وسائل الصين لزيادة نفوذها الإعلامى فى جنوب شرق آسيا

قضايا عسكرية
قضايا عسكرية

آخر تحديث: السبت 21 مايو 2022 - 7:40 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Defense One مقالا بتاريخ 10 مايو للكاتبين دانيال شاتس وبيتر سنجر، تناولا فيه الطرق التى تتبعها الصين لزيادة نفوذها فى منطقة جنوب شرق آسيا، وما هو دافعها الأساسى من وراء هذه الجهود.. نعرض من المقال ما يلى.

تؤكد إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن أن بكين هى المنافس الرئيسى للولايات المتحدة، وأن المنطقة لها أهمية فى المنافسة بين الولايات المتحدة والصين. لذلك، تركز جهود الولايات المتحدة على جذب أعضاء الآسيان الذين يمكن اعتبارهم محاصرين فى عملية الموازنة الدقيقة بين القوى العظمى.
الصين تتودد لهم أيضا، وليس فقط من خلال التجارة والاستثمار اللذين يُرجح أنهما أقوى أدوات نفوذها فى جنوب شرق آسيا، لكن عن طريق تعزيز نفوذها الإعلامى فى هذه البلدان من خلال أربع طرق رئيسية، كوسيلة لتشكيل أفكارهم.
• • •
الطريقة الأولى والأكثر مباشرة للصين للتواصل مع وسائل الإعلام فى دول الآسيان المستهدفة هى البث المباشر أو نشر محتوى وسائل الإعلام الحكومية؛ وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية (شينخوا) لديها مكاتب فى كل دولة فى جنوب شرق آسيا. كما تعمل القنوات الإخبارية التلفزيونية الصينية الناطقة باللغة الإنجليزية فى كل بلد تقريبا فى المنطقة، بينما يبث راديو الصين الدولى محتوى متعدد اللغات فى فيتنام ولاوس وكمبوديا وتايلاند وميانمار. شينخوا هى وكالة على مستوى وزارة تتبع مباشرة لمجلس الدولة، بينما تعمل جميع المنظمات الإعلامية الأخرى تحت إدارة الحزب الشيوعى الصينى.
تبث الصين أيضا وسائل الإعلام الخاصة بها من خلال الشراكات واتفاقيات مشاركة المحتوى مع المؤسسات الإعلامية فى البلدان المستهدفة. مثل هذه الاتفاقيات جذابة لدول جنوب شرق آسيا جزئيا لأنها توفر محتوى مجانيا لوسائل الإعلام المحلية. الصين، بالطبع، تستخدمها لحقن الروايات المفضلة لها فى المنازل فى جميع أنحاء المنطقة. فى تايلاند، على سبيل المثال، وقعت 12 مؤسسة إخبارية وموقعا إلكترونيا على الأقل اتفاقيات مشاركة المحتوى مع وكالة أنباء شينخوا بحلول أواخر عام 2019. وفى الفلبين، وقع مكتب عمليات الاتصالات الرئاسية، الذى يدير وكالة الأنباء الفلبينية وغيرها من وسائل الإعلام الحكومية، اتفاقيات متعددة مع الحكومة الصينية فى السنوات الخمس الماضية لمشاركة المحتوى والإنتاج الإعلامى، وأشكال أخرى من التعاون الإعلامى.
الطريقة الثانية هى إقامة الصين علاقات مع الصحفيين فى هذه البلدان بطرق أخرى. فمنذ عام 2007، نظمت بكين عدة منتديات مشتركة مع الآسيان لتعزيز التبادل والتعاون الإعلامى، أحيانا تحت رعاية مبادرة الحزام والطريق. ومنذ عام 2014، أدارت جمعية الدبلوماسية العامة الصينية غير الربحية المدعومة من الحكومة برنامجا تدريبيا مدته عشرة أشهر للصحفيين الأجانب والذى يتضمن محاضرات حول المجتمع والسياسة الصينية، ورحلات إلى شينجيانغ للترويج لرواية الحزب الشيوعى الصينى هناك. كما اجتذب البرنامج نحو 100 صحفى فى عام 2019، العديد منهم من دول جنوب شرق آسيا. تدعم الحكومة الصينية أيضا العديد من الجمعيات الصحفية مثل جمعية الصحفيين التايلانديين الصينيين، بدعوى تعزيز التفاهم والعلاقات الجيدة بين الصحفيين الصينيين والأجانب.
الطريقة الثالثة تمثلت فى قيام إدارة الجبهة المتحدة للعمل فى الصين والكيانات التابعة لها مثل خدمة الأخبار الصينية باستهداف الصينيين فى بلدان أخرى والتودد إليهم فى محاولة لتشكيل آرائهم أو تجنيدهم فى خدمة أولويات الحزب الشيوعى الصينى. فى عام 2019، على سبيل المثال، نظمت خدمة الأخبار الصينية المنتدى العالمى للإعلام الصينى، وهو مؤتمر دعا المئات من الشخصيات الإعلامية الصينية من جميع أنحاء العالم، بما فى ذلك أكثر من 50 شخصا من دول جنوب شرق آسيا (وأكثر من 50 شخصا من الولايات المتحدة). حث أعضاء من الحزب الشيوعى الصينى هؤلاء الصحفيين على تعزيز ازدهار واستقرار وسلام الصين من خلال تشكيل صورة إيجابية للصين فى بلدانهم الأصلية؛ والتحدث عن أسلوب حكم الحزب الشيوعى الصينى. من الواضح أن هؤلاء الصحفيين المحليين يُنظر إليهم على أنهم امتداد لعمل الدعاية فى بكين. وكنتيجة لجهود التوعية هذه، تميل وسائل الإعلام الناطقة باللغة الصينية فى دول جنوب شرق آسيا إلى اتخاذ مواقف مؤيدة لبكين بشأن قضايا مثل هونج كونج وشينجيانغ.
الوسيلة الرابعة والأخيرة، لعبت الشركات الصينية الخاصة دورا فى تشكيل البيئة الإعلامية فى جنوب شرق آسيا. على سبيل المثال، تطبيق WeChat، وهو تطبيق متعدد الاستخدامات للغاية يوفر الرسائل النصية والمدفوعات الإلكترونية ومشاركة الأخبار، يكتسب شعبية فى دول جنوب شرق آسيا. فى عام 2020، تم ترخيصه للاستخدام من قبل البنك المركزى الإندونيسى، مما جعله شكلا قانونيا للدفع فى أكبر اقتصاد فى جنوب شرق آسيا.
ينتشر تأثير الشركات الصينية أيضا من خلال الاستحواذ على الشركات الأجنبية. قامت شركة بايت دانس الصينية المسئولة عن تطبيق تيك توك بشراء مجمع الأخبار الإندونيسى بابى BaBe فى عام 2018. ثم بدأت BaBe فى فرض الرقابة على الأخبار التى تنتقد الحكومة الصينية. حتى الشركات الصينية الكبيرة الخاصة ظاهريا غالبا ما تكون لها علاقات مع الحزب الشيوعى الصينى.
• • •
تبذل بكين كل هذا الجهد لأن دافعها الرئيسى هو تحسين صورة الصين فى هذه المنطقة الرئيسية. فالتوجيهات الرسمية لسياسة الحزب الشيوعى الصينى تدعو إلى استخدام وسائل الإعلام «لسرد قصة الصين جيدا» ولزيادة «قوة الخطاب الدولى» للبلاد، بينما تتحدث المؤسسة العسكرية عن وسائل الإعلام باعتبارها «سلاحا» فى «حرب الرأى العام». بعبارة أخرى، تسعى بكين إلى استخدام تواصلها الإعلامى الخارجى لكسب النفوذ ومواجهة ما تعتبره روايات سلبية غير عادلة عن الصين تنشرها وسائل الإعلام الغربية. تشمل الروايات الرئيسية تبييض انتهاكات الصين ضد حقوق الإنسان والديمقراطية، والتقليل من مسئوليتها عن نشر وباء كوفيدــ19، من خلال تعزيز الإنجازات مثل التخفيف من حدة الفقر وتطوير اللقاحات.
ومع ذلك، يبدو أن هذه الجهود حتى الآن قد أسفرت عن نتائج متباينة. فإذا كان الاستطلاع الذى تم إجراؤه فى عام 2021 لنخب فى دول الآسيان (الأكاديميين وصناع السياسات والصحفيين ورجال الأعمال) أظهر أن معظمهم يرون أن الصين أكثر تأثيرا فى منطقتهم من الولايات المتحدة، إلا أن «حرب الرأى العام» التى تشنها بكين قد فشلت فى التغلب على الارتياب الإقليمى الكبير تجاه الصين. فكانت الأغلبية الساحقة فى كل دولة (نحو 69 بالمائة فى لاوس إلى ما يقرب من 98 بالمائة فى فيتنام) «قلقة» بشأن النفوذ السياسى والاستراتيجى المتزايد للصين.
رغم ذلك لا ينبغى أن يخفف هذا من مخاوف الولايات المتحدة. بعبارة أخرى أوضح، أظهر استطلاع أن الآراء تجاه الولايات المتحدة أكثر مرونة، وقفزت الثقة فى الولايات المتحدة من 35 فى المائة إلى 55 فى المائة بعد انتخاب الرئيس بايدن، إلا أن الأغلبية فى ست من دول الآسيان العشر قلقة بشأن النفوذ السياسى والاستراتيجى للولايات المتحدة فى بلادهم. يشير هذا إلى أن الصين يمكن أن تتبنى نهج حرب المعلومات على غرار نهج روسيا، حيث لا تسعى إلى أن تكون دولة محبوبة بقدر ما تسعى إلى إضعاف القوى المتنافسة.
الخلاصة، إذا استخدمت بكين نفوذها الإعلامى فى دول جنوب شرق آسيا للتأثير على الولايات المتحدة بدلا من الترويج الذاتى الخالص، فقد تنجح فى قلب توازن النفوذ الدقيق فى المنطقة.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved