الشعور بالضياع رغم وضوح الطريق
صحافة عربية
آخر تحديث:
الأربعاء 21 مايو 2025 - 9:30 م
بتوقيت القاهرة
نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالا للكاتبة شيماء المرزوقى، توضح فيه أن «الفراغ الوجودى» هو حالة نفسية يعانى منها الإنسان رغم توافر كل مقومات الراحة والنجاح، إذ يشعر بالتيه وانعدام المعنى فى الحياة. لذا تؤكد الكاتبة أن هذا الفراغ لا يعنى الفشل، بل هو علامة على حاجة الإنسان للعودة إلى الذات والتأمل فى الغاية من وجوده. إذن، يكمن العلاج فى البحث عن المعنى الشخصى للحياة، عبر العمل، أو العلاقات، أو حتى المعاناة ذاتها، إضافة إلى التأكيد على أهمية القيم الروحية والإنسانية كوسائل لمقاومة هذا الشعور.. نعرض من المقال ما يلى:
فى لحظات معينة من حياتنا، قد نشعر بأن كل شىء يسير كما ينبغى، ومع ذلك يراودنا إحساس غامض بالتيه أو الفراغ، نؤدى واجباتنا اليومية، نحقق أهدافنا، نتواصل مع الآخرين، لكن يبقى هناك سؤال داخلى: «ما الهدف من كل هذا؟». هذا الشعور يعرف فى علم النفس بـ «الفراغ الوجودى» Existential Vacuum، وهو حالة من الشعور بالفراغ أو انعدام المعنى فى الحياة، وقد ناقش الطبيب النفسى النمساوى فيكتور فرانكل هذا المفهوم بشكل موسع فى كتابه «الإنسان يبحث عن معنى»؛ حيث أشار إلى أن الفراغ الوجودى ينشأ عندما يفتقر الإنسان إلى هدف أو معنى يوجه حياته، ووفقًا لموقع Positive Psychology، فإن الفراغ الوجودى يعبر عن حالة من الملل، واللامبالاة، والشعور بالفراغ، وقد يؤدى إلى الاكتئاب إذا لم يتم التعامل معه بشكل مناسب.
لكن لماذا نشعر بهذا الفراغ رغم أننا نمتلك كل ما نحتاج إليه؟ أحد الأسباب هو أن الحياة الحديثة، بكل ما توفره من رفاهية وتكنولوجيا، قد تبعدنا عن التفكير العميق فى معانى الحياة وأهدافها، ننشغل بتحقيق النجاحات المادية ونغفل عن الجوانب الروحية والإنسانية التى تمنح الحياة معناها الحقيقى.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدى الروتين اليومى والضغوط المستمرة إلى شعورنا بالانفصال عن ذواتنا، ما يجعلنا نتساءل عن جدوى ما نقوم به.
لمعالجة هذا الشعور، يقترح فرانكل من خلال العلاج بالمعنى (Logotherapy) البحث عن معنى شخصى فى الحياة، سواء من خلال العمل، أو العلاقات، أو حتى مواجهة المعاناة بطريقة تمنحنا شعورًا بالهدف، فالمعنى لا يمنح لنا، بل نحن من نصنعه من خلال تجاربنا واختياراتنا.
فى النهاية، الشعور بالضياع ليس علامة على الفشل، بل قد يكون دعوة لإعادة تقييم حياتنا والبحث عما يمنحها المعنى الحقيقى، من خلال التأمل والتواصل مع ذواتنا، يمكننا اكتشاف الطريق الذى يقودنا إلى حياة أكثر امتلاء ورضا.
ولا ننسى القيم الجميلة، مثل مساعدة الآخرين، والإيثار، والتطوع بالأعمال المفيدة لمن يحتاج إليها، وبذل المال للفقراء، وفق الاستطاعة، والتقرب من الله عز وجل، وفهم طبيعة الحياة التى نعيشها، وأنها لم توجد من أجل المشقة والانصهار والتعب، بل من أجل العمل والإنتاج والسعادة، وعبادة الله، وعدم إيذاء النفس، ومن المؤذيات، التفكير السلبى القاسى ضد روحك وحياتك التى تعيشها.