ملاحظات على الجلسة الأولى

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 20 أكتوبر 2020 - 9:50 م بتوقيت القاهرة

فى كل المرات التى دخلت فيها مبنى البرلمان بشارع قصر العينى، سواء كان مجلس «نواب» أو شورى، فقد كان ذلك بصفتى الصحفية.
كنت أدخل هذا المبنى لأجرى حوارات أو أحصل على تصريحات وأخبار من رؤساء البرلمان أو كبار الأعضاء فيه. وآخر مرة دخلته العام الماضى لإجراء حوار مع الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب.
يوم الأحد الماضى، كان الأمر مختلفا، فقد دخلت لمجلس الشيوخ بصفتى الجديدة، كنائب ضمن المائة الذين عينهم الرئيس عبدالفتاح السيسى بقرار جمهورى يوم السبت الماضى.
حينما دخلت المبنى فوجئت باتصال من بعض الزملاء الصحفيين، يطلبون منى أن أتحدث معهم بصفتى نائبا، وهو شعور مختلف تماما. أذنى ليست متعودة حتى اللحظة على سماع تعبير النائب ملتصقا باسمى، وحينما يقولها لى بعض الزملاء أو الأصدقاء لا أملك الا الابتسام مندهشا.
طوال الجلسة التمهيدية كنت أتعامل باعتبارى صحفيا أدون كلمات أو ملاحظات، يمكن أن تصلح للكتابة عنها، ثم تذكرت أن وجودى فى هذا المكان ليس باعتبارى صحفيا، ولكن بصفتى الجديدة كنائب فى مجلس الشيوخ.
فى الجلسة الإجرائية كانت هناك مجموعة من الملاحظات الشكلية والموضوعية.
على مستوى الشكل كان النظام ملحوظا وجيدا. القاعة التى جرت فيها عملية الافتتاح ضيقة جدا ولا تستوعب كل الأعضاء، ولذلك جرى توزيع بقية النواب على الشرفتين يمينا ويسارا فى الدورين الثانى والثالث.
المستشار محمود إسماعيل الأمين العام للمجلس ونائبه المستشار وبقية الفريق المساعد، ابتكروا فكرة أن يكون هناك مقعد ثابت لكل نائب مكتوب عليه اسمه، والمعيار فى ذلك هو السن بمعنى أن المقعد رقم واحد هو للفريق جلال هريدى الأكبر سنا ومواليد عام ١٩٣٠. وآخر مقعد فى الدور الثالث للنائب محمود سمير عبدالجليل من مواليد ١٥ يونيه عام ١٩٨٥.
هذا التقسيم يلغى فكرة أن يأتى شخص فى الصباح الباكر، كى يحجز مكانا فى المقدمة، كما كان يفعل البعض فى برلمانات سابقة، سعيا للحدث أو للظهور فى الفضائيات والصور الصحفية لكن هذا التوزيع على أساس السن، جعل الأكبر سنا يحتلون المقدمة، والأصغر سنا متوارين فى الدور الثالث، بدلا من التنوع واختلاط الأجيال.
كان متوقعا تماما فوز المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس حزب مستقبل وطن بمنصب رئيس المجلس. كل المؤشرات كانت تقود إلى هذا. رغم أن البعض أشاع قبل الانعقاد بيومين أن المستشار بهاء أبوشقة مرشح للمنصب، وهو ما لم يحدث، بل رشح نفسه وكيلا وفاز. المفاجأة كانت انتخاب النائبة فيبى جرجس فوزى وكيلا، وهى سيدة، وأخت قبطية فاضلة، وانتخابها بعتبر سابقة فى مجالس الشورى أو الشيوخ، ورسالة مهمة متعددة العناوين، هى تكريم للمرأة وتكريس لفكرة الوحدة الوطنية الحقيقية بين المسلمين والمسيحيين، وفازت فى ظل ترشح نائين آخرين أحدهما نائبة، والثانى رجل كان يشغل منصبا مهما فى وزارة سيادية.
توقع البعض أن تستغرق عملية أداء اليمين الدستورية وقتا طويلا، باعتبار أن كل نائب قد يستغرق ثلاث دقائق مثلا، لكن التنظيم الجيد والميكروفات، جعلت أداء النائب للقسم لا يستغرق ثوانى، وهكذا تم الأمر بسرعة ملحوظة إلى حد ما.
حينما صعد عبدالوهاب عبدالرازق للمنصة كى يتسلم موقعه رئيسا للمجلس، فقد كانت كلمته جيدة، وبلغة عربية سليمة تغلب عليها الروح والصياغات القانونية، لكن الملحوظة الأهم هى حينما قام بالرد على نائب طلب بإلغاء عملية انتخاب الوكيلين والاستعاضة عنها بعملية التوافق. قال له بحسم إن الانتخابات منصوص عليها فى اللائحة والقانون والدستور وإنه ليس صحيحا أنها تؤدى للانقسامات والضغائن.
وهذه روح ورسالة مهمة جدا نتمنى أن تستمر وتصل إلى الجميع.
ولأن محلس الشيوخ مستحدث فلا توجد لائحة تحكم عمله، ولذلك تمت الجلسة الإجرائية، طبقا للائحة مجلس النواب. وسيتم عمل لائحة جديدة للمجلس خلال ثلاثين يوما.
المجلس سيعود للانعقاد فى ٢٩ نوفمبر المقبل. وهذه الإجازة الطويلة لإنجاز اللائحة، وأيضا لتفرغ الجميع تقريبا لانتخابات مجلس النواب، التى ستبدأ خلال أيام.
كل ما سبق ملاحظات شكلية أو إجرائية، وفى مقال الإثنين، تحدثت عن بعض الملاحظات الموضوعية، خصوصا التنوع الذى صار موجودا فى مجلس الشيوخ، بتمثيل غالبية التيارات والاتجاهات الموجودة فى المجتمع. لكن مرة أخرى فإن التقييم الحقيقى لمجلس الشيوخ، سيكون بقدرته على إثراء العمل السياسى، بما يقود إلى زيادة المشاركة السياسية لأكبر عدد من المواطنين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved