خمس قضايا تهدد أمن إسرائيل فى المستقبل

مواقع عربية
مواقع عربية

آخر تحديث: الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 10:24 م بتوقيت القاهرة

نشر مركز الحوار العربى بواشنطن مقالا للكاتب غسان ميشيل ربيز تحدث فيه عن تغافل المجتمع الدولى عن الجرائم التى ترتكبها إسرائيل وإفلاتها الدائم من العقاب، إلا أن هذا التعامل الاستثنائى من المجتمع الدولى أدخل إسرائيل فى خمس تهديدات ستؤثر على أمنها فى المستقبل... نعرض منه ما يلى:

أثار عمل إسرائيل التخريبى لمنشأة نطنز الإيرانية النووية فى 11 أبريل عدة أسئلة. يبدو أن تل أبيب تعيش فى مناخ استثنائى يسمح لها بالإفلات من العقاب، وحتى الآن نجحت فى الإفلات من عواقب احتلالها للأراضى الفلسطينية وتشريد سكانها الأصليين بالإضافة إلى الاغتيالات السياسة وعمليات التخريب المتكررة على أراض أجنبية. لماذا يدير المجتمع الدولى وجهه عن اختراقات إسرائيل للمعايير الدولية، معيارا وراء آخر؟
الشعور بالذنب بسبب ما عاناه اليهود، على أيدى الأوروبيين إلى حد كبير، قد يلعب دورا فى تليين المواقف الدولية تجاه الدولة اليهودية. يُنظر أيضا إلى إسرائيل كحامى المصالح الغربية العسكرية والاقتصادية فى الشرق الأوسط المضطرب والغنى بالموارد. بالنسبة للبعض، ما حققته إسرائيل فى التقدم التكنولوجى يمنحها سمعة «الفائز الذى لا يخطئ». دافعت إسرائيل عن نفسها بذكاء، سواء بالسلاح أو بالخطاب. لكن إلى متى يمكن لإسرائيل أن تحتفظ بهذه الحماية فى عالم متغير، أصبحت فيه معايير حقوق الإنسان أكثر صرامة وتطورت فيه الديموغرافيا والدبلوماسية؟
يتساءل أقرب حلفاء إسرائيل الآن عما إذا كانت إسرائيل هى الدولة نفسها التى عرفوها وأعجبوا بها منذ عقود. الإفلات من العقاب له حدود؛ وسجل تل أبيب أصبح من الصعب تجاهله. ويبدو أن القادة السياسيين الحاليين لإسرائيل فقدوا القدرة على حماية مستقبل دولتهم. استمرار هذه الدولة، التى تبدو قوية من الخارج ولكنها هشة فى جوهرها، يثير القلق.
هناك خمس قضايا تهدد مستقبل إسرائيل: (1) علاقة تل أبيب غير المتوازنة مع واشنطن، (2) عقلية الاستحقاق الاستثنائيــ خاصة فيما يتعلق بمسائل الدفاع النووى، (3) نهج مخادع للحرب والسلام، (4) نظام اجتماعى هجين بين الديمقراطية والاستعمار، (5) تحول جذرى فى أيديولوجية الحكم من الاشتراكية الأوروبية إلى نموذج دينى صارم.
الحدث الأخير يوضح الخطر، إن لم يكن السخرية، فى علاقة غير متوازنة تتجاهل الولايات المتحدة. عندما بدأت الولايات المتحدة فى إحراز بعض التقدم فى التفاوض مع طهران بشأن الاتفاق النووى الأسبوع الماضى، هاجمت إسرائيل منشأة نطنز النووية الإيرانية. هذا العمل الاستفزازى صعد فرص الحرب بين إيران وإسرائيل، ويمكن أن يجر أمريكا إلى صراع له عواقب وخيمة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التى تتحدى فيها تل أبيب نهج واشنطن فى العلاقات الدولية.. يمكن الإشارة إلى ظاهرتين هنا؛ أولا فى حين أن أمن إسرائيل يعتمد على الولايات المتحدة إلا أن إسرائيل هى من لها اليد العليا فى هذا التحالف، وبالأخص فى قضايا الشرق الأوسط. ثانيا، بينما تحصل إسرائيل على النصيب الأكبر من المساعدات الخارجية الأمريكية، ولكن فيما يتعلق بالسياسة الخارجية تتصرف إسرائيل كأنها تقدم هبات، والولايات المتحدة هى المستفيد.
التهديد الثانى لمستقبل إسرائيل هو معاييرها المزدوجة. على سبيل المثال، تتهم إسرائيل إيران بمحاولاتها امتلاك قنبلة ذرية لمحو إسرائيل من الخريطة، بينما تتمتع تل أبيب بامتياز فريد لامتلاك ترسانة هائلة من الطاقة الذرية. هل من الآمن أن تحصل إسرائيل على هذا الامتياز الذري؟! يبدو أن القوى العالمية تفترض أنه يجب الوثوق بإسرائيل فى امتلاكها للقنبلة النووية، ولكن ليس إيران... فى الواقع، الشرق الأوسط سيكون آمنا إذا خلى من الأسلحة النووية.
المفارقة العجيبة تكمن فى التهديد الثالث؛ صنع السلام بيد وشن الحرب بيد أخرى. بينما يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو بشن هجمات على إيران ذات الأغلبية الشيعية، يتفاخر بالسلام السطحى الذى حققه مع دول الخليج العربى السنية من خلال اتفاقيات إبراهام. قد يؤدى السلام الذى تنظمه إسرائيل مع دول الخليج العربى إلى حرب إقليمية بين إيران الشيعية وحلفائها من جانب، ودول الخليج العربى وداعميهم من جانب آخر.
التهديد الرابع يتعلق بأساسيات الديمقراطية. الديمقراطية فى جوهرها هى نظام سياسى مصمم لدمج المساواة مع الحرية، ولكن هذه ليست الحالة مع إسرائيل... إسرائيل تدعى أنها «الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط» وتتجاهل احتلالها المستمر منذ خمسة عقود للضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان السورية ومناطق الحدود البحرية اللبنانية الغنية بالنفط – تجاهل كل هذا الظلم يسىء من سمعة الديمقراطية. علاوة على ذلك، تتحول إسرائيل إلى دولة فصل عنصري؛ فقد تجاوز عدد السكان الفلسطينيين الخاضعين للحكم أو السيطرة الإسرائيلية عدد السكان اليهود، ناهيك عن وجود خمسة ملايين لاجئ فلسطينى يعيشون فى ظروف صعبة فى الدول العربية المجاورة.
التهديد الخامس يتعلق بالإيديولوجيا. لقد تغير نهج إسرائيل فى الحكم بشكل جذرى عبر السنوات. بدأت إسرائيل كدولة مبنية على مبادئ الاشتراكية الأوروبية، ولكنها تغيرت على مدى سبعة عقود من وجودها إلى دولة تخضع بشكل متزايد لسيطرة الأصولية الدينية الحريدية. الغالبية فى إسرائيل اليوم محافظة سياسيا، أو تميل فى هذا الاتجاه، بينما فى الشتات قد يكون العكس هو الصحيح... هذه الفجوة الخطيرة آخذة فى الاتساع.
نسيت إسرائيل فى ظل المعاملة الاستثنائية من قبل المجتمع الدولى أن الامتيازات غير المبررة تخضع لقانون تناقص العائدات... على أصدقاء إسرائيل القلق والحذر، ويبدو أنهم كذلك.
إعداد: ابتهال أحمد عبد الغني

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved