النفط.. ومفتاح الحل الليبى

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 21 مارس 2022 - 8:05 م بتوقيت القاهرة

حتى تسفر المساعى الدولية لحلحلة الوضع المأزوم فى ليبيا عن شىء ملموس، تبقى حدة الخلاف بشأن الحكومة التى تقود البلاد قائمة، فمنذ تشكيل حكومة فتحى باشاغا، بتكليف من مجلس النواب، ورفض عبدالحميد الدبيبة التخلى عن السلطة قبل إجراء الانتخابات، يغلف السماء الليبية مشهد مرتبك، فى ظل مخاوف من تخطى الصراع حدود السياسة إلى الانزلاق إلى ما لا تحمد عقباه إذا تحركت الميليشيات، وغاب العقل، ودوى صوت السلاح.
هذه المخاوف ربما دفعت العديد من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية إلى مواصلة الضغوط على الأطراف الليبية المتنازعة من أجل الوصول إلى حل سريع ينهى الانقسام الحاد على السلطة، ويضمن لليبيين الخروج من حالة «اللا وضع»، فى ظل عناد بعض الأطراف، وسعى أطراف أخرى لإبقاء المشهد على ما هو عليه كسبا لوقت ربما يرتب لمستقبلها وتواجدها على الساحة الليبية فى مرحلة ما بعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
ولأن الجميع يدعى «وصلا بليلى» ستجد جميع الأطراف الفاعلة فى المشهد الليبى تعطى من طرف اللسان حلاوة، ويتحدث غالبيتها عن ضرورة اتفاق الليبيين على حل للأزمة الحالية، وتغليب «لغة العقل والحوار» ومنع الوصول إلى ما يمكن أن يعكر صفو العملية السياسية التى قادتها الأطراف الدولية، وبعثات الأمم المتحدة المتوالية، على الرغم من أن العديد من هذه الأطراف هى «الطرف المعطل» بتعبير الأشقاء اللبنانيين، الذى يمنع وصول الليبيين إلى بر الأمان الحقيقى الذى تتشكل فيه سلطة واحدة موحدة.
والسؤال هنا: هل يريد الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، وعواصم أوروبية بعينها، خروج الليبيين من الوضع الذى وصلت إليه البلاد من فرقة وانقسام وتناحر على السلطة حقا؟ وألا تملك تلك العواصم من النفوذ والوسائل لمساعدة الليبيين على إنهاء صراع الفرقاء القائم حاليا؟!
منذ سقوط نظام معمر القذافى، بمقاتلات حلف الناتو، وحتى اليوم مارس الغرب كل الأساليب والحيل، لضمان أن تكون ليبيا، أو بالأحرى النفط الليبى فى دائرة الاستحواذ الغربى، ورأينا صراعا سافرا ومكشوفا لسرقة الثروة الأهم لدى الليبيين، عبر تأجيج الصراع المسلح حينا، وتفجير الخلاف السياسى حينا آخر، ولم تغب الأيادى الغربية عموما، والأمريكية خصوصا، عن اللعب فى الساحة الليبية لكسب معادلة النفوذ فى الصراع مع روسيا وقوى إقليمية أخرى، لها هى أيضا مصالح مع ليبيا.
وقبل أيام تحدثت تقارير عن سعى دول الاتحاد الأوروبى إلى «الاعتماد على ليبيا بشكل كبير فى تنويع مصادرها من الطاقة، بعيدا عن النفط والغاز الروسيين» فى ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية. ونقلت تلك التقارير عن المتحدث باسم الاتحاد الأوروبى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لويس ميجيل بوينو، قوله إن أوروبا ستعتمد الفترة المقبلة على ليبيا بشكل كبير، لتنويع مصادر الغاز والطاقة، كما تحدث بوينو عن وجود محادثات فى الوقت الراهن بين ليبيا وإيطاليا بهذا الشأن.
الاحتياج الأوروبى الملح للنفط والغاز، اعتبره مراقبون ورقة قد تدفع أوروبا إلى تسريع جهود حل الأزمة السياسية فى ليبيا، ليس حبا فى الليبيين بطبيعة الحال، وإنما بحثا عن مفاتيح تقلل تأثير العقوبات المفروضة على روسيا التى تهدد بانخفاض حاد فى توريد الكميات الضخمة التى تحتاجها الدول الأوروبية من الطاقة.
وفى هذا الإطار يمكن أن نفهم التحركات المتلاحقة التى يقوم بها ممثلو الاتحاد الأوروبى، والسفير الأمريكى ومبعوث واشنطن الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، والمستشارة الأممية ستيفانى ويليامز، واجتماعاتهم المتتالية مع أطراف الأزمة الليبية، للوصول إلى حلحلة الوضع الراهن، وطبعا تلك الجهود لا تخلو من رغبة فى حدوث «شبه استقرار» ليبى يضمن تدفق النفط إلى الشرايين الأوروبية، لا أكثر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved