لواحظ

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 20 أكتوبر 2023 - 8:10 م بتوقيت القاهرة

توحدت رؤية كل من المخرج حسن الإمام وكاتب السيناريو الخاص به محمد مصطفى سامى فى النظر إلى قصص حياة المصريين باعتبار أنه فى حياة كل أسرة يوجد شاب نزق يتردد على البارات أو هناك فتاة لينة تعشق الرقص وتذهب إلى هذه الأماكن كى تحقق المجد والثروة وتختار الرجل المناسب لها، هكذا فعل الاثنان فى جميع الأفلام التى قدماها إلى السينما، ومنها فيلم (لواحظ) 1957 وهو واحد من عشرين فيلما أو أكثر.. جمع فى البطولة كلا من شادية وكمال الشناوى، بالإضافة إلى زوزو نبيل ومحمود المليجى ثم محمود إسماعيل وغيرهم، حيث تتشابك القصص بشكل معقد للغاية وتجد الفتاة لواحظ نفسها فى عالم من الموبقات، فهى المغنية وقد ورثت عن أمها مهنة بنات الليل، باعتبارها ابنه شهوة، ففى حياتها الآن يوجد أكثر من رجل يدعى انه أبوها ابتداء من الرجل الذى تبناها ودخل السجن إلى ذلك التاجر الذى عشق أمها لسنوات قبل أن يتزوجا وأنجبتها منه، ولأن القصص متشابكة فلا مانع أن تتعرف لواحظ على ضابط شرطة وتقع فى غرامه ثم نكتشف جميعا أنه أخوها من الأب، هذا الأب صار الآن رجلا عجوزا لديه عدد من الأبناء والبنات ويعيش حياة آخر العمر، لا يريد إفسادها باعلان حقيقة لواحظ التى أتى بها الضابط لتعيش معه، كما نرى فإننا نخرج من مفاجأة إلى أخرى، تصدم أبناءها الأبرياء، مثل شخصية الأخت التى جسدتها كريمان والتى تتعامل معى لواحظ كأنها خادمة ولكنها ما إن عرفت حقيقتها تبادلت معها المشاعر، وهكذا تتبدل مشاعر أفراد الأسرة بمن فيهم زوجه الأب الذى وقع فى الخطيئة كثيرا أثناء شبابه.
هذا الفيلم يعكس الحياة فى منتصف القرن الماضى وكيف صارت الحانات هى البيت الثانى للشباب والبنات، يستمتعون معا، ليكتشفوا أنهم من نفس البذرة والغريب أن هذه الأفلام قد انتشرت بقوة لدى مخرجين آخرين أبرزهم بركات وجمال مدكور وإبراهيم عمارة، حتى انتهى هذا الجيل خرجت القصص من الحانة إلى الحياة العادية مثل المصانع والمكاتب الإدارية وعليه قد تغيرت مصائر الأبطال الذين كانوا يموتون فى أفلام الحانات والبارات، وهكذا كان مصير لواحظ وأبيها، وعليه فإننا هنا أمام بداية جديدة لشادية التى تركت الأدوار الخفيفة وصارت تقوم بدور العاهرة الخاطئة فى أفلام تالية منها المرأة المجهولة واللص والكلاب والطريق، أما بالنسبة حسن الإمام فإنه وقع أسيرا لهذا العالم طوال حياته، فالخطيئة دائما موجودة فى الحياة الأسرية مثلما حدث فى الخطايا، وشفيقة القبطية، والراهبة وقد حدث شىء مهم فى حياة هذا المخرج فى السنوات الأخيرة من حياته، حيث عكف على إعادة السينمات القديمة كما كتبها محمد مصطفى سامى، ومن هذه الأفلام الجنة تحت أقدامها عن فيلم بائعة الخبز، وحب تحت البركان عن فيلم حب فى الظلام وأعمال أخرى عديدة، ومن الواضح أن هذه القصص قد تركت آثارها لدى كتاب الرواية فى الأدب المصرى المنشور فى عقد الخمسينيات وما بعدها ومنها رواية الطريق والسمان والخريف وخان الخليلى وزقاق المدق وأيضا قنديل أم هاشم والبوسطجى وأسماء أخرى كثيرة ساعدت فى بث الوجود فى هذه القصص لعقود كثيرة فى حياتنا السينمائية باعتبار أن هذه هى الحكايات المفضلة للمتفرج باعتبار أننا شعب متعاطف مع المظلومين مثل شخصية لواحظ التى لا تختار لنفسها هذا المصير الذى عاشته فى حياتها ولا هذا الميلاد الصعب بين أب يبحث عن المتعة وأم مارست الدعارة قبل أن تتوب وتموت والغريب أن هذه الأفلام قد توقف إنتاجها مع نهاية القرن الماضى، ولأن هذه الموضوعات لا تناسب السينما الكوميدية فإننا ظللنا طوال القرن الحالى نضحك مع النجوم الجدد وهم يتبارون أمام الناس وساعدت أفلام القرن الحالى المشاهدين فى نسيان القصص القديمة ولا اعتقد ان هذا الجيل يستمتع بقصص لواحظ وقريناتها لذا من المهم كشف الضوء عن هذه الظاهرة بين وقت وآخر بعد أن تحولت إلى تاريخ سينمائى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved