حرب تجنيد المشاعر

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الأربعاء 20 أبريل 2011 - 9:46 ص بتوقيت القاهرة

 بدون شك تسعى إسرائيل لأن تطرح نفسها وبقوة سينمائيا على المستوى العالمى، ولأنها تدرك أن ما يشهده مجتمعها من الداخل من صراعات وتوجهات متضاربة لا يمكن أن يشكل مناخا موائما للترويج لما يقدمه سينمائيوها من أفكار وموضوعات فى أفلامهم تحسن من صورة السياسة والمواطن الإسرائيلى، فإنها ارتأت أن تكون السوق الخارجية هو الهدف الأهم، ووجدت فى المحافل السينمائية الدولية والمهرجانات الكبرى سبيلا لاختراق وجدان وعقل جماهير وزوار هذه المهرجانات.

المهمة الإسرائيلية لم تتوقف فحسب عند طرح نفسها سينمائيا، وإلى أى مدى وصل مبدعوها من السينمائيين إلى مرحلة نضج كبير.. ولكن فى المهمة أيضا جزء يلعب بالمشاعر الإنسانية ويتلاعب بها عبر الأفكار والقصص الإنسانية التى تطرحها أفلامها، والتى وإن اختلفت حكاياتها تصب فى قيمة الحب والإيمان بالسلام والرهان على أن يعيش الجميع فى بيت واحد كبير، وطبعا معظم القصص يغلفها حوار سينمائى روحانى بين فتاة إسرائيلية وشاب فلسطينى أو العكس، وكم أن تعنت رجال السياسة وإرث العداء الشعبى يمكن أن يقف حائلا دون إتمام الحب بين الطرفين حتى لو فى زمن الحرب، وهناك قصص أخرى توحى بتبرئة عسكر إسرائيل من همجية الطغيان على المواطن الأعزل، وقصص أخرى تدينهم من باب جلد الذات.. وثالثة تكشف النوايا الحسنة لعمليات التجسس، ولكن فى النهاية هناك دائما لغة يمكنها أن تغير الصورة السوداء للاستعمار الإسرائيلى كعدو محتل وغسل أيديهم الملطخة بدماء الأبرياء، تلك الصورة، التى تكمن فى إعلانهم الاستعداد للتعايش السلمى وإذابة الجميع فى دولة واحدة، أو التطبيع من أجل الإنسانية ليس فقط بين إسرائيل وفلسطين لكن أيضا بينها وبين مصر ولبنان.

السينما الإسرائيلية وجدت فى السوق الخارجية أو المهرجانات الدولية الكبرى ضالتها للعب دور كبير لخدمة الدولة، واستخدام السينما لخدمة الرؤية الإعلامية وهناك إصرار بعد أن جاءت الرسالة بنتائج كبرى، فهناك فيلم إسرائيلى فى المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائى الدولى هذا العام، وثلاثة أفلام فى مهرجان تريبكا الذى يبدأ اليوم، وكذلك مشاركات فى آخر دورات مهرجانات برلين وفينسيا وكان ولندن، ورغم أن التاريخ الحديث للسينما الإسرائيلية أصبح مرصعا بجوائز تلك المهرجانات عبر أفلام بديعة فنيا مثل «العرض الأخير»، و«لبنان»، و5 ترشيحات للأوسكار على أفضل فيلم أجنبى منها فيلم «عجمى» و«بوفور» و«الرقص مع بشير» و«وزيارة الفرقة» الذى صفق معه جمهور مهرجان كان لمدة 20 دقيقة من اجل السلام ــ إلا أن السينمائيين والسياسيين يرون أن تجنيد مشاعر وأحاسيس نقاد وجمهور العالم ما زالت تحتاج للدفع بقصص جديدة مشوقة ومؤلمة، وهو ما سنراه بالطبع فى مهرجانات أخرى جديدة.. ولا عزاء لرؤية سينمائية عربية فى تلك المهرجانات

أو فى حرب الصراع على المشاعر

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved