تتعرض الولايات المتحدة للهجوم من جانب رئيسها

صحافة عالمية
صحافة عالمية

آخر تحديث: الأحد 20 أكتوبر 2019 - 10:00 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا للكاتب ويليام ماكرايفن تناول فيه حضوره لحدثين أقيما فى الولايات المتحدة الأمريكية أوضحوا كيف أن الأمريكيين والجنود يبذلون أقصى الجهود فى خدمة دولتهم ولكن مواقف الولايات مع حلفائها بدأت تدفع بتيار من الإحباط والغضب داخل صفوفهم مما يضعف من قوة الولايات المتحدة داخليا وخارجيا... ونعرض منه ما يلى:
«الأسبوع الماضى حضرت حدثين ذكرانى لماذا نحن نهتم بهذه الأمة ولماذا يعد مستقبلنا فى خطر. كان الحدث الأول مراسم تغيير للقيادة لوحدة تابعة للجيش حيث يقوم فيها الفريق الأول بتمرير سلطته إلى آخر. الحدث الثانى كان عبارة عن احتفال سنوى لجمعية مكتب الخدمات الاستراتيجية تكرم فيه الأعضاء السابقين والحاليين فى جماعة الاستخبارات والعمليات الخاصة لبطولاتهم وتضحياتهم التى يقدموها للأمة. ما أدهشنى هو التناقض الكبير بين الكلمات والأفعال التى تم التبشير بها فى تلك الأحداث والكلمات والأفعال الصادرة عن البيت الأبيض.
فى ميدان العرض فى فورت براغ، والتى تعد أكبر قاعدة عسكرية فى العالم وتقع فى كارولاينا الشمالية، قام عشرات الآلاف من الجنود بمسيرة إما استعدادًا للذهاب إلى الحرب أو العودة منها، وأظهر الجنرالات ذوو الشخصيات القوية التواضع فى ذلك الوقت.
لقد أدركوا المسئولية الكبيرة التى وضعتها الأمة على أكتافهم. لقد أدركوا الالتزام الواقع عليهم لخدمة الجنود وعائلاتهم. لقد آمنوا بالقيم الأمريكية التى قاتلوا من أجلها على مدار العقود الثلاثة الماضية. كان لديهم إيمان بأن هذه القيم تستحق التضحية بكل شىء ــ بما فى ذلك حياتهم إذا لزم الأمر.
***
فى وقت لاحق من هذا الأسبوع خلال حفل عشاء بمكتب الخدمات الاستراتيجية، كانت هناك أفلام وشهادات عن بسالة الرجال والنساء الذين قاتلوا فى أوروبا والمحيط الهادئ خلال الحرب العالمية الثانية. تم الاحتفال أيضًا بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين ليوم النصر وتكريم الأمريكيين والحلفاء الذين ضحوا كثيرًا لمحاربة النازية والفاشية. لقد تم تذكيرنا بأن الجيل الأعظم ذهب إلى الحرب لاعتقاده بأننا كنا الأناس الطيبين ــ على أن أمريكا ستتواجد فى أى مكان به اضطهاد أو طغيان أو استبداد. ستكون أمريكا هناك لأن الحرية مهمة. ستكون هناك لأن العالم يحتاج إلينا وإذا لم يكن بحاجة إلينا، فمن إذن؟
وفى ذلك المساء أيضًا، أدركنا التضحية التى يقدمها الجيل الجديد من الأمريكيين. فكان هناك ضابط صف من القوات الخاصة بالجيش أصيب بجروح ثلاث مرات كلفته الأخيرة خسارة قدمه ولكنه كان لا يزال يرتدى الزى العسكرى ولا يزال يخدم. ولكن ما انصب التركيز عليه فى هذه الليلة هو التكريم الذى حصلت عليه بحارة شابة قتلت فى سوريا بينما كانت تخدم إلى جانب حلفاء الولايات المتحدة فى الحرب ضد داعش وتسلم زوجها الجائزة نيابة عنها... مثلها مثل الكثيرين الذين سبقوها، استجابت لنداء الأمة وضحت بحياتها.
لكل من خدم بالزى الرسمى، أو فى الاستخبارات، أو أولئك الدبلوماسيين الذين يعبرون عن مبادئ الأمة، أو من سعوا وراء الحقيقة، أو ملايين المواطنين الأمريكيين الذين نشأوا على الإيمان بالقيم الأمريكية ــ سترى انعكاسهم فى وجوه من كُرم فى هذا الأسبوع.
***
ولكن، خلف الإحساس الخارجى بالأمل والواجب الذى رأيته فى هذين الحدثين، كان هناك تيار من الإحباط والإذلال والغضب والخوف. كانت أمريكا التى آمنوا بها تتعرض للهجوم، ليس من الخارج، بل من الداخل.
لقد شاهد هؤلاء الرجال والنساء، من جميع المجالات السياسية، الاعتداءات على مؤسساتنا: على مجتمع الاستخبارات وتطبيق القانون، ووزارة الخارجية والصحافة. لقد رأوا قادتنا يقفون بجانب الطغاة يسردون الروايات التى يفضلونها. لقد رأوا كيف تخلت الولايات المتحدة عن حلفائها وخانتهم فى ساحة المعركة... بينما وقفت فى ساحة العرض فى فورت براج، أمسك بذراعى أحد الجنرالات المتقاعدين وهزنى وصرخ قائلا: «أنا لا أحب الديمقراطيين، لكن ترامب يدمر الجمهورية!».
علقت معى هذه الكلمات لمدة أسبوع. من السهل تدمير أى منظمة إذا كنت تجهل السبب وراء تقدم هذه المنظمة. لسنا أقوى دولة فى العالم بسبب حاملات الطائرات أو اقتصادنا أو مقعدنا فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. نحن أقوى دولة فى العالم لأننا نحاول أن نكون الأخيار. نحن أقوى دولة فى العالم لأن المثل العليا للحرية والمساواة العالمية يدعمها إيماننا بأننا أبطال العدالة، حماة الأقل حظا.
ولكن إذا لم تهتم الولايات المتحدة بقيمها التى تنادى بها وإذا لم تقم بمساعدة المستضعفين ومحاربة الطغيان والظلم.. ما الذى سوف يحل بالأكراد والعراقيين والأفغان والسوريين والروهينجا والسودانيين من جنوب السودان والملايين الذين يعانون من ظلم الطغاة وفشل دولهم.
إذا كانت وعودنا بلا معنى، فكيف يثق بنا حلفاؤنا؟ إذا لم نتمكن من الإيمان بمبادئ أمتنا، فلماذا ينضم رجال ونساء هذه الأمة إلى الجيش؟ وإذا لم ينضموا، فمن سيحمينا؟ إذا لم نكن أبطال الخير واليمين، فمن سيتبعنا؟ وإذا لم يتبعنا أحد ــ أين سينتهى العالم؟
يبدو أن الرئيس ترامب يعتقد أن هذه القيم غير مهمة أو تظهر الولايات المتحدة بأنها ضعيفة... ولكنه مخطئ. هذه هى القيم التى حافظت على هذه الأمة منذ 243 عامًا. إذا كنا نأمل أن نستمر فى قيادة العالم وإلهام جيل جديد من الشباب لدعم قضيتنا، فعلينا إذن أن نتبنى هذه القيم الآن أكثر من أى وقت مضى.
وإذا لم يستوعب الرئيس أهمية هذه القيم ولم يظهر الدور القيادى الذى تحتاجه الولايات المتحدة داخليا وخارجيا.. فهذا سيعنى أنه قد حان الوقت لوجود شخص جديد فى المكتب البيضاوى ــ جمهورى أو ديمقراطى أو مستقل ــ وكلما كان ذلك أسرع كلما كان أفضل... فمصير جمهوريتنا يعتمد عليه.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى

النص الأصلى

https://nyti.ms/2OWVJ1w

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved