عندما تكون الصحيفة صفراء
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الخميس 20 نوفمبر 2025 - 7:20 م
بتوقيت القاهرة
هل ظهرت صفقات ليفربول بالصورة التى كانت متوقعة حتى الآن؟ هل ظهر فيرتز أو إيزاك وهما صفقتان كلفتا ليفربول مالا كثيرا يقترب من 300 مليون يورو؟ هل هذا يعنى فشل الصفقات أم أن هناك ظروفا تمر بالفريق وبالأداء الجماعى العام بجانب قوة أداء الفرق المنافسة؟
** تراجع أداء ونتائج ليفربول يراه البعض مسئولية المدرب أرنى سلوت، ويراه البعض الآخر من مسئولية محمد صلاح . وهناك البعض الأخر يرى أن خطأ سلوت الأول أنه استمر فى الدفع بصلاح أساسيا فى مباريات رغم تراجع مستواه، والتراجع هنا يقاس بعدد الأهداف التى سجلها والفرص التى منحها لزملائه للتهديف . بينما مازالت الفرق التى تواجه ليفربول ترتب رقابة ثلاثية أو على الأقل ثنائية فى مواجهة محمد صلاح تقديرا لخطورته . وعلى أى حال هذه هى كرة القدم وضريبة النجومية المبهرة، ولذلك حين تقل الأهداف والتمريرات الحاسمة للنجوم يبدأ حساب تراجع مستواهم دون النظر إلى الأداء الجماعى للفريق.
** لا يمكن إنكار أن صلاح أهدر فرصا سهلة للتهديف فى بعض المباريات، لكن أن يوصف بأنه وراء غياب مهارات الصفقات الجديدة للفريق متعمدا، فإن ذلك يكون كلاما كله عبث. حيث قالت صحيفة ألمانية إن صلاح هو المسئول عن عدم إثبات الألمانى فيرتز لمهاراته وجدارته بالرقم الذى دفعه ليفربول من أجل التعاقد معه . وذلك استنادا على أن فيرتز سجل الموسم الماضى مع بايرليفركوزون 16 هدفًا وصنع 15 فى 45 مباراة خاضها الفريق بكل المسابقات. فكيف يتحمل صلاح ذلك وهو أصلا يعانى هذا الموسم حيث لم يقدم المستوى الذى قدمه فى الموسم الماضى . حيث مرر 4 تمريرات حاسمة فقط لزملائه بالفريق . وذهبت كل هذه التمريرات لزملائه القدامى فى الفريق وليس إلى أى من صفقات ليفربول الجديدة التى كلفت النادى ما يقرب من 500 مليون يورو، فى تجاوز لحدود إنفاق النادى فى مواسم سابقة. من يصدق هذا الكلام؟ هل يختار صلاح ويفصل أثناء اللعب بين الجدد وبين القدامى؟
** من الوارد أن تنتقد صحيفة مستوى صلاح أو مستوى أى لاعب، استنادا إلى مهارات وأرقام كان يقدمها فى مواسم سابقة ومنها بالطبع الموسم الماضى الذى رفع أسهمه بشكل كبير باعتباره صاحب دور مهم للغاية فى فوز ليفربول باللقب العشرين للدورى الممتاز . لكن أن يتهم محمد صلاح بأنه يتعمد عدم التعاون مع زملائه الجدد فى ليفربول فهذا تحليل أصفر من صحفى أصفر ومن صحيفة صفراء.
** إن الضغط على اللاعبين فى الوقت الحالى بات هائلا، وهو ناتج عن سوشيال ميديا تبالغ فى تقييم أداء لاعب وتبالغ أيضا فى انتقاد اللاعب. وهو أمر لا يقتصر على مواقع التواصل، وإنما نراه فى الصحف ومن نقاد وصحفيين كبار يرفعون لاعبا بهدف، ويسقطون نفس اللاعب بإهداره هدفا. حتى أصبح التقييم والتحليل وقراءة الأداء بعمق غير وارد، وإنما هو انطباع يعلو ويهبط بهدف أو بتمريرة . ولا يمكن تقييم لاعب أو فريق بالانطباع. وكان الأجدر للصحيفة الألمانية أن تحلل وترى أداء ليفربول ومدى مهارة الصفقات الجديدة ودورها مع الفريق وفى الوقت نفسه التدقيق فى أداء الفرق المنافسة.
** إن تلك القصة تذكرنى بالصحف التى أعلنت نهاية زمن جوراديولا بعد تعثر الفريق فى الموسم الماضى، وبعد تخلى المدرب الإسبانى عن أسلوب الاستحواذ فى بعض المباريات وليس كلها، وكان ذلك نقدا منطقيا وفى محله، من واقع نتائج مانشستر سيتى، وأداء الفريق، ولكنه لم يكن مقبولا أن يكون تقييما عاما لمهارات وقدرات مدرب مثل جوراديولا.. فهناك فرق فى رصد حالة فنية لفريق فى فترة ما، وليس معنى هذا الرصد، صياغة تقرير فنى نهائى عن مدرب أو لاعب بأنه يصلح أو لا يصلح..
** عادت نفس الصحف تشيد بجوارديولا هذاالموسم بعد أن غير تكتيكه وأسلوبه فى بعض المباريات، وفقا لقوة المنافس، ولما يملكه من أدوات ولاعبين، ووفقا لدارسة منافسيه لأسلوب الاستحواذ والعمل على مواجهته بطرق جديدة بدلا من التراجع والاستسلام أمام الهجوم والكرة التى لا يصلون إليها.
** يقال إن أصل وصف صحيفة بأنها صفراء يعود إلى الناشر ويليام راندولف هيرست (1863- 1951)، وقد كانت له فى كل ناحية من نواحى الولايات المتحدة الأمريكية صحيفة أو مجلة تهتم بنشر الفضائح. ولكن الصحافة الصفراء هى التى تبحث عن الإثارة، وعن التشويه وعن الترويج لقصص وأخبار غير حقيقية. مع ملاحظة أن هناك صحفا رزينة لون أوراقها أصفر، لكنها ليست صفراء فى المحتوى.