البلد محتاجة رجل اقتصاد

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 20 يوليه 2016 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

عندما تتبنى الحكومة سياسات اقتصادية فتكون نتيجتها ارتفاع معدل التضخم إلى 15 % تقريبا وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار من 6.5 جنيه لكل دولار عام 2013 إلى 8.88 جنيه لكل دولار الآن أى ما يزيد عن ربع قيمة العملة المصرية بالأسعار الرسمية، ويتضاعف الدين العام المحلى ليصل إلى نحو 2.5 تريليون جنيه ويزيد الدين الخارجى إلى نحو 50 مليار دولار، وغير ذلك من المؤشرات التى تقول إن الاقتصاد المصرى يسير من سيئ إلى أسوأ، فهذا لا يعنى إلا أمرا واحدا وهو أن الحكومة تتبنى سياسات اقتصادية فاشلة.

وقد لا يعيب الحكومة، أى حكومة، أن تتبنى سياسات معينة ثم لا تحقق النتائج المرجوة أو حتى تحقق نتائج غير مرجوة، لكن ما يعيبها حقا، بل ويهدد شرعيتها هو الإصرار على هذه السياسات وهو ما نراه بالفعل فى حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسى.

فما نراه يشير إلى إصرار غير مبرر من الحكومة على السياسات التى لم تحقق سوى المزيد من الفشل الاقتصادى، وأيضا غير الاقتصادى. فالحكومة لا ترى أى وسيلة لمواجهة الأزمة الاقتصادية إلا بمزيد من الاقتراض داخليا وخارجيا من ناحية وفرض المزيد من الأعباء على المواطن البسيط من ناحية أخرى. فلا نسمع الآن إلا كلاما عن ضريبة القيمة المضافة وضرورة زيادة أسعار الخدمات الحكومية من مياه وكهرباء ووسائل مواصلات وزيادة الرسوم الحكومية المختلفة، باعتبارها الدواء المر الذى يجب أن نتجرعه، رغم اننا تجرعنا هذا الدواء مرارا وتكرارا منذ الثمانينيات دون أن نحقق الرخاء الذى نحلم به، وكان أقصى ما نجح فيه هذا الدواء هو إبقاء المريض المصرى على قيد الحياة.

والحكومة تصر على مشروعات «عملاقة» ميزانيتها بعشرات المليارات دون أن تخرج علينا بدراسة جدوى واحدة لأى من هذه المشروعات، ولا حتى قالت لنا من أجرى دراسات الجدوى لهذه المشروعات التى لم يكن لها أى مردود إيجابى على أداء الاقتصاد حتى الآن، بدءا من مشروع «قناة السويس الجديدة» وصولا إلى مشروع «1.5 مليون فدان».

فى المقابل فإن الاستثمارات الحكومية فى مجالات البنية التحتية وبخاصة الكهرباء والطرق حققت وتحقق مردودا جيدا. فلا أحد ينكر التحسن الذى شهده قطاع الكهرباء خلال العامين الأخيرين ولا التحسن الذى تشهده شبكة الطرق فى البلاد وهو ما يمكن البناء عليه فى تطوير الاقتصاد ككل لأنه لا نهضة اقتصادية بدون شبكة طرق عصرية وإمدادات طاقة كافية.

وما بين التحسن هنا، والتعثر والفشل هناك، تبقى النقطة الأهم وهى أن مصر يبدو أنها تتحرك بدون «عقل اقتصادى» أو «بعقل اقتصادى قاصر» غير قادر على المضى بها فى الطريق الصحيح وإلا لما وصل الاقتصاد إلى ما وصل إليه حاليا من تدهور غير مسبوق.

ما نحتاجه هو إعادة نظر شاملة فى السياسات الاقتصادية الراهنة بعد أن أظهرت البيانات والمؤشرات فشلها، والبحث عن «رجل اقتصاد» يتولى إدارة هذا الملف بصلاحيات واسعة وبتفويض واضح لا لبس فيه كما فعلت معظم الدول الصاعدة التى خرجت من دائرة التخلف الاقتصادى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved