ظاهرة الكلاب الضالة
عمرو هاشم ربيع
آخر تحديث:
الخميس 20 مايو 2021 - 10:20 م
بتوقيت القاهرة
ما زالت مشكلة الكلاب الضالة تشكل ظاهرة غاية فى السوء فى شوارع المدن فى ربوع مصر. مشكلة الكلاب الضالة ليست بعيدة عن مشكلة وجود الكلاب عامة، سواء الضالة أو غير الضالة فى شوارع مصر وبيوتها.
بالنسبة للكلاب غير الضالة يبدو أن أمرها أخف وطأة من الظاهرة الكبرى المتعلقة بالكلاب الضالة. فالكلاب غير الضالة يحتاج أمرها لبعض التنظيم المتعلق بالكمامات، وضوابط السير فى الشوارع، ومسألة تركها فى البالكونات أو فوق الأسطح تنبح وتسبب إزعاجا للجيران. والأكبر والأكثر إيلاما هو تركها تعقر المارة فى الشوارع عن قصد أو عدم قصد، أو تلوث الأماكن بمخلفاتها، خاصة مع قيام أصحابها باصطحابها فى الشوارع والأماكن العامة بغرض قيامها بعملية الإخراج. فى هذا الشأن ربما يحتاج الأمر إلى تشريع يجبر أصحاب تلك الكلاب على ضرورة ترخيصها وإجبارهم على وضع تلك الرخص فى أطواق حول رقبتها، وإقرار أصحابها إبان الترخيص على المسئولية الكاملة عن تصرفاتها إزاء الغير.
نعود للمشكلة الأهم وهى الكلاب الضالة التى كثرت فى السنوات القليلة الماضية، وأصبح التخلص منها عن طريق القتل يعرض القائم بذلك للوضع تحت طالة القانون، خاصة بعد أن كثرت الجمعيات التى تحمى الحيوانات، وكل ذلك لدواعى الرفق بالحيوان، حتى لو كان ذلك يتم أحيانًا على حساب حقوق الإنسان المنتهكة أصلا فى أكثر من جانب وناحية.
منذ سنوات ونحن نسمع عن السعى لوضع استراتيجية للقضاء على مرض السعار 2030، وهى استراتيجية فى صميم عملها القضاء على تلك الظاهرة المسيئة بجميع الوسائل القانونية. هذه الاستراتيجية لم يعلن عنها حتى اليوم، ويتم الحديث عنها تارة أنها موجودة وتارة بصيغة المجهول وكأنها فى طور الإعداد.
لكل ما تقدم تصبح المسئولية الكاملة للقضاء على الكلاب الضالة تقع على عاتق مديريات الطب البيطرى، والمحافظات، والتنمية المحلية، ومراكز البحوث، ولجنة الزراعة والرى بمجلس النواب. وتلك الأخيرة تحديدًا سبق لها أن ناقشت الموضوع عام 2019، ثم ما لبث أن عاد للإدراج المغلقة بحلول برلمان 2020.
أن وجود الكلاب بكم كبير فى الشوارع، والمظهر غير الحضارى وغير اللائق الذى تخلفه، وترويع الآمنين خلال السير خاصة السيدات والأطفال لا سيما وقت المساء عن طريق العقر أو النباح وخلافه، والمخلفات التى تتركها فى الطرق، وغيرها من مشكلات هى أهم ما يمكن أن يقال عن تداعيات تلك الظاهرة السيئة.
قديما قالوا هناك فرق بين الكلب والخروف، الأول يلد 6 ــ 10 من الجراء، والثانى يلد 1 ــ 2 من الحملان، لكن البركة مطروحة فى الثانى، لذلك تجد الأخير أكثر عددًا، كونه مفيدا للإنسان من جميع الجوانب. اليوم انقلبت الآية، أصبحت الكلاب تفوق عدد الخراف مرات ومرات، والسبب طبعًا ليس فقط فى غياب البركة التى اندثرت فى تلك الأيام، قدر ما هو أيضًا غياب المقاومة التى كادت تقضى على الكلاب، أو تعدد الأسباب التى تجعل منها ظاهرة مستشرية بكثافة.
واحد من الأمور التى يجب أن يتم تفعيلها للقضاء على تلك الظاهرة المؤلمة، التعقيم، بمعنى ضرب الكلاب بحقن مخدرة، يتم بعدها تعقيمها فى الحال، وتترك لتكون آخر جيلها، وهذه الطريقة المفترض أن تقوم بها هيئة الطب البيطرى التى قليلا ما تستجيب لدعوات المتحدثين والشاكين بإنقاذهم من الكلاب الضالة.
الطريقة السابقة لا تغنى عن مواجهة تجمعات القمامة المتواجدة سواء أمام المنازل أو صناديق التجميع المتواجدة بالشوارع والتى يهمل جمعها من مسئولى الأحياء والمدن بالأيام، حتى تفيض بالرائحة الكريهة وتسبب الأمراض وتقوم الكلاب والنباشون ببعثرتها، الأول للغذاء والثانى لجمع ما يحتاجه النباش. هناك أيضًا مقالب القمامة أو أماكن التجميع، حيث تترك القمامة فى العراء دون فرز، ما يجعلها مصدرا مهما لغذاء الكلاب ومن ثم كثرتها.
الأمور المتصلة بمواجهة ظاهرة الكلاب الضالة تحتاج لنفقات كثيرة حتى يتم القضاء على تلك الظاهرة. واحد من الطرق المهمة لجمع تلك النفاقات يعتمد على فرض رسوم على استيراد الكلاب، وفرض رسوم على تصنيع غذاء الكلاب، وكذلك فرض رسوم على إصدار رخص الكلاب الخاصة. بحيث يتم من خلال تلك الأموال وغالبًا أصحابها من المقتدرين، مواجهة ظاهرة الكلاب الضالة. لكن كل ما سبق لا يغنى عن الإفصاح عن ظاهرة مكافحة السعار من قبل معديها، وتنشيط وتفعيل عمل هيئة الطب البيطرى، والأهم من كل ذلك تفعيل وسائل الرقابة الإدارية والمحاسبة السياسية للضرب على يد كل المقصرين عن استشراء تلك الظاهرة وتركها دون مقاومة.