دولة يهودية.. شكرًا للدروز

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الجمعة 20 مايو 2022 - 11:11 م بتوقيت القاهرة

تسفي برئيل*

زعيم الطائفة الدرزية فى إسرائيل الشيخ موفق طريف طرح حجتين مثيرتين للدهشة فى مقال نُشر قبل أيام فى «يديعوت أحرونوت». الأولى، أن «أبناء الطائفة الدرزية ليسوا مرتزقة، وليسوا ضيوفا فى هذه الدولة»، والثانية: «أطالب بتعديل قانون القومية، كوننا مواطنين فى هذه الدولة، وُلدنا فيها وبنينا حياتنا فيها». هاتان الحجتان تثيران الدهشة لأنهما بديهيتان، كأنهما تقولان «أنا إنسان لأننى إنسان».
لكن ما يثير الدهشة أكثر أن الشيخ طريف يعرف جيدا أن المواطن الدرزى (أو المسلم، أو المسيحى، أو الأرمنى، أو البهائى) ليس مثل أى شخص آخر فى الدولة اليهودية. لا يكفى أن تكون وُلدت فى الدولة وخدمت فى الجيش، أو ساهمت اقتصاديا فى قيامها وازدهارها، كى تحصل على المساواة. إذ يجب أن يتوافر شرط أساسى: أن تكون يهوديا. لا يوجد تفسير آخر لقانون القومية حتى لو تم تعديله بصورة تمنح الدروز مكانة خاصة، كاقتراح وزير المال أفيجدور ليبرمان.
هذا الاقتراح بالذات، ربما أكثر من أى بند آخر تضمنه القانون ــ يشوه أساسه. ونظرا إلى أن القانون ألغى مبدأ المساواة الذى منحته وثيقة الاستقلال لكل مواطن فى دولة إسرائيل، فإن أى خروج عن هذا المبدأ، حتى لو كان هدفه تحسين وضع قطاع معين أو طائفة معينة، يجعل من مبدأ المساواة جائزة تُقدَم لقاء سلوك جيد، وفيما يتعلق بالدروز، مكافأة على الخدمة فى الجيش. ولو لم يُكشَف اسم العقيد محمود خير الدين الذى قُتل فى عملية فى خان يونس، ثمة شك فى أن ليبرمان كان سيقترح تعديل القانون والاعتراف بالأخطاء لدى صوغ قانون القومية.
هذه المعادلة لا أساس لها من الصحة. لأنها من الناحية النظرية، تسمح للمسلمين والمسيحيين والبدو، وكذلك لمن أتوا من الاتحاد السوفيتى من غير اليهود ــ من الذين يخدمون، أو خدموا فى الجيش ــ بالمطالبة بمساواتهم بالدروز (فى حال حصولهم على المساواة). وعندما يكون معيار منح «تعويض المساواة» لغير اليهود هو الخدمة العسكرية، أو «أخوة الدم»، حينها، يمكن منح المساواة بصورة فردية وليست طائفية أو لقطاع معين، كأن المقصود هدية فى مقابل مدى مساهمة المواطن الأمنية.
هذه العبثية التى يثيرها اقتراح ليبرمان يمكن انتقادها إلى ما لا نهاية. لكن فى الوقت عينه، لا يمكن تجاهُل مساهمة الدروز فى إنعاش عدم المساواة فى الدولة. عندما يكتب الشيخ طريف أن «محمود شكل فى حياته ومماته صورة عن المواطن الدرزى الإسرائيلى الفخور بطائفته، الفخور بوطنه وبدولته»، فإنه يعزز قوة «معادلة الدماء» ويعارض المقولة الصحيحة والمحقة، بأنه «لا يمكن الدفع قدما بقانون القومية من دون التطرق إلى كل مواطنى الدولة الذين قبلوا الدولة وقبلوا وثيقة الاستقلال». ويجب على كل مَن قبِل وثيقة الاستقلال أن يرفض بشدة قانون القومية الذى يلغى مبدأ المساواة الذى تستند إليه الوثيقة، حتى لو حصلت طائفته على تقديمات فى تصاريح البناء، أو زيادة فى الميزانيات.
لكن الخلاف أكبر من مسألة وضع الدروز، أو الضرر الذى تعرض له قطاع دينى وطائفة بسبب قانون القومية، فهو يدل على مدى خواء تعريف الدولة بأنها «دولة يهودية وديمقراطية». عندما تكون أجندة الدولة وسبب قيامها يهوديا، فإنها ستسعى دائما لتقليص مكانة غير اليهود. مثل هذا التعريف يشكل تهديدا لهوية أى أقلية، سواء خدمت فى الجيش أو قُتل أفرادها فى عملية جريئة من أجل الدولة. فى مثل هذه الدولة، وبحكم طبيعتها، يجب أن يكون هناك تمييز وحصرية، لأنها من دون ذلك تخاف على تفكُك سبب وجودها. مثل هذه الدولة لا يمكن أن تعتبر نفسها ديمقراطية، ولا حتى محترمة.

محلل سياسي*

هآارتس

مؤسسة الدراسات الفلسطينية

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved