ألمظ وعبده الحامولى

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 20 سبتمبر 2019 - 11:15 م بتوقيت القاهرة

الهدف من كتابة هذه الحلقات هو البحث عن الأفلام المجهولة فى تاريخ السينما، وأن تتمكن الأجيال الجديدة من مشاهدتها، والتعرف عليها باعتبار أن اليوتيوب صار يتيح لنا مشاهدتها، حسبما ووقتما نريد، وأنا لا أتصور بالطبع أن فيلم «ألمظ وعبده الحامولى» لحلمى رفلة 1962 يدخل ضمن هذا الإطار، هو يعرض بشكل متكرر، وهو فيلم لطيف ملىء بأغنيات وردة، وعادل مأمون، لكننى متأكد تماما أن الناس لم تشاهده لأن الحقائق التى ذكرها الفيلم، الذى ينتمى فى المقام الأول إلى الفيلم التاريخى، كل هذه الوقائع ليست صحيحة، وأنا أتكلم باعتبارى شاهدت الفيلم للمرة الأولى وأنا فى بدايات سن الصبا، وأن عام 1962 كان يمثل فترة لتشويه جميع حكام مصر السابقين خاصة أسرة محمد على، ورأيت حسين رياض يؤدى دور أفندينا زير النساء، وهو المفروض أنه حاكم مصر الذى ملأها بالإنجازات والمشاريع العظيمة، والمثير للاستنكار أن حسين رياض جسد شخصية الرجل الثرى الذى يعشق النساء خاصة شفيقة القبطية فى فيلم يحمل اسم الراقصة فى الفترة نفسها، كما أن هناك أفلاما عديدة ومسرحيات ومسلسلات، تشير إلى أن أفندينا فى تلك الفترة كان يضع النساء فى أولوية اهتماماته، وأنه يضع أجساد النساء فى المقام الأول قبل السياسة والحكم، مثلما رأينا فى فيلم «شفيقة ومتولى» ومسرحية «سيدتى الجميلة» ومسلسل «بوابة الحلوانى».
بالنسبة للخديوى إسماعيل فإن أسمهان أوسعته مديحا لإنجازاته الكبرى من أجل مصر، فى فيلم «غرام وانتقام» ليوسف وهبى 1944، وكان جيلنا قد تشبع بما فيه الكفاية من معلومات مغلوطة فى كتب المدرسة، حتى تعددت القراءات وتنوعت، وشاهدت فى الفترة الأخيرة الكثير من الحلقات التليفزيونية الوثائقية عن «حكاية وطن»، وكان من المهم أن ننبه الناس أن السينما تتعدى حدود التسلية، وأنك يجب أن تجهز المراجع عقب مشاهدة مثل هذه الأفلام حتى تتلقى الفن ويمكنك فرزه، وللأسف فإن بيننا وبين الستينيات ستين عاما، وأن الآلاف ممن شاهدوا الفيلم لا يعرفون شيئا عن إنجازات أسرة محمد على، ولا يعرفون أن ابنه الخديوى توفيق سدد ديون مصر من أموال الأسرة الحاكمة، وليس من مصدر آخر.
إنه السم فى العسل، سم بطىء المفعول، وأرى أنه يجب معرفة الكثير من الحقائق عن أفلامنا التاريخية، مثل ماذا فعل الظاهر بيبرس بالسلطان سيف الدين قطز عقب انتصار عين جالوت
المشكلة أن الأجيال لا تعرف سوى أن الحقيقة هى التى ذكرها الفيلم، ولا يعلم أحد بالمرة أن أوبريت الأسرة العلوية قد تمخفه منذ ستين عاما، وأن التكرار عبر الأعمال الفنية فى فترات زمنية اعتمدت أن رجال الأسرة العلوية كانوا من عشاق العلاقات المحرمة نسويا، وأن أمجاد قرن ونصف من الزمان المصرى كان يتم فى مخادع الحريم، وليت هذه فقط منجوات الأسرة، فإذا كانت هناك إشارة فى الفيلم أن عبده الحامولى قضى على المستقبل الفنى لزوجته حيث تزوجها كى يمنعها من الغناء، فإن الفيلم لم يتوقف كثيرا عند مصير الفنان الرجعى فى أفكاره وشاهدناه هنا وسط الثوار الذى أسقطوا أفندينا وصار زعيما لهم، وهذا أمر لم يحدث فى الواقع.
أكتب هذا المقال فقط بهدف التركيز أن أفلاما كثيرة صدقناها ينطبق عليها مقولة «هذا الفيلم به سم قاتل للحقيقة».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved