أين الجامعة العربية من وباء كورونا؟!

من الفضاء الإلكتروني «مدونات»
من الفضاء الإلكتروني «مدونات»

آخر تحديث: الجمعة 20 مارس 2020 - 10:15 م بتوقيت القاهرة

نشرت مدونة «ديوان» التابعة لمركز كارنيجى آراء لبعض الخبراء العرب والأجانب حول تراخى جامعة الدول العربية عن مواجهة وباء كوفيدــ19، إضافةً إلى طرح الكثير من التساؤلات الأخرى من ضمنها التساؤل حول فائدة الجامعة.. نعرض منه ما يلى.

يقول مروان المعشر، وزير خارجية الأردن الأسبق، إذا ما أثبت وباء كوفيدــ19 شيئا فهو أن عالمنا بات مترابطا ومُعتمدا على بعضه البعض أكثر من أى وقت مضى. وهذا يعنى أنه لم يعد فى مقدور أى بلد على حدة أن يكون فعّالا فى مجابهة التحديات التى غالبا ما أضحت إقليمية ودولية. أما بالنسبة إلى جامعة الدول العربية، فإن ميثاقها صُمِّم بحيث تبقى هذه المنظمة هشّة بنيويا، عبر تضمينه بندا ينص على أن كل القرارات يجب أن تُتّخذ بالإجماع. كما أن الميثاق يتبنى تعريفا ضيّق الأفق حيال مسألة سيادة كل دولة. كل هذا يعنى أن المنظمة نادرا ما تمكّنت من لعب أى دور بنّاء، سواء إزاء قضايا سياسية على غرار منع حرب 2003 على العراق، أو مسائل صحية ككوفيدــ19، أو معظم المسائل الأخرى.
وأضاف أن جامعة الدول العربية هى من مخلفات فكر القرن العشرين، وبالتالى فهى عاجزة عن التعامل والتصدى لتحديات القرن الحادى والعشرين. وهذا يعنى، وهنا الأهم، أنه فى ضوء تحوّل العديد من هذه التحديات إلى قضايا إقليمية وعالمية، بات لزاما التعاطى مع هذه المسائل خارج أطر الهياكل الإقليمية الشكلية. لذا، تحتاج الدول الأعضاء فى الجامعة إلى امتلاك الإرادة السياسية لتغيير الميثاق وإعادة صوغ المنظمة بطريقة جذرية وعميقة. وما لم يحدث ذلك، ستواصل جامعة الدول العربية التركيز فى الغالب على إصدار البيانات بدلا من حل المشاكل الحقيقية.
يقول حازم صاغية، كاتب ومحلل لبنانى، أن وباء كوفيدــ19 مثال آخر على عدم فائدة جامعة الدول العربية. فهذه المنظمة لم تتمكّن قط من وقف أى حرب بين الدول الأعضاء ولا أى حرب أهلية داخل أى بلد عربى. كما أنها فشلت فى إقامة أى شكل من أشكال التعاون الاقتصادى الملموس بين الدول العربية، ولم تعزز أى مجهود عربى دوليا. هذا علاوةً على أنها لم تحسّن صورة العالم العربى عالميا (على الرغم من أن هذه الصورة فى نظر معظم العرب قد تبدو أحيانا أكثر أهمية مما هى فى الحقيقة).
وأضاف أن مشكلة الجامعة البنيوية هى حصيلة أربعة أنواع من القصور والعيوب: أولا، أن مصر لم تعد «قائدة» العالم العربى. وثانيا، أن درجة التفكّك داخل العديد من البلدان العربية تجعل من أى جهد عربى مشترك مجرد أوهام باذخة. وثالثا، أن الصراعات العربية ــ العربية فى اليمن وسورية وليبيا وأماكن أخرى أهم بكثير من المصالح المشتركة بين العرب. رابعا، وأخيرا، أن إيران تدخّلت بنجاح فى قضايا يُفترض أنها شئون عربية، وحصدت بعض التحالفات المكينة والوازنة.
الآن، حين نضع كل هذه العوامل فى سلة واحدة، يبدو من الغباء توقّع وجود أى أمل فى هذه المؤسسة البائسة.
أما فولكر بيرتس، وهو مدير ورئيس مجلس إدارة المعهد الألمانى للشئون الدولية والأمنية فى برلين، يقول إن مساهمة جامعة الدول العربية الأساسية كمنت حتى الآن للحد من انتشار وباء كوفيدــ19 فى إلغاء القمة العربية التى كانت مقررة فى مارس 2020. لكن الواقع أنه يمكن مُسامحة المراقبين الذين يشتبهون بوجود أسباب أخرى للتخلى عن القمة فى الذكرى الـ75 لميلاد الجامعة. وعلى أى حال، ليس هناك الكثير مما يمكن الاحتفاء به فى كلٍّ من الهدف العام للمنظمة ــ تعزيز التعاون الاقتصادى والسياسى والأمنى ــ وفى طبيعة ردودها على الأزمات، على غرار الوباء الراهن.
ويضيف فولكر ــ حول جدوى بقاء الجامعة ــ أن من الأفضل وجود منظمة إقليمية تسمح بالقليل من التنسيق، بدلا من لا شيء. ثم: فى مرحلة ما، قد يعيد القادة العرب إطلاق جامعة الدول العربية لتكون مؤسسة أكثر فعالية، على غرار الاتحاد الإفريقى. بيد أن أى إصلاح يتطلّب أكثر من مجرد إطلاق مبادرة من لدن الأمانة العامة للجامعة: إذ مثلها مثل أى منظمة إقليمية، ليس فى وسع جامعة الدول العربية أن تكون جيّدة إلا بمقدار ما تسمح به الدول الأعضاء.
النص الأصلى: https://bit.ly/2xRQ5Y2

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved