لماذا لا يوجد لدى تركيا أصدقاء؟.. ليبيا تجيب

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الثلاثاء 21 يناير 2020 - 10:40 م بتوقيت القاهرة

نشرت مؤسسة The American Enterprise Institute مقالا للكاتبة Kori N. Schake تتحدث فيه عن سياسة تركيا الخارجية فى الشرق الأوسط التى أدت إلى تعقد علاقتها مع دول المنطقة وكيف آلت الأمور إلى ذلك الوضع، ونعرض منه ما يلى:

فى العقد الفائت وضعت تركيا مبدأ لسياستها الخارجية «تصفير المشكلات مع دول الجوار» لكن منذ ذلك الحين، قطعت أنقرة علاقتها مع إسرائيل بسبب غزة « أسطول الحرية» وأغضبت مصر بانتقاداتها العنيفة لأحداث 30 يونيو، وقطعت العلاقات مع سوريا من خلال مساعدة المتمردين المناهضين للأسد (وأخيرا، غزو الشمال الشرقى للبلاد لإعادة اللاجئين قسرا)، وناصبت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة العداء من خلال الوقوف إلى جانب قطر ضد الحظر المفروض عليها.
الآن، تقدم تركيا مساعدة عسكرية مباشرة إلى حكومة الوفاق، فى حين أن الإمارات ومصر ــ إلى جانب روسيا ــ تدعم الجيش الوطنى الليبى بقيادة الجنرال خليفة حفتر. وبعد فشل محادثات وقف إطلاق النار برعاية تركيا وروسيا، وعد الرئيس رجب طيب أردوغان بتلقين حفتر «درسا». وعليه فإن سياسة تركيا الخارجية تبدو الآن مصممة على زيادة المشكلات مع جميع جيرانها.
كيف وصل الأمر إلى هذا؟ فى السنوات العشر الماضية، تحولت تركيا من ديمقراطية إسلامية نابضة بالحياة إلى دولة سلطوية قمعية. لكن هذا لا يفسر علاقاتها العدائية مع جيرانها.
الجواب هو أن أردوغان سعى بنشاط إلى النهوض بقضية الإسلام السياسى، محليا ودوليا. وهذا ما جعله يتحالف مع قطر فى مواجهة معظم الدول العربية الأخرى، وخاصة المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة.
داخل تركيا، شهدت الأسلمة تقدما مع التحول الديمقراطى. حيث كان الجيش التركى قوة علمانية صارمة ومع تراجع قبضته على الدولة، عاد الدين إلى السياسة (حزب العدالة والتنمية الإسلامى الذى يتزعمه إردوغان). عارضت القيادة العسكرية رسميا مرشح حزب العدالة والتنمية فى الانتخابات الرئاسية لعام 2007 لكونه إسلاميا، لكن عبدالله جول فاز فى الانتخاباتــ وهى نقطة تحول رئيسية فى السياسة التركية. سمح التمويه السياسى الذى قام به الجيش لإردوغان، الذى كان قد وصف الديمقراطية من قبل بأنها «أداة وليس هدفا»، بالسيطرة على المشهد.
ويمكن اعتبار محاولة الانقلاب الفاشلة لعام 2016 بمثابة محاولة انتهازية من جانب بعض العناصر فى الجيش للاستفادة من عدم الرضا المتزايد بين الأتراك بشأن سيطرة إردوغان على السلطة. كما أنه يعكس الصراع العميق والمستمر بين إردوغان (الإسلاميين) والقوى السياسية الأخرى.
ويتضح ضعف قبضة إردوغان على السلطة فى الداخل من خلال انتخاب رؤساء البلديات من أحزاب المعارضة فى إسطنبول وغيرها من المدن الكبرى، ومن خلال انفصال الحلفاء السياسيين منذ زمن طويل ــ بمن فيهم وزير الخارجية الأسبق أحمد داود أوغلو، الذى وضع سياسة «تصفير المشكلات مع الجيران» ــ عن حزب العدالة والتنمية. وبالتوازى، ضعفت قبضة إردوغان على السياسة الخارجية التركية والتى أصبحت أكثر إسلامية وعسكرية.
إن الخلاف مع مصر يحمل مفاتيح فهم تَدخُل تركيا فى ليبيا. فبعد الربيع العربى عام 2011، دعم إردوغان صعود جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة فى مصر وساعد حكومة الرئيس محمد مرسى. وعندما تم الإطاحة بمرسى فى عام 2011، وَصف إردوغان ما حدث بأنه «إرهاب دولة». ويبدو أنه يرى الأحداث فى ليبيا بمثابة انتقام لما حدث فى مصر.
لدى تركيا روابط عميقة مع ليبيا، وهى ولاية عثمانية سابقة؛ وكما أشار إردوغان، فإن الكثير من الليبيين من أصل تركى. وهناك شىء على قدر كبير الأهمية، وهو أن هناك 18 مليار دولار من عقود الأعمال التركية قيد التنفيذ فى ليبيا، ويتشارك البلدان منطقة اقتصادية هامة. وتضم حكومة الوفاق الوطنى فى طرابلس، المدعومة من الأمم المتحدة بقيادة رئيس الوزراء فايز السراج، عناصر إسلامية وهم حلفاء لإردوغان وحزب العدالة والتنمية.
وتتعرض حكومة الوفاق الوطنى لهجوم قوى من الجيش الوطنى الليبى بقيادة الجنرال خليفة حفتر، والذى يعارض أى دور سياسى للإسلاميين.
أصبحت ليبيا التى طالت معاناتها ساحة معركة لحرب بالوكالة حول دور الإسلام فى سياسات الشرق الأوسط. وليس من المحتمل أن تتنازل تركيا ولا دول الشرق الأوسط عن أهدافهم.
ومع فشل محادثات وقف إطلاق النار، إذا كان لدى حفتر القوة العسكرية للاستيلاء على طرابلس، لكان قد فعل ذلك فى حين يمكن أن تؤدى المساعدات التركية الكبيرة إلى قلب المعادلة لصالح حكومة الوفاق الوطنى فى حال توقف حلفاء حفتر عن دعم الجيش الوطنى الليبى. وعليه يبدو أن حدة مشاكل تركيا مع جيرانها فى طريقها للأسوأ.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:من هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved