مظلة الصحفيين

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 20 مارس 2017 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

حطت المعركة الانتخابية فى نقابة الصحفيين أوزارها، وها نحن أمام نقيب جديد ومجلس مكتمل الأركان بعد التجديد النصفى الذى عكس رغبة عارمة لدى الجمعية العمومية فى التغيير، فلم يبق من نصف أعضاء المجلس القديم سوى عضو واحد، وغادر خمسة من الزملاء مقاعدهم التى ظل فيها البعض لأكثر من ثمانى سنوات متصله، فيما تلاشى الصوت النسائى بشكل تام وهى الخسارة الكبرى فى تقديرى التى منيت بها النقابة هذه المرة.
هذه الرغبة فى تغيير الوجوه، هل توازيها رغبة مماثلة فى تغيير الطريقة وقواعد اللعبة التى تدار على أساسها النقابة منذ سنوات طوال؟ وهل سنرى تحولا حقيقيا فى التعامل مع المشكلات المتراكمة التى تواجه النقابة فى واحدة من الفترات الصعبة التى لا نقول تمر بها قلعة الحريات ومعقل أصحاب الرأى، بل مصر ذاتها التى تواجه حزمة من التحديات على الصُعُدِ كافةً السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والأمنية.
اليوم يتسلم الزميل عبدالمحسن سلامة (وهو رفيق دراسة وابن دفعتى بكلية الإعلام جامعة القاهرة) دفة تسيير الأمور وإلى جواره مجلس أعتقد أنه متوافق فى غالبيته مع النقيب، وبما يسهل عليه عملية اتخاذ القرار، ويعطيه فرصة التروى وعدم الخضوع للضغوط التى تتسبب عادة فى ارتكاب الأخطاء، فى واحدة من النقابات التى تعد ترمومترا لقياس حالة التطور التى وصل إليها العمل العام فى مصر.
وبعيدا عن حالة التشنج والعصبية التى قد تنتاب هذا الفريق أو ذاك وقت المعركة الانتخابية من انصار كل مرشح وخاصة على مقعد النقيب، لا نريد شيطنة من رحلوا، ولا خلق العداء المبكر مع من جاءت بهم الجمعية العمومية بغض النظر عن طريقة كل مرشح فى الحشد واستدعاء المؤيدين.
المؤكد أننا أمام حالة من التعبير الصادق عما آلت إليه مصر ومؤسساتها بعد نحو ست سنوات على ثورة 25 يناير، وما نتج عنها من سيولة، تصل حد الفوضى أحيانا، فى العمل العام، حيث تتشابك وتتقاطع مؤثرات عديدة فى الانتخابات، ونقابة الصحفيين لن تكون جزيرة منعزلة عما يدور.
نود أن نبنى على ما قاله النقيب السابق يحيى قلاش لحظة إعلان النتيجة، من أنه سيكون جنديا فى الجمعية العمومية، وأنه يمد يده لمساندة النقيب الجديد عند الحاجة، فى مقابل الروح التى أبداها سلامة، من رد التحية بمثلها، والإعراب عن تقديره للنقيب المغادر ودوره فى قيادة المرحلة السابقة، والتأكيد على الخبرات الواسعة التى يتمتع بها قلاش.
ومن هنا أقول للزميل العزيز عبدالمحسن سلامة، أن النقابة يتراكم عطاء مجلسها، وأداء النقباء من جيل إلى جيل كما تتراكم الطبقات الجيولوجية عبر السنين، ولأن التضاريس تعبيرعما فعلته الأيام فى المكان، نتوقع أن يبنى النقيب الجديد على الأسس والعمد التى صنعها من سبقوه، وأن نرى المزيد من الأدوار فى البناء ذاته الذى وضع الأباء المؤسسون للنقابة لبناته، وأضاف إليه من أتى من بعدهم بجهد وعرق كل جيل.
ونتوقع أيضا أن تكون قرارت وخطوات النقيب الجديد ومجلسه تكمل تلك التى اتخذت من قبل، وأن نتخلص من إرث فرعونى بغيض، يقوم على محو ما خلفه السابقون.
نقابة الصحفيين صرح وطنى، وواحدة من مؤسسات الدولة، وركن ركين من اركانها، ومظلة تجتمع تحت سقفها عقول وأفكار، أفرزها مجتمع يتطلع إلى غد أفضل، وحمل أصحابها أمانة الكلمة الحرة الصادقة التى تبنى ولا تهدم، وتتنافس فى رفع صوت الحق والعدل والخير والجمال، ومحاصرة القبح، ودفع الظلم والأذى عن الناس، والانتصار للمظلوم فى وجه ظالميه، وهو لعمرى أمر عظيم، ومسئولية نتطلع إلى نقيب ومجلس يدرك حجمها وقادر على تحمل تبعاتها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved