الأم الظل فى حياة آلانا

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: السبت 20 سبتمبر 2014 - 8:25 ص بتوقيت القاهرة

آلانا مارتين Alana saarinen شابة فى مقتبل حياتها تمارس رياضة الجولف وتعشق الموسيقى وتجيد عزف البيانو وتخرج مع مجموعة من أصدقائها فى عطلة نهاية الأسبوع، إلى هذا الحد تسير الأمور طبيعية فى حياة آلانا ككل البنات والأولاد من جيلها لكن الواقع أن هناك شيئا فى حياتها تختلف تماما وقد يدهشك أن تعرفه. كل خلية فى جسد آلانا تختلف عن الخلايا المماثلة فى جسد كل من حولها! آلانا واحدة من عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة تحمل حمضا نوويا فى خلاياها يأتى من ثلاثة أشخاص وليس من اثنين كالعادة.

«يقول الكثيرون إن لى ملامح وجه أمى وعينى أبى. أنا حقا أحمل تذكارا من امرأة أخرى لكنى لا أعتبرها أما ثانية أو فردا ثالثا فى عائلتى. أنا أحمل فقط بعضا من أثرها يسمى الميثوكوندريا». هكذا عبرت آلانا بتلقائية وبساطة عن صورة من أعقد صور الخلق فى تاريخ البشرية منذ أن سواها سبحانه وتعالى على الأرض.

تتكون الخلية البشرية من نواة تحمل الحامض النووى DNA وجدارا للخلية يضم مادة هلامية هى السيتوبلازم (Cytoplasm) داخلها النواة وكيان متناهى فى الصغر يعد بمثابة مصنع الطاقة التى تدفع الخلية للعمل وممارسة نشاطاتها المختلفة تطلق عليه (ميتوكوندريا) Mitochondris.

غياب تلك الكيانات الصغيرة أو تشوهها بصورة ما يؤدى لعيوب خلقية فى جهاز الوليد التنفسى تستحيل معها الحياة. بفكرة علمية عبقرية تم فيها نقل بعضا من سيتوبلادم خلية سليمة من سيدة أخرى لبويضة الأم وتلقيحها خارج الجسم بحيوانات منوية من الأب وإعادتها للرحم ليكتمل الحمل وتولد آلانا ولادة طبيعية بخلايا تحتوى على ميتكوكوندريا طبيعية سليمة لا شبهة عليها ولا مرض تسببت فيه. العملية أجريت فى الولايات المتحدة الأمريكية حيث تعيش آلانا الآن لكن الحكومة الفيدرالية أوقفت تماما الأبحاث المتعلقة بها وحظرت إعادة إجرائها لأسباب تراها أخلاقية!

حديثى اليوم عن آلانا يرجع إلى بداية أبحاث أعلن عنها هذا الشهر فى بريطانيا البلد الذى أطلق منه لويزا براون على العالم مبتسمة لتعلق عن بداية عصر أطفال الأنابيب. الأبحاث بدأت بالفعل فى بريطانيا وإن لم تعلق نتائج بعد وإن كنت أظنها قد سجلت بالفعل. الإعلان عن الأبحاث تضمن أيضا إشارة إلى جلسات مكثفة للعلماء القائمين عليها وخبراء فى مجال أخلاقيات الطب. إذا نجحت إنجلترا فى الإعلان عن صيغة توافقية بين الفكرة العلمية المدهشة وقواعد الأخلاق وأصول المهنة أظنها تسجل انتصارا عزيزا للعلم والحياة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved