جنسيا، وتزوج من رفيقه تشاستين جليزمان، المعلم بأحد المدارس الثانوية فى ولاية أنديانا قبل عامين. وأكد بوتيدجيدج مرارا أن «ميوله الجنسية لن تضر بفرصه الانتخابية»، وقال إن أمريكا تقدمت فى هذا المجال. ونال المرشح الشاب انتقادات كبيرة من مناصرى الرئيس دونالد ترمب وخاصة الإذاعى راش ليمبو.
وقال بوتيدجيدج إنه «لن يتلقى دروسا من أنصار رجل واجه العديد من الاتهامات بينها الاغتصاب وممارسة الجنس مع نجمة أفلام إباحية». وقال بوتيدجيدج «أنا فى علاقة زوجية تتميز بالإخلاص والحب، وأنا فخور بزواجى وبزوجى، ولن أستمع إلى دروس عن القيم الأسرية من أمثال راش ليمبو أو أى شخص يدعم دونالد ترامب بوصفه الرئيس الأخلاقى للولايات المتحدة».
***
تساءل بوتيدجيدج عن دوافع الرئيس ترامب للإقدام على تصفية الجنرال الإيرانى قاسم سليمانى، وشكك فى أن أمريكا أصبحت أكثر أمانا بعد هذه العملية. ويُعرف عن بوتيدجيدج دعمه الكامل لإسرائيل إلا أنه يدعم أيضا حل الدولتين. وردا على سؤال حول إذا كان سيفرض عقوبات أو يوقف مساعدات لإسرائيل إذا أعلنت ضم مناطق المستوطنات فى الضفة الغربية إلى أراضيها، أكد بوتيدجيدج أنه لن يوقف المساعدات لإسرائيل.
من ناحية أخرى، يتهم البعض بوتيدجيدج بأنه مرشح نخبوى نتيجة تعلمه فى مدارس خاصة وليس مدارس حكومية عامة، وبأنه درس فى جامعة هارفارد، وبعدها أكسفورد، مما يبعده عن فهم مشاكل وقضايا حياة الطبقة الوسطى الأمريكية. ويتهمه المرشح بيرنى ساندرز بالسعى للحصول على تبرعات مالية من الأغنياء وأصحاب الشركات وول ستريت، وبأنه سيدافع عن مصالحهم حال وصوله للبيت الأبيض.
***
ومن المفارقة أن يقف بوتيدجيدج (38 عاما) إلى جوار السيناتور بيرنى ساندرز (78 عاما) فى مناظرات الحزب الديمقراطى. وارتبط بوتيدجيدج فى ريعان شبابه بأفكار السيناتور ساندرز، إذ كتب ورقة بحثية فى المدرسة الثانوية امتدح فيها مواقف ساندرز التقدمية والمستقلة عن توجهات الحزب الديمقراطى والجمهورى، والتى تناصر الفقراء وتعادى شبكات مصالح المال والأعمال. واليوم وبعد أكثر من عشرين عاما على مدح سجل ساندرز، يقف بوتيدجيدج، الأصغر فى السن بأكثر من عشر سنوات من أولاد ساندرز وبايدن، منافسا صلبا لهما ولبقية المرشحين التقدميين والتقليديين، مطالبا بالحصول على بطاقة الحزب الديمقراطى متعهدا بهزيمة ترامب وإخراجه من البيت الأبيض.

كاتب صحفى متخصص فى الشئون الأمريكية ــ يكتب من واشنطن

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved