لا تشمتوا فى الموت

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 20 أغسطس 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

من حق أى شخص أن يختلف مع الإخوان كما يشاء، من حقه أن يراهم مجرمين وإرهابيين، ناهيك عن كونهم فاشلين، ومن حقه أيضا أن يطالب بحل جمعيتهم وجماعتهم، لكن الذى ليس من حق أى أحد ان يطالب بإبادتهم لمجرد أنهم إخوان.

عندما تتعاطف مع مكلوم أو مفجوع بغض النظر عن دينه أو عرقه أو انتمائه السياسى فأنت إنسان.

ليس إنسانا من لم يتعاطف مع المتهمين الإخوان الذين قتلوا خنقا فى سيارات ترحيلات الشرطة إلى سجن أبوزعبل.

الأمر ببساطة أن هؤلاء المتهمين يمكن أن يكونوا ارتكبوا العديد من الجرائم وغسلوا الكثير من عقول الأبرياء، بل يمكن ثبوت أنهم ارتكبوا كل أخطاء وخطايا الدنيا، ورغم ذلك فلا يحق لى أو لك أن نقتلهم خارج إطار القانون.

سوف يعتبر الكثير من الزملاء والأصدقاء كلماتى السابقة نوعا من الرومانسية، وقد يتم اتهامى بأى تهمة شائعة هذه الأيام، كل ذلك لا يهم بل القضية ألا نفقد إنسانيتنا تحت أى مبرر.

ما حدث فى محيط سجن أبوزعبل لا بد أن يخضع لتحقيق عادل وشفاف، التفاصيل التى قيلت غير كافية ومرتبكة وتثير الكثير من علامات الاستفهام أكثر مما تقدم من إجابات.

للأسف هناك البعض الذين لا يشعرون بأى وخز فى ضمائرهم لمجرد أن المتهمين إخوان.

لنفترض أن هناك جريمة حدثت فى سجن أبوزعبل، أليس من الأفضل أن نطالب بالتحقيق حتى لا تتكرر فى الغد ليس ضد الإخوان ولكن ضد من نحب ونهوى؟ هل وقتها سيحق لنا أن نلوم الداخلية، بل هل سنستطيع أن نلومها أصلا؟

هناك شىء غامض يحدث منذ 3 يوليو، كأن هناك قوى تريد أن تفسد على هذا الشعب فرحته بإسقاط حكم الإخوان. هل لاحظ أحدكم أنه بعد عزل مرسى بخمسة أيام وقعت مذبحة الحرس الجمهورى، ثم وبعد ساعات من خروج غالبية الشعب ليقول لا للإرهاب فى26 يوليو، فوجئنا بمذبحة منصة طريق النصر، وعندما بدأت مسيرات الإخوان تتراجع، فوجئنا بكارثة سجن أبوزعبل.

ربما تكون كل الهواجس هى مجرد ظنون من كثرة التفكير فى نظرية المؤامرة، لكن المؤكد أن وزارة الداخلية وأفرادها يحتاجون عقيدة عمل مختلفة وفترة تأهيل وتدريب طويلة.

الشرطة لعبت دورا مهما فى مكافحة العنف والإرهاب وقدموا شهداء كثيرين آخرهم فى سيناء أمس، لكن ذلك شىء والممارسة العشوائية شىء آخر.

قد يكون الإخوان يحاولون الاستفادة من أى حمام دم ليتاجروا به عالميا.. لكن إذا كانوا كذلك، فلماذا تعطيهم وزارة الداخلية الفرصة. لا بد أن تتأكد الحكومة من مدى كفاءة أفراد الشرطة الذين يتصرف بعضهم فى الأيام الأخيرة بغشومية منقطعة النظير.

وبغض النظر عن التفاصيل فالأهم ألا نفقد إنسانيتنا مهما اختلفنا. هذه الإنسانية تحتم علينا جميعا أن نحترم هيبة الموت ولا نشمت فى الموتى.

صباح الأحد قرأت شماتة غريبة من أحد المواطنين فى موقع إلكترونى فى موت ابن الدكتور محمد بديع ولم أصدق نفسى، مثلما قرأت لبعض المحسوبين على التيار الإسلامى شماتة فى موت بعض أفراد الجيش فى حادث مرورى على طريق إسكندرية مطروح قبل أسابيع.

رحم الله كل من سقط فى هذه الأحداث المأساوية، رحم الله نجل محمد بديع وابنة محمد البلتاجى وكل جنود وضباط الشرطة والقوات المسلحة.

لنختلف كما نشاء فى السياسة لكن رجاء لا تفقدوا إنسانيتكم، ولا تشمتوا فى الموت.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved