الأهلى والطلائع.. مباراة مثيرة ووقائع مسيئة وأفكار مريضة

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الخميس 21 مايو 2009 - 10:14 م بتوقيت القاهرة

 كان يوما مثيرا وعصيبا على فريقى الأهلى والإسماعيلى، فقد تغذى الدراويش بالشواكيش، وفازوا فى مباراة سهلة بثلاثة أهداف. بينما ظل الأهلى يصارع حتى النهاية أمام طلائع الجيش، وقدم الفريقان مباراة فنية ممتعة، كانت درسا فى كيفية الهجوم الشامل أمام فريق يدافع بصلابة وتركيز، ويلعب بالدفاع الكامل.. إلا أن الأهلى لم ييأس، ولعب بكفاح، وحقق المستحيل بفوز بدا أنه من بين أنياب الأسد فى الوقت الضائع..

«يارجال الإعلام لا تلقبوه من اليوم بالشيخ والقديس.. فالذى يسجل هدفا غير صحيح، ويعرف ذلك ثم يسجد لله شكرا، لا يعرف الالتزام.. ولا يجدى الاعتراف الآن بعدم صحة الهدف.. ففى الواقع أن قمة الالتزام كانت فى الاعتراف لحظة تسجيل الهدف»!

هكذا بدأت يوم أمس بتلك الرسالة التى تلقيتها فى الصباح الباكر على تليفونى المحمول تعقيبا على هدف التعادل، الذى سجله أبوتريكة فى مرمى طلائع الجيش، فى مباراة بدا من أحداثها أن الفائز بها سيتوج بطلا للدورى، لا.. سيتوج ملكا على كوكب الأرض!

الرسالة لم تكن من أحد مشجعى الطلائع أو من مشجع للدراويش.. ولكنها من مشجع للزمالك.. ومضمونها ينطق بأكثر مما جاء فى كلماتها. فما هى علاقة الزمالك بتلك المباراة؟ ولماذا ينفعل مشجع للفريق لهذه الدرجة بهدف سجله أبوتريكة ويراه غير صحيح ويطالب بعدم صحته ويتمنى ألا يكون صحيحا؟ وقبل أن أسمع إجابات تقول إنه البحث عن العدل، والمساواة، وحق الفرق الصغيرة.. أسأل: هل كان نفس المشجع سيعيش نفس الانفعال لو كانت المباراة بين الترسانة وإنبى وبنفس الوقائع؟!

ويالها من وقائع جرت بترتيب وقوعها كما يلى:

1 ــ أعلن فاروق جعفر مدرب طلائع الجيش فى مؤتمر صحفى انتخابى بنادى الزمالك أنه يعد الأعضاء بحرمان الأهلى من بطولة الدورى، كما حرمه يوم كان مدربا لغزل المحلة!

2 ــ لعب فريق الطلائع بمنتهى القوة فى المباراة، ولم يكن هدفه أبدا تحقيق الفوز، وإنما الدفاع بما يكفى للخروج بنقطة التعادل، وهى كافية بدورها كى يفقد الأهلى اللقب..!

3 ــ قوة الأداء من جانب الطلائع امتزجت بقوة الاشتباك. وكان من حق الفريق أن يلعب من أجل الفوز أو أن يخرج بنقطة التعادل.. هذا حق مشروع بالتأكيد!

4 ــ إزاء الصمود والأداء الدفاعى الصلب الجيد من جانب الطلائع ثم التقدم بهدف، بدأت الجماهير تفقد أعصابها فى المدرجات وتسب فاروق جعفر.. لماذا هذا السلوك المشين.. هل كنتم تطلبون من جعفر أن يخسر أو يتعاطف أو يجامل أو يرفع الراية البيضاء من أجل الأهلى؟!

5 ــ السباب الجماعى بالمدرجات الذى يستوجب العقاب، إن كان هناك من يعاقب، أشعل الملعب، ولاسيما بعد أن سجل أبوتريكة هدف التعادل، وفيه شبهة الخطأ، بدفع أحد مدافعى الطلائع بدليل أن أبوتريكة نفسه توقف للحظة قبل أن يعلن الحكم ريشة صحة الهدف!

6 ــ مضى الوقت وزاد السباب. ووقع لاعب الطلائع دودزى ممثلا ومدعيا أنه فقد الحذاء، لعله يفقد الأهلى وقتا، وأخطأ علاء ميهوب عضو الجهاز الفنى بالأهلى بسلوك غير رياضى (عادى عندنا ) ضد الجهاز الفنى لطلائع الجيش.. وهو سلوك يستوجب العقاب أيضا، إن كان هناك من يعاقب!

7 ــ سجل أحمد فتحى هدف الفوز فى الدقيقة 93.. إنها الكرة المستديرة، التى لا تثق فى نتيجتها أبدا إلا مع صافرة النهاية.. ثم أضاف محمد طلعت هدفا ثالثا بهدوء أعصاب، يؤكد أن الأهلى كسب مهاجما جديدا وصغيرا.

8 ــ انتهت المباراة.. وأصابت الصدمة بعض لاعبى الإسماعيلى.. وهجم لاعبو الطلائع على ريشة، ووجه أحدهم لكمة إلى صدره. وأحاطت قوات الأمن بالحكم فى مشهد، أقسم أننا لا نراه فى ملاعب الكرة الحقيقية، ولو كانت فى مباراة على كأس العالم؟!

** تلك كانت الوقائع وهى تتحدث عن الحال الذى وصلت إليه أخلاق كرة القدم المصرية، وصلت إلى مرحلة من الهبوط والبلطجة وعدم الانضباط والانفلات لا توصف.. مع أنها مباراة عادية، أو يجب أن تكون عادية بين فريق يسعى للفوز باللقب، وبين فريق يسعى للفوز، وهو أمر مشروع وطبيعى. فلماذا كل هذا الصخب؟ وما هى الأسباب التى جعلت الرغبة هزيمة الأهلى وحرمانه من فرصة الفوز بدرع الدورى تفوق الرغبة فى الفوز عليه فى مباراة.. ما هى تلك الأفكار المريضة، التى تقول: «لو كنا لا نستطيع اعتلاء الصدارة فلنسقط من يحتلها بأى طريقة»!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved