على إسرائيل أن تولى تطوير العلاقات مع السعودية أهمية

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الثلاثاء 21 مارس 2023 - 8:45 م بتوقيت القاهرة

إن الجزء المركزى فى رؤية 2030 الخاصة بالسعودية، والتى وقّعها ولى العهد والحاكم الفعلى محمد بن سلمان، مخصص لتقليل اعتمادها على النفط، وتأسيس اقتصاد متنوع، تنافسى ومستدام. والمملكة قررت الذهاب فى المسار النووى، وباتت تمنحه تبريرات فى مجالى الطاقة والاقتصاد، كما أن هناك دوافع تتعلق بالضعف الاستراتيجى فى مقابل إيران، وحسابات المكانة.
لسنوات طويلة، شددت المملكة على أن برنامجها النووى هو لأهداف سلمية فقط. إلا أن مسئولين سعوديين، وضمنهم ولى العهد والحاكم الفعلى محمد بن سلمان، صرّحوا علنا وبوضوح، بأنه إذا حصلت إيران على قدرات نووية، فستكون للمملكة قدرات كهذه أيضا. هذه التصريحات، بالإضافة إلى التقدم البطىء فى الخطة المدنية والخوف من إيران، تعزز التقديرات التى تشير إلى أن المملكة غير معنية بخطة نووية مدنية فقط، وعندما يكون ظهرها إلى الحائط، ستتوجه إلى طرق مختصرة. لذلك، يبدو أن الرياض تتمسك بـ«حقها» فى تخصيب اليورانيوم. بذلك، تضغط على الغرب ليمنع إيران من استكمال برنامجها النووى، تخوفا من أن عدم منعها سيؤدى إلى ردّ سعودى وسباق تسلُّح نووى فى الشرق الأوسط. كقاعدة، يريد السعوديون أن يكونوا متساوين مع الإيرانيين، وإذا خصّبت إيران اليورانيوم، فهو مسموح للسعودية أيضا. هذا بالإضافة إلى أن السعوديين يريدون الحفاظ على جميع الإمكانات مفتوحة، حتى لو لم يكونوا يريدون الذهاب فورا لتطوير سلاح نووى.
تخصيب اليورانيوم: فى يناير 2023، صرّح وزير الطاقة السعودى وشقيق ولى العهد، عبدالعزيز بن سلمان، بأن المملكة ستستغل مخزون اليورانيوم الموجود فى أراضيها، بهدف تخصيبه إلى مستوى منخفض (LEU). هذا التصريح يضاف إلى تصريحات المسئولين السعوديين خلال الأعوام الأخيرة، والتى شددوا فيها على نية المملكة تفعيل دائرة وقود نووى بشكل مستقل. هل بدأ العمل فى المجال فعلا؟ فى سنة 2020، أشارت الأخبار إلى اكتشاف مفاعل للبدء بـ«الكعكة الصفراء» ــ المرحلة الأولى من استخراج اليورانيوم، بغض النظر عن استعماله، تم بناؤه بالتعاون مع الصين، الآخذة بالتطور خلال الأعوام الماضية. حتى الآن، لم يتم اكتشاف مفاعل لتحويل أو تخصيب اليورانيوم. إن عدم وجود جدوى اقتصادية من التخصيب الذاتى نسبةً إلى المصدر الخارجى الموثوق به كاحتياطى النفط والموارد فى المملكة، هى أمور تخلق شكوكا بشأن الخطة النووية المدنية للمملكة.
مفاعلات الصهر: نشرت المملكة فى سنة 2022 مناقصة لبناء مفاعلين، كل واحد منهما 4 ميجاواط، بالقرب من الخليج. تدرس المملكة مقترحات لبناء المفاعل من روسيا، والصين، وفرنسا، والولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية. وترتفع احتمالات حصول كوريا على المناقصة، بسبب التعاون القائم أصلا بين الدولتين، وبسبب الخبرة التى جُمعت فى سيئول خلال بناء المفاعلات الإماراتية. ويجب الإشارة إلى أن السعودية تستطيع الحصول على المفاعلات الكورية، فقط بعد مصادقة الولايات المتحدة، وذلك بسبب الحسابات السياسية وربما التكنولوجية أيضا (يدّعى الأمريكيون أن التكنولوجيا المستعملة فى بناء المفاعلات تابعة لشركة ويستنجهاوس). عقبة أُخرى هى توقيع السعودية «اتفاق 123» للتعاون النووى مع الولايات المتحدة (على اسم بند فى سياسة الطاقة النووية الأمريكية سنة 1954).
المأسسة والبحث: فى حدود مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا (KACST)، تم بناء مفاعل صغير، صناعة أرجنتينية، وهو مشروع بمشاركة كوريا الجنوبية (تعبئة المفاعل بالوقود تتطلب اتفاقا جديدا بين السعودية ووكالة الطاقة الذرية). مفاعل المياه الخفيفة غير متطور (Kw 30)، والهدف منه بالأساس هو تدريب القوى العاملة، ولا يشكل أيّ خطورة فى مجال الانتشار. لدى المملكة منظمة أُخرى تعمل فى مجال الأبحاث النووية، مدينة الملك عبدالله للأبحاث النووية والطاقة المتجددة (KACARE). فى سنة 2022، وقّعت المنظمتان اتفاق تعاوُن فى مجالات متعددة.
طرق مختصرة: لدى السعودية علاقات استراتيجية طويلة الأمد مع باكستان. وبسبب الاعتماد الاقتصادى لإسلام آباد على الرياض، يمكن أن تساعد باكستان السعودية بعدة طرق، كى تحقق ردا سريعا على حصول إيران على القدرات النووية. باكستان ليست الوحيدة، فكوريا الشمالية أيضا يمكنها تقديم المساعدة إلى السعودية، ويجب أخذها بعين الاعتبار.
• • •
فى كل ما يتعلق بتطوير الخطة النووية والضغط على واشنطن لتقليل شروطها لتوقيع الاتفاق فى المجال النووى، يمكن للسعودية تفعيل أداة ضغط إضافية: التطبيع مع إسرائيل. وفعلا، نُشر أن أحد شروط المملكة للتقرب من إسرائيل هو السماح بنشاطات نووية على أرضها. بحسب هذه المعادلة، فإن السعوديين سيطلبون تليين الشروط الأمريكية للتعاون النووى، فى مقابل خطوات بناء ثقة من طرفهم فى اتجاه إسرائيل.
هناك علاقات هادئة بين الرياض والقدس. حتى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو صرّح بنيّته الدفع قدما باتفاق سلام مع المملكة. ولكن على إسرائيل، وقبل البدء بحساب الأثمان الممكنة لاتفاق كهذا، أن تأخذ بعين الاعتبار أبعاد وإسقاطات الانتشار النووى. يجب إضافة خطر إلى الانتشار النووى فى الإقليم فى سياق السعودية، وهو إلحاق الضرر بالمفاعلات التى ستُبنى، عبر مسيّرات، أو صواريخ إيرانية، أو بأذرع إيران. سابقا، تفاخر الحوثيون بإطلاق صواريخ فى اتجاه المفاعلات الإماراتية فى بركة، وهو ما أنكرته أبو ظبى. وبين المخاطر التى يجب أخذها بعين الاعتبار أيضا، هو فقدان السيطرة على السلاح، أو حتى على المواد النووية.
إن المعضلة ليست بسيطة لأن لدى إسرائيل مصلحة واضحة فى تعاوُن السعودية مع الولايات المتحدة فى المجال النووى، وليس مع الصين، أو روسيا. ولا ينبغى على إسرائيل أن تعارض مبدئيا خطة نووية مدنية فى السعودية. فالمعارضة لن تفيد فى هذا السياق، والسعودية تريد ذلك. إن التطبيع مع السعودية هو هدف مهم ويستحق أن تبحث إسرائيل القيام بتنازلات من أجله. ولكن، على إسرائيل البحث جيدا فى ثمن هذا السلام الممكن مع السعودية. على إسرائيل أن تولى تطوير العلاقات مع المملكة أهمية، وأن تكون مستعدة لتنازلات مختلفة، ولكن ليس فى المجال النووى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved