نداء العقيدة والمواطنة

إكرام لمعي
إكرام لمعي

آخر تحديث: الإثنين 22 ديسمبر 2014 - 12:10 م بتوقيت القاهرة

الدكتور القس مترى الراهب إنجيلى فلسطينى مناضل رفض الهجرة وبدأ مقاومة سلمية ضد الاحتلال الإسرائيلى من خلال مجموعة ديار (جمع دار)، وقد عرفته لك ــ عزيزى القارئ ــ فى 22 مارس 2012 وذلك عندما حصل على جائزة الإعلام الألمانية «دويتشة ميدين برايز» فى مدينة آخن والتى تمنح عادة لصانعى السلام فقد أعطيت لكوفى عنان (2003) والملكة رانيا (2002) وبيل كلينتون (1999) ونيلسون مانديلا (1998) وكان سبب من أسباب تقديم الجائزة له «عمله الدءوب والصامت تحت الإحتلال الإسرائيلى فى بناء مساحات للأمل عبر إنشاء وإدارة مؤسسية مجتمعية رائدة.. من أجل ثقافة الحياة والحوار. ومنذ سبع سنوات بدأت مجموعة ديار سلسلة مؤتمرات حول موضوع واحد «الدين والدولة» قدمت فيها عدة أبحاث بهذا الشأن، وفى ختام هذا المشروع كلفت مجموعة ديار عددا من الأكاديميين والشباب المسيحيين الجامعيين من مصر وسوريا، ولبنان والأردن وفلسطين للتفكير فى الهم الواحد والمصير المشترك والأهم من ذلك وضع رؤية موحدة تساعد على الصمود فى الوطن والانخراط فى المجتمع والعمل على نهضة الشعوب العربية لتحقيق حياة أفضل.

وجاءت الوثيقة بعنوان «نداء العقيدة والمواطنة» واختصارها (نعم) وقالوا فى مقدمتهم: «لقد وضعنا هذه الوثيقة كى تعبر عن رؤيتنا للواقع الأليم الذى يعيشه شرقنا العربى، وعن المستقبل المنشود الذى نحلم به ونسعى لتحقيقه، لذلك لم نكتف أن تكون هذه الوثيقة تعريفية فحسب بل أردناها أن تؤسس لمنبر أكاديمى شرق أوسطى ومسيحى للتفكير والتحاور معا والأهم هو العمل معا، لذلك أرفقنا بهذه الوثيقة خطتنا للعامين القادمين والتى ستشكل الخطوات الأولى لما نأمل أن يكون حركة فكرية مسيحية شرق أوسطية تجمع ولا تفرق وتتشابك مع كل أطياف المنطقة وأديانها، ونقدم نموذجا للإيمان الواعى والفاعل.

•••

بعد هذه المقدمة قدمت الوثيقة عشر قضايا تمثل عشرة تحديات جسيمة تفرض التصدى لها وكانت القضية الأولى هى «الدين والدولة»، وتؤكد الوثيقة أنه لا يوجد نظام واحد وحيد يعتبر الأفضل لكن هناك أنماطا وإجتهادات وأن العلاقة بين الدين والدولة ديناميكية وليست إستاتيكية وأنه على المستوى العالمى تحتل منطقتنا الموقع الأخير فى فصل الدين عن الدولة، وهذا يؤثر فى جودة الحياة ويؤخر الرقى المجتمعى، والقضية الثانية كانت «الدساتير وحكم القانون» وقد أقرت الوثيقة أن دولة القانون غائبة عن أكثر دول الشرق الأوسط، وهناك خلط بين الشرائع البشرية من جهة والشرع الدينى من جهة أخرى، وأن الدساتير العربية مازالت تعانى تناقضات فى التفسير والتنفيذ لم يرتق بعد إلى العدالة الدستورية المنشودة أما القضية الثالثة فهى «أمن النظام وأمن المواطن» لقد شغفت بلادنا فى العقود الماضية بأمن الدولة وهو أمن الحاكم والنظام، لقد كشف «الربيع العربى» عوار هذه الأنظمة المترهلة، لذلك لابد من تغيير الأولويات الأمنية فى الشرق الأوسط وكانت القضية الرابعة هى « إدارة وتنمية الموارد البشرية والطبيعية «إن ما ينقص منطقتنا ليس الموارد ولكن مهارات إدارة هذه الموارد الطبيعية والبشرية. وفى القضية الخامسة «المرأة» هناك تمييز واضح ضد المرأة الشرق أوسطية، بسبب التقاليد الذكورية وتطالب الوثيقة بفرص المشاركة الفعلية للمرأة فى صنع القرارات والقيادة والمساهمة فى حركة التطور. وكان «الشباب» هم القضية السادسة وجاء السؤال: هل تستطيع مجتمعاتنا أن تؤهل شبابها علميا لينخرط فى بناء الوطن خاصة والشباب يعيش فى عالمين مختلفين عالم الواقع الشرق أوسطى الذى يقيده ويحد من طموحه وعالمه الافتراضى الذى يهجر فيه إلى شطآن بعيدة غريبة، مع معاناته مع الهوية الدينية، والقضية السابعة «كرامة الإنسان ووجوده» إن كرامة الإنسان متأصلة فى جميع أعضاء الأسرة البشرية مهما كان أصله أو دينه أو جنسه أو لونه أو عمره أو مذهبه أو مكانته الاجتماعية، والقضية الثامنة «الروحانية الثقافية الإنسانية» وتضع الوثيقة فارقا بين التدين المنتشر والمتزايد فى الشرق الأوسط وبين الروحانية الحقيقية، التى تقدس الحياة وليس الموت وتحيا على احترام الله وليس الرعب منه وتكرم بنى آدم وتقبل الآخر المختلف.

وكانت القضية التاسعة التفكير فى زمن التكفير هاجمت الوثيقة الغيبيات التى توضع محل العقل والإرادة والعمل وأخيرا كانت قضية الحاجة إلى رؤية موحدة وافتقاد الرؤية يصيب الكثيرين باليأس والإحباط فيقود إلى الهجرة الخارجية أو التقوقع الأصولى الدينى أو الانغماس فى ثقافة الإستهلاك.

•••

بعد إثارة هذه القضايا تحدثت الوثيقة عن «دورنا المسيحى والإنسانى والوطنى» دور المسيحيين العرب تاريخيا فى بناء الحضارة الإسلامية ثم أقرت أن القيم الإنسانية هى الأساس فى بناء الحضارات وهى مستمدة من القيم الدينية بشكل عام، وأن الله يدعونا إلى تجديد الفكر وعدم إلقاء اللوم على الغير ليكون لنا دورا إيجابيا هاما حيث لنا دعوة من الله لخدمة الوطن.

أما أهم التعليقات على الوثيقة فكانت ثلاثة:

الأولى: أنه يجب تغيير كلمة «عقيدة» إلى «إيمان» فيكون العنوان «نداء الإيمان والمواطنة» لكى تكون أكثر اتساعا وشمولا.

الثانية: حذف التعبير من «النيل إلى الفرات» لأنه شعار دينى سياسى لإسرائيل.

الثالث: أن نتمسك بتاريخ المسيحيين العرب على أساس أننا امتداد له، وليس تاريخ الكنيسة العام.

ووفقا للخطة الاستراتيجية القادمة لتحقيق ما جاء بالوثيقة، فقد علمت أن هناك تفكيرا لتوعية الشباب المسيحى بمفاهيم المواطنة ودورهم فى بلادهم من خلال مناهج تعليمية وعملية تقدم على شكل «كورس»، للعديد من الشباب فى الوطن العربى، بشكل مكثف وفاعل لخلق حركة توعية بأهمية الوجود المسيحى وتفاعله فى المجتمع ليكون إضافة وليس خصما أو محايدا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved