أفغانستان مصدر صداع لإيران

دوريات أجنبية
دوريات أجنبية

آخر تحديث: الإثنين 20 سبتمبر 2021 - 8:55 م بتوقيت القاهرة

 

نشرت مجلة Foreign Policy مقالا للكاتب كيفجن ليم، تناول فيه التحديات والفرص التى تواجه إيران بعد استيلاء طالبان على حكم أفغانستان... نعرض منه ما يلى:

فى اليوم الذى استولت فيه طالبان على كابول، رحب الرئيس الإيرانى الجديد إبراهيم رئيسى «بالهزيمة العسكرية والانسحاب» للولايات المتحدة. لكن على الرغم من سعادة إيران بسحب القوات الأمريكية من حدودها الشمالية الشرقية، فإن إمارة أفغانستان الإسلامية تطرح مجموعة أخرى من التحديات التى يتردد صناع القرار فى طهران فى الخوض فيها علانية. وبقدر ما دعمت إيران طالبان فى السنوات الأخيرة لمواجهة المتطرفين السنيين، فإن السيناريوهات المقلقة لطهران تشمل انقلاب طالبان ضد إيران أو ضد الأقلية الشيعية فى أفغانستان وكذلك شبح الجهاد السنى الذى ينتشر غربا.
وسعيا للتأثير فى أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكى، استضافت طهران وفدا من ممثلى طالبان من المكتب السياسى المؤقت للجماعة فى الدوحة بقيادة الملا عبدالغنى بردار، الذى يشغل حاليا منصب النائب الأول لرئيس الوزراء فى أفغانستان. ويبدو أن القيادة الإيرانية قد حددت فصيلا براجماتيا من المحتمل أن يكون على تواصل مع الجناح السياسى لطالبان. وحتى لو لم تتماشَ الأيديولوجيات الدينية، فإن إيران تقدم لحكام أفغانستان الجدد نموذجا للانتقال من حركة ثورية خشنة ــ رجعية ــ إلى هياكل دولة دائمة.
ومع ذلك، فى الأشهر الأخيرة، أثارت حركة طالبان آراء متناقضة من النخبة فى المؤسسة الإيرانية. حيث أشاد عضو البرلمان الإيرانى البارز، أحمد نادرى، بطالبان لتخليها المفترض عن الوهابية. ونشرت وسائل الإعلام الإيرانية التابعة للقيادة المتشددة أو الحرس الثورى الإسلامى، مثل كيهان، افتتاحية مماثلة تشيد بالتحول المفترض لطالبان. لكن لا يزال آخرون ينتقدون بشدة طالبان. مثلا حذر آية الله العظمى صافى جولبايجانى، رجل دين شيعى بارز، من «الوثوق بميليشيا لديها سجل من الحقد والقتل». كما غيرت كيهان تأييدها، رئيس تحريرها تابع وثيق للمرشد الأعلى، وحذرت من أن طالبان سعت إلى السلطة المطلقة والقمع العنيف للأقليات العرقية فى أفغانستان.
***
بينما تتشكل حكومة طالبان، فإن أقل ما تسعى إليه إيران هو علاقات العمل الودية. بعبارة أخرى، كما هو الحال فى العراق، تفضل طهران حكومة مركزية قوية بما يكفى لكبح جماح المتطرفين المتشددين السنيين، وفى نفس الوقت حكومة ضعيفة بما يكفى لتكون مرنة سياسيا ولا تشكل تهديدا عسكريا. يعرف قادة إيران أنه على الرغم من التطمينات، لا يزال بإمكان طالبان السنية أن تنقلب ضد إيران الشيعية.
ولتجنب حرب أهلية أخرى عبر الحدود، تواصل إيران التأكيد على الحاجة إلى حكومة أفغانية شاملة. قد يكون ذلك بعد فوات الأوان، فحكومة تصريف الأعمال المعينة حديثا فى كابول لا تضم أى أقليات عرقية، بل البشتون فقط. لكن حتى الآن، امتنعت طالبان إلى حد كبير عن مضايقة الهزارة، وخلافا لحكم طالبان قبل عام 2001، سمحت لهم حتى بالاحتفال بعيد عاشوراء.
فى أسوأ الحالات، فإن تجدد الحرب الأهلية من شأنه أن يهدد مرة أخرى الحدود الشرقية لإيران. يمكن أن يتدفق المزيد من اللاجئين واللاجئات والأسلحة والمخدرات عبر الحدود، فضلا عن المتطرفين الموالين لمجموعة من الميليشيات السنية المتطرفة. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت طالبان ستقوم بتأديب هذه الجماعات السنية المتطرفة وتكبح أنشطتها عبر الحدود.
فى كل الأحوال، يبدو أن رهان إيران الحذر تجاه التعاون مع طالبان يؤتى ثماره حتى الآن. فبناء على طلب طالبان، استأنفت إيران شحنات البنزين والديزل إلى أفغانستان. وبحسب ما ورد عادت تجارة إيران مع أفغانستان ــ تعد من أكبر خمسة أسواق للصادرات الإيرانية ــ إلى طبيعتها فى جميع المعابر الحدودية الرسمية الثلاثة. علاوة على ذلك، دعت طالبان إيران إلى حضور حفل تنصيب الحكومة الجديدة، إلى جانب باكستان والصين وروسيا وتركيا وقطر، لكن إيران ربطت الحضور بتصرفات طالبان.
فى المقابل، تحتفظ إيران بنفوذها فى أفغانستان من خلال لواء فاطميون، وهو وحدة قتالية أنشأها فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإسلامى الإيرانى للتدخل فى الحرب الأهلية السورية، يتألف اللواء من آلاف المقاتلين الشيعة الذين تم تجنيدهم بكثافة بين اللاجئين الأفغان فى إيران مقابل الحصول على الجنسية والمزايا الاقتصادية ــ رغم أنهم غالبا ما يكونون تحت الإكراه، بما فى ذلك التهديد بالترحيل. لكن فى 28 يوليو الماضى، نفى مسئول فاطميون تقارير تفيد بأن الوحدة ستعيد انتشارها فى أفغانستان ضد طالبان.
ومع ذلك، نظرا لأصول لواء فاطميون واحتمال أن يقاتل أفراده الآن للحصول على حصص حقيقية فى وطنهم بدلا من أن يكونوا بعيدا عن الوطن ويقاتلوا فى سوريا، يمكن لإيران نشرهم بسهولة فى أفغانستان إذا لزم الأمر. لكن فى الوقت الحالى، هذا سيناريو تريد إيران تجنبه.
***
بشكل عام، تمثل أفغانستان مشكلة متعددة الأطراف تتطلب استجابة إقليمية. وهذا يعزز مبرر إيران لقبولها كعضو كامل العضوية فى منظمة شنجهاى للتعاون (SCO). فإيران هى الجار المباشر الوحيد لأفغانستان دون العضوية الكاملة فى المنظمة، حيث لا يزال وضعها كدولة مراقبة. وقد اعترض أعضاء منظمة شنجهاى للتعاون، بما فى ذلك طاجيكستان وخاصة الصين، على العضوية الإيرانية. تشمل الأسباب، إحجام المجموعة عن أن يُنظر إليها على أنها مائلة علانية ضد الغرب (مع وجود روسيا والصين كأعضاء مؤسسين للمنظمة). ولكن الآن، أصبحت أفغانستان فى صميم مهام منظمة شنجهاى لمكافحة الإرهاب والتطرف والانفصالية بالإضافة إلى تعزيز الاستقرار الإقليمى، والذى قد يكون أكثر صعوبة دون إشراك إيران.
إجمالا، يمكننا القول أن إعادة تشكيل أفغانستان التى تديرها طالبان تمثل نقطة تحول فى سياسات المنطقة شبيهة بتدخل الولايات المتحدة عام 2001، وانهيار الاتحاد السوفيتى عام 1991، والانتفاضات العربية عام 2011. كل هذه الأحداث السابقة أجبرت إيران على التعامل مع التهديدات والفرص سريعة التطور.
ربما تكون الولايات المتحدة قد خسرت أفغانستان، ولكن ليس من الواضح ما إذا كان هذا مكسبا لإيران.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:
https://bit.ly/3Aq9DxV

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved