الحرب بين مصر والسعودية

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 20 أبريل 2016 - 9:50 م بتوقيت القاهرة

مازال أمام المسئولين فى مصر فرصة للتراجع عن اتفاق التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير إلى السعودية وتجنيب الشعبين المصرى والسعودى الشقيقين حربا أراها قادمة إذا أصروا على الاتفاق الذى يواجه رفضا شعبيا ملحوظا.

فهؤلاء المسئولون يرتكبون خطيئة كبرى عندما يتصورون أن اتفاق «الجمعة الحزينة» الذى تنازلوا بموجبه عن الجزيرتين لصالح السعودية ينهى مشكلة محتملة بين القاهرة والرياض، لأنه ببساطة سيخلق كارثة مؤكدة للبلدين.

وفى ظل الرفض الشعبى الملحوظ للاتفاق وشعور البعض بالإهانة من طريقة التوصل إلى الاتفاق المشئوم وطريقة إعلانه، قد يضطر خليفة الرئيس عبدالفتاح السيسى بعد انتهاء ولايته وبعد تغير الظروف الراهنة إلى إلغاء الاتفاق فتصبح الحرب قدرا محتوما.

وحوادث التاريخ تقول إن هذا السيناريو هو الأقرب للحدوث إذا لم تتراجع السلطة عن الاتفاق الذى مايزال «عقدا ابتدائيا غير موثق». فقد أجبرت إيران تحت حكم الشاه عندما كانت شرطى الخليج العراق على توقيع اتفاقية الجزائر عام 1975 لترسيم الحدود والتنازل عن شط العرب. ولم يمر سوى 5 سنوات حتى تغيرات المواقع وأصبحت «إيران الثورة الإسلامية» تحت حصار الغرب، فمزق الرئيس العراقى صدام حسين الاتفاقية التى كان قد وقعها بنفسه كنائب للرئيس العراقى فى ذلك الوقت وتشتعل الحرب التى استمرت 8 سنوات وخلفت نحو مليون قتيل وبددت نحو 400 مليار دولار.

سيناريو مشابه وقع بين الصين واليابان عندما أجبرت الإمبراطورية اليابانية الصين على توقيع «معاهدة شيمونوسكى» عام 1895 والتنازل عن جزيرة تايوان والجزر الملحقة بها (بما فيها جزر دياو يو) التى تسميها اليابان جزر سنكاكو. ومرت السنون واشتعلت الحرب العالمية الثانية وتلقت اليابان الهزيمة فاستردت الصين هذه الجزر مرة أخرى دون اتفاق مقبول من اليابان، التى استغلت تحالفها مع أمريكا فوقعت اتفاقا يعطى أمريكا السيطرة على هذه الجزر ليستمر النزاع حول هذه الجزر الثمانى الصخرية غير المأهولة والتى لا تزيد مساحة أكبرها عن 4 كيلومترات.

كما تسبب النزاع بين ليبيا وتشاد على شريط حدودى اسمه «قطاع أوزو» فى سلسلة حروب بين البلدين فشلت فى منعها الاتفاقيات الثنائية التى كان يتم التوصل إليها تحت تهديد السلاح تارة وبإغراءات البترودولار الليبى تارة أخرى. ولم يتم غلق هذا الملف إلا بعد صدور حكم من محكمة العدل الدولية بأحقية تشاد فى الإقليم عام 1994.

الأمثلة عديدة والخطر واضح لكل ذى عينين. ومع ذلك مازالت الفرصة سانحة لوأد فتنة تيران فى مهدها، فتوحى السلطة التنفيذية لحلفائها فى مجلس نوابنا الموقر برفض الاتفاق لنعيد التفاوض حول مصير الجزيرتين مع الأشقاء السعوديين، مفاوضات حقيقية يسعى فيها كل طرف إلى إثبات أحقيته فى الجزيرتين أو إحداهما، وليس تلك المفاوضات المزعومة التى كان الجانبان يتسابقان فيها من أجل إثبات سعودية الجزيرتين. وبعد هذه المفاوضات الجادة وربما بعد اللجوء إلى التحكيم لن يكون مهما لدى الشعبين مشكلة فى أن تكون الجزر مصرية أو سعودية، حتى بالنسبة لهؤلاء الذين يؤمنون بمصريتها وأنا منهم.

أخيرا إصرار السلطة فى مصر على تمرير الاتفاق يعنى ببساطة وضع لغم كبير أمام مستقبل العلاقات المصرية السعودية سيتحمل حكامنا ومن والاهم من الإعلاميين والسياسيين المسئولية الكاملة عنه وعن انفجاره المحتوم الذى لا يعلم عواقبه إلا الله.


أشرف البربرى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved