خطوة على الطريق الصحيح!

خالد سيد أحمد
خالد سيد أحمد

آخر تحديث: الجمعة 20 مارس 2020 - 10:10 م بتوقيت القاهرة

الحديث المتزايد عن ضرورة إطلاق سراح المسجونين، خوفا عليهم من إمكانية تعرضهم للإصابة بفيروس كورونا المستجد، الذى يهاجم شعوب العالم شرقا وغربا بلا رحمة، يعد منطقيا وإنسانيا خصوصا لما نعرفه عن حال سجوننا من تكدس وازدحام وإمكانات محدودة فى الجانب الطبى.
وحسنا فعلت الحكومة بإطلاق سراح خمسة عشر من الناشطين وأساتذة الجامعات وأعضاء الأحزاب السياسية، والمتهمين على ذمة قضايا سياسية، خلال اليومين الماضيين، وهى خطوة جيدة فى الطريق الصحيح ينبغى البناء عليها خلال الفترة المقبلة، طالما أن الاتهامات التى تلاحق الكثير من المتهمين هى قضايا تتعلق بحرية الرأى والتعبير، ولا تتعلق بالإرهاب أو التحريض على العنف وإثارة الكراهية والفوضى.
وفى الظروف الحالية التى يجتاح فيها هذا الفيروس الغامض القاتل دول العالم، يصبح الحديث عن تخفيف التكدس فى السجون، قضية إنسانية فى المقام الأول، وهكذا ينبغى النظر إليها، ولا يجب أن يتحول إلى حملات إعلامية منظمة، مثلما نشاهد على قنوات إخوانية تبث من تركيا ومعها قناة الجزيرة القطرية، تجعل من الموضوع نوعا من المناكفة والمتاجرة السياسية، التى اعتدنا رؤيتها من جانب جماعة الإخوان منذ عام 2013، حيث يتم استغلال أى حدث أو قضية تطفو على السطح، لتصفية الحسابات مع السلطة الحالية، مما يفرغها على الفور من معانيها الإنسانية السامية.
لا يجب أن يكون هناك استغلال سياسى رخيص لحدث يهز ضمير ووجدان العالم، وينغص على الملايين حياتهم، ويدفعهم إلى التخلى عن الكثير من الأمور التى اعتادوا عليها.. فاللجوء إلى مثل هذا الأسلوب الرخيص فى التعامل مع هذه الأزمة الإنسانية العالمية، يكشف عن هوى البعض.. والهوى غلاب وفاضح فى أحيان كثيرة، بحيث يجعلهم لا يختلفون كثيرا عن تجار الحروب الذين يستغلون الكوارث والأزمات التى تحدث من أجل تحقيق مكاسب خاصة بهم!
لا يصح أن نتحدث عن حقوق المساجين والخشية من أن يصيبهم الوباء فى زنازينهم، والبعض من جماعة الإخوان يخرج على مواقع التواصل الاجتماعى بالصوت والصورة، محرضا كل من لديه أعراض «كورونا» على نقلها لرجال القضاء ومدينة الإنتاج الإعلامى وضباط الجيش والشرطة.
لا يصح أيضا أن يتم ترديد إشاعات كثيرة عن انتشار الفيروس فى مصر، مثل مدينة ووهان الصينية فى ذروة توغله فيها قتلا وإصابة، والترويج لإحصائيات غير دقيقة تماما، كتلك التى كتبتها الجارديان والنيويورك تايمز، عن وصول عدد المصابين فى البلاد إلى 19 ألف مصاب!.. كذلك لا يجب أن يتفاعل البعض مع مذيع تابع لهم فى قناة الجزيرة، يكتب على حسابه على موقع تويتر أن «حكومة السيسى تنكر، بينما تتحدث الصحافة العالمية عن تفشى فيروس كورونا فى مصر، فهل تؤيد إرسال لجنة دولية لتقصى حقيقة الوضع الصحى للشعب المصرى؟».
على أية حال، وبعيدا عن هذه المهاترات، ينبغى على مؤسسات الدولة المختلفة، إيجاد آلية مناسبة لتقليل التكدس فى السجون، ووضع سيناريوهات كثيرة للتعامل مع المستجدات التى يمكن أن تحدث، حال ــ لا قدر الله ــ تفشى الوباء فى هذه الأماكن، عبر إطلاق سراح الكثيرين مما لا يشكلون خطرا على المجتمع خصوصا الغارمين والغارمات وكبار السن الذين يعانون من أمراض ومشاكل صحية مزمنة وكذلك من المسجونين على ذمة قضايا تتعلق بحرية الرأى والتعبير.
نعلم أن أسلوب تعامل الحكومة مع هذه الأزمة التى سببت إرباكا وقلقا لمختلف دول العالم، اتسم منذ البداية بالشفافية، ولم تلجأ إلى سياسة التعتيم أو الإخفاء أو الإلهاء، بل اتخذت سلسلة من الإجراءات المتدرجة، تتناسب بشكل كبير مع طبيعة انتشار الفيروس فى البلاد، مثل تأجيل المدارس والجامعات وتقليل عدد العاملين بالهيئات والمصالح الحكومية ووقف حركة الطيران وإغلاق المطاعم والكافيهات والمولات التجارية من السابعة مساء وحتى السادسة صباحا.
هذه القرارات الحكومية المتدرجة التى تتم بدون تهويل أو تهوين، تسير بالتوازى مع الجهود الكبيرة التى تقوم وزارة الصحة فى الكشف عن المصابين بالفيروس والتقصى الواسع عن الحالات المخالطة لها، الأمر الذى ساهم إلى حد كبير فى إبقاء الوضع تحت السيطرة حتى هذه اللحظة.
نأمل فى استمرار هذا النهج الحكومى فى التعامل مع مختلف المشكلات والأزمات التى تواجهنا، وأن تكون الشفافية والوضوح والمصارحة، هى أساس العلاقة مع الشعب، حتى لا يلجأ إلى منصات الشر الإعلامية لمعرفة ما يدور فى بلده، فتدس له السم فى العسل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved