لماذا تتسلح القوات البحرية؟

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 20 أكتوبر 2017 - 9:25 م بتوقيت القاهرة

بعد الهزيمة المريرة التى تعرضت لها مصر على يد الإسرائيليين، فى ٥ يونيه، كانت البحرية الإسرائيلية تواصل العربدة فى المياه الإقليمية المصرية، لكن فى ٢١ أكتوبر ١٩٦٧ أى بعد النكسة بنحو ١٣٥ يومًا انطلق لنشان صواريخ من طراز «كوم» السوفيتية الصنع من قاعدة بورسعيد لتنفيذ مهمة التصدى للمدمرة إيلات.

الأول أصاب جانب المدمرة إصابة مباشرة، ولاحقها الصاروخ الثانى، وهكذا غرقت المدمرة إيلات على مسافة ١١ ميلًا بحريًا شمال شرق بورسعيد، فى الخامسة من مساء ٢١ أكتوبر، وكان عليها أيضًا طلبة الكلية البحرية الإسرائيلية فى رحلة تدريبية.

إغراق إيلات تم بصواريخ بحرية سطح سطح، وهو الأمر الذى مثل بداية مرحلة جديدة فى تطوير الأسلحة البحرية.

قبل إغراق إيلات وبالتحديد فى أول يوليو ١٩٦٧ حاولت المدرعات الإسرائيلية احتلال بورفؤاد، لكن قوات الصاعقة المصرية تصدت لها، وأفشلت المحاولة، وهكذا بدأت فعليًا حرب الاستنزاف بعد هزيمة يونيه بأقل من ٢٥ يومًا.

رأس العش وإيلات كانتا التمهيد الحقيقى للانتصار فى ١٩٧٣، لأن الرسالة التى وصلت للإسرائيليين هى بأن المصريين لن يستسلموا.

يوم الخميس الماضى حضرت احتفال القوات البحرية بعيدها فى مقر قيادة هذه القوات فى رأس التين بالإسكندرية، بحضور رئيس الجمهورية، والفريق أول صدقى صبحى، وزير الدفاع، والفريق محمود حجازى، رئيس الأركان، وقادة القوات المسلحة، ورئيس الوزراء، شريف إسماعيل، والوزراء والشخصيات العامة.

فى هذا اليوم رفع الرئيس الرئيس عبدالفتاح السيسى العلم المصرى على قاعدة الإسكندرية بعد تطويرها، وإضافة ٤ وحدات جديدة تعزز قدرة القوات البحرية فى حماية المياه الاقتصادية والإقليمية، وهى حاملة الطائرات الميسترال من طراز السادات، والغواصتان الألمانيتان الصنع رقمى ٤١ و٤٢ من طراز ١٤٠٠/٢٠٩، ثم الفرقاطة «الفاتح» طراز جويند فرنسية الصنع.

لفت نظرى قول العقيد ياسر وهبة وهو يقدم فقرات الاحتفال بأن وحداتنا البحرية قادرة على الانطلاق إلى أعماق الأعماق فى أى نقطة يمكن أن تؤثر على الأمن القومى المصرى.

القوات البحرية المصرية عمرها الآن أكثر من قرنين من الزمان؛ حيث بدأت فعليًا مع محمد على باشا، ثم واصلت التطور حتى وصلت إلى مستوى محترف الآن عبر تطوير القواعد البحرية وبناء الأرصفة والموانئ وتوسيعها ومضاعفاتها وزيادة الغاطس بها وإنشاء حواجز الأمواج وبناء مهابط الطائرات، وصولًا إلى التدريب المشترك مع بلدان عربية وأجنبية مثل السعودية «مرجان»، والإمارات «زايد»، والبحرين «حمد٢»، والأردن «العقبة»، واليونان «ميدوزا»، وفرنسا «كليوباترا»، وأمريكا «النجم الساطع»، وروسيا «جسر الصداقة»، إضافة إلى دورها فى مواجهة الإرهاب بسيناء، والمشاركة فى عملية «عاصفة الحزم وإعادة التأمل» فى اليمن.

كثيرون يسألون ما هى حاجة مصر لشراء مدمرات وفرقاطات وسفن حربية فى حين أننا لا نحارب أحدًا، وعلاقتنا بإسرائيل جيدة بل ونعانى من مشاكل اقتصادية صعبة؟!

كتبت هذا الموضوع كثيرًا، ولا مانع من التكرار، فتقوية القوات البحرية فى غاية الأهمية، لأن مهمتها الأساسية الآن، هى حماية حقول الغاز المكتشفة فى البحر المتوسط بكميات كبيرة خصوصًا حقل ظهر.

هناك قوى كثيرة تتلمظ على هذه الحقول، وبالتالى يلزم وجود قوة ردع تحمى هذه الثروة، ومهما كانت علاقتنا بإسرائيل هادئة، فمن المهم أن تكون قواتنا على أهبة الاستعداد فى أى وقت، لأنهم هم العدو الرئيسى والأساسى الذى لا يهدد مصر فقط، ولكن الأمن القومى العربى، هناك أيضا مكافحة الإرهاب ومواجهة الهجرة غير الشرعية.
ثم أننا نحتاج دائمًا لوجود قوات مسلحة قوية تحافظ على حصتنا فى مياه النيل. لا أقصد أن نهدد إثيوبيا أو نحاربها غدًا، بل ليدركوا أن تهديد حقوقنا المائية لن يمر مرور الكرام، لو أن كل دولة فقيرة وأوضاعها الاقتصادية توقفت عن التسلح.. فسوف تتعرض للهجوم فورًا، هل سأل أحدكم نفسه يومًا: لماذا تتسلح إريتريا وهى فقيرة جدا، ولماذا تتسلح إثيوبيا، ولماذا يتسلح الجميع رغم أن بعضهم يواجه مشاكل اقتصادية أيضا؟! وهل فكرنا فيما يحدث فى هذه المنطقة؟!.

ثم إننى سمعت يوم الخميس الماضى أن تطوير القوات البحرية يتم بعيدًا عن ميزانية الدولة.

بالطبع علينا الموازنة بين التسلح والأولويات الأخرى، لكن المهم أن نضمن أن كل من يهدد أمننا القومى يدرك أننا جاهزون للردع.

كل التحية للقوات البحرية فى عيدها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved