للقصر سيدتان

جميل مطر
جميل مطر

آخر تحديث: الثلاثاء 20 ديسمبر 2016 - 9:40 م بتوقيت القاهرة

تمشى كتمثال من الفايبر جلاس يتحرك بريموت كونترول. تمشى كإنسان واقع تحت تهديد مسدس مصوب إلى رأسه. قروية سلوفينية بجمال أخاذ وقعت فى حوض مجوهرات. تكره ما هى مقبلة عليه، تكره موقع ومكانة السيدة الأولى فى أمريكا. تفضل أن تعيش فى أبراج ترامب فى نيويورك بالقرب من مدرسة ابنها عن العيش فى البيت الأبيض، فضلا عن أنها لن تحظى بمعاملة تليق بوضعها المفترض أن يكون وهو سيدة القصر. تعرف أنهم سوف يعاملونها كسيدة فى القصر وليست سيدة القصر. تشعر بحرج بالغ حين تتحدث إلى سياسيين ومشاهير بسبب اللكنة الغريبة التى تنطق بها اللغة الإنجليزية. ميلانيا ترامب امرأة مختطفة مقيدة بقيود من الذهب وربما تعيش حالة متلازمة ستوكهولم أى حالة السجين الواقع فى حب السجان. ابتسامتها لا تصل إلى عينيها. عينان جامدتان.

ما سبق هو القليل جدا من كثير جدا تتناقله الميديا الأمريكية عن السيدة الأولى الجديدة.

***
أفعل مع ميلانيا كرافس ما سبق أن فعلته مع هيلارى ديانا رودام ومع كارلا برونى وسامانثا كاميرونو شيرى بوث زوجات وليام كلينتون ونيكولاس ساركوزى ودافيد كاميرون وانطونى بلير على التوالى، وكذلك مع لودميلا بوتينا زوجة فلاديمير بوتين المختفية منذ عامين. مارست معهن هواية من هواياتى، هواية التعرف على موقع الزوجة فى حياة الزعيم السياسى. لا انطلق عند الممارسة من شائعة استقرت فى شكل حكمة تحث على التفتيش عن المرأة وراء الزعيم أو أى رجل.

تفترض الحكمة السائدة أن المرأة يجب أن تقف وراء الرجل وليس إلى جانبه أو أمامه تأثرا باعتقاد قديم قدم التاريخ الإنسانى يرسخ مكان المرأة وراء الرجل. أو امتثالا لنظرية ابتكرها الخبثاء تؤكد أن المرأة هى التى اختارت هذا الموقع، فهو الموقع الأمثل لمن تريد تحريك الرجل نحو وجهة دون أخرى، وهو أيضا الموقع الأفضل للهمس فى عقل الرجل ليفعل شيئا ولا يفعل شيئا آخر. هناك طبعا استثناءات. أتصور مثلا أن هيلارى رودام لم تقف يوما وراء بيل كلينتون. كانت دائما، حتى عندما زاملته فى الجامعة، تقف أمامه تنصح وتوجه وأحيانا تقود فى انتظار أن يأتى يوم تحصل فيه على الجائزة التى تستحقها، وهى أعلى منصب فى أمريكا. لا أشارك فى الرأى القائل إن مغامرات بيل كلينتون العاطفية والمالية كانت ردا ذكوريا مألوفا على هيمنة أنثوية، وإن كان هناك من تصرفاته وتصرفات زعماء ومشاهير آخرين ما يدفع الكثيرين إلى عدم الاعتراض على هذا الرأى.

***
عائلة ترامب. إنها حقا لعائلة فريدة. رب العائلة اشتهر بتثمينه عاليا المرأة كسلعة وجسد واحتقاره لها كشريك حياة أو قلب وعواطف. يتردد أن احدى زوجتيه السابقتين على ميلانيا قالت إن أكثر ما يكرهه دونالد هو أن يرى زوجته تكبر فى العمر أو تزداد وزنا. لاحظت، كما لاحظ كثيرون، خلال الحملة الانتخابية أن كل نساء العائلة كبارا وصغارا كدن يتساوين فى نحافة الجسد باستثناء الصدر. هذا الاستثناء يصر عليه ترامب الذى لم يجد حرجا من التصريح بأن صدر المرأة أهم معيار يحكم به على نساء عائلته. الغريب أن الرجل الذى اشتغل فى التجارة بجمال النساء لم يعاشر أو يصاحب أو حتى يتزوج من امرأة جميلة. راجعت بنفسى هذه الشهادة ووجدتها صحيحة باستثناءات نادرة أهمها ميلانيا الزوجة الثالثة والمرشحة لتكون سيدة أمريكا الأولى.

***
لفت انتباهى وأنا مستغرق فى البحث عن أهم مفاتيح شخصية الرئيس القادم لأمريكا غرامه القوى بالسباقات. اكتشفت أن كثيرات بين عشيقاته وزوجاته كن ممن احترفن مهنة عرض الأزياء أو اشتركن فى بطولات رياضية أو تسابقن على الظهور عرايا على أغلفة وصفحات مجلات متخصصة. كانت ميلانيا من أشهرهن، وكذلك إيفانكا ابنة ترامب منذ كانت فى الخامسة عشر من عمرها. أستطيع الآن فهم ظاهرة إقبال قياصرة الرومان ومن جاء بعدهم من قساة القلوب على تربية العبيد وتدريبهم على فنون القتال حتى الموت.

***
أتيت فى بداية هذه الانطباعات بفكرة أن ميلانيا لن تكون سيدة القصر. هى بلا شك سيدة أمريكا الأولى طالما بقى دونالد ترامب رئيسا لأمريكا ولكنها لن تكون بالضرورة سيدة البيت الأبيض. هناك سيدة أخرى مارست الدور. هذه السيدة هى ايفانكا التى أقحمت نفسها على اجتماع وقع بين أبيها ورئيس وزراء اليابان. منذ ذلك اليوم تحولت جهودى فى البحث عن المرأة التى تقف وراء ترامب من ميلانيا إلى ايفانكا ولم أكن مخطئا. لم تمض أيام قليلة إلا وفاجأنى الرئيس المنتخب، بل صعقنى، حين قال «بعظمة لسانه» إنه معجب بجسم ابنته ايفانكا وأنه منجذب إليها حتى أنه تمنى ذات يوم وهى فى الثالثة عشر من عمرها لو لم تكن ابنته. تابعتهما بالاهتمام الواجب حتى تأكدت من أن سلامة امبراطورية ترامب ورخاءها وازدهارها تتوقف على أهمية الموقع الذى سوف تحتله إيفانكا فى إدارة ترامب. تأكدت أيضا من أن الابنة التى قررت منفردة وهى فى الخامسة أن تعمل عارضة أزياء وتحتل وهى فى السادسة عشر صفحات فى مجلات إباحية وتتخرج من جامعة لا تحتفظ لها بسجل وتتخلى فى عام 2009 عن ديانتها وتعتنق اليهودية. ابنة تفضل أن تتحاور مع أبيها فى شئون الامبراطوريتين وهى جالسة على حجره أمام كاميرات التصوير. تعرف ايفانكا، وهى تريد للشعب الأمريكى وقادة الدول والسياسيين أن يعرفوا جميعا ما تعرفه وهو أنها المرأة الوحيدة فى العالم التى تحظى بتقدير وثقة الرئيس الأمريكى المنتخب.

***
إيفانكا لن تترك امرأة أخرى تنفرد بلقب سيدة القصر.

***
ينعدم، أو ربما يكاد ينعدم، وجود دراسات أكاديمية منشورة عن الأدوار التى لعبتها سيدات قصور عربية.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved