كوارث وأخطار

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: الجمعة 20 مايو 2016 - 9:30 م بتوقيت القاهرة

نعيش فى عالم معاصر لا تتوقف كوارثه، ولا تنتهى الأخطار التى يضعنا فى معيتها، ولا يتراجع حصاره اليومى لنا بمشاعر الحزن والأسف.

طائرة ركاب ماليزية يسقطها صاروخ أثناء عبورها لمنطقة نزاع فى أوكرانيا (٢٠١٤)، طائرة ركاب ماليزية ثانية تسقط فى المحيط الهندى أثناء رحلة إلى الصين ولا يعثر على حطامها إلى اليوم (٢٠١٤)، طائرة ركاب ألمانية يحطمها عمدا ويقتل من كانوا على متنها طيار يمر بأزمة نفسية (٢٠١٥)، طائرة ركاب روسية يسقطها فوق سيناء عمل إرهابى (٢٠١٥)، والآن طائرة مصر للطيران التى تحطمت فوق البحر المتوسط (٢٠١٦). والحصيلة هى مئات الضحايا الذين تسبب فى قتلهم أو موتهم أمر اعتيادى يفعله الكثير منا بانتظام، السفر جوا.

بل إن القتل تارة والموت تارة أخرى صارا فى ملاحقة محمومة لنا فى العديد من مساحات الحياة اليومية. يسقط ضحايا فى تفجيرات إرهابية آثمة تتنقل مواضعها بين المساجد والمطارات، بين محطات المواصلات العامة والمقاهى. يموت كثيرون من جراء طبيعة تظهر لنا باستمرار محدودية سيطرتنا عليها، وترهبنا بزلازل وبراكين غير متوقعة أو بأعاصير نتوقعها ولا ننجح دائما فى تجنب طاقتها التدميرية. ينتزع كثيرون آخرون من حياتهم اليومية دون رجعة، تارة بفعل استخدامات صناعية وتكنولوجية غير آمنة أنتجتها بشرية مغرورة من تشيرنوبيل (١٩٨٦) إلى فوكوشيما (٢٠١١)، وتارة بسبب قصور عمدى فى الأداء البشرى كحوادث القطارات المتكررة فى مصر وبلدان أخرى.

نعيش فى عالم معاصر نعجز فيه عن التغلب على مشاعر الحزن والأسف التى تحاصرنا، عالم لا تتراجع به وتائر الكوارث الإنسانية تماما كما تتصاعد به فظائع الإبادة والحرب والإرهاب والتشريد والتهجير والظلم والتى لنا منها اليوم فى بلاد العرب «نصيب الأسد»، عالم يفرض علينا الاستيقاظ منهكين على وقع قوائم الضحايا وعذابات ذويهم.

هنا ليس من ينكرون فظائع الإبادة وجرائم الحرب كتلك التى يواصل ارتكابها ديكتاتور سوريا، ومن يستخفون بالمظالم المروعة كتلك التى تحيط بنا فى مصر، ومن يمارسون التشفى المقيت فى كوارث ككارثة طائرة مصر للطيران ويستغلونها سياسيا سوى مرضى نزعت عنهم المشاعر الإنسانية وتحللوا من كل قيمة أخلاقية وسقطوا إلى غير رجعة فى اغتيال العقل والضمير.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved