علموهم وارحمونا

فهمي هويدي
فهمي هويدي

آخر تحديث: الأحد 21 يونيو 2009 - 11:05 ص بتوقيت القاهرة

 هذه الأيام من شهر يونيو، تشهد المدارس الابتدائية فى أنحاء كندا انتخابات لتشكيل مجالس محلية للأطفال، تهتم بالشئون البلدية فى كل حى. وهذه المجالس تكون صورة طبق الأصل فى التشكيل والاختصاص من المجالس البلدية العادية. وتعد بمثابة مختبرات يتعلم فيها الطلاب أساليب العمل الجماعى المشترك وفنون الممارسة الديمقراطية والعمل العام. لتترسخ فى أذهانهم قيم الانتماء والمواطنة، لعلمهم أن أولئك الصغار هم كبار الغد وقادته.

بموجب النظام الداخلى لمجالس الأطفال يحق لكل مدرسة ابتدائية أن تمثل بعدد من تلاميذها يتراوح بين 8 و 12عضوا. ولا يشترط فى المرشح سوى أن يكون فى السنة الخامسة أو السادسة الابتدائية، وأن يتراوح عمره بين 9 و 10 سنوات، وأن يحصل على إذن خطى من ولى أمره، وأن يلتزم بتخصيص وقت للعمل البلدى والخدمة العامة.

المرشحون يتولون الحملات الانتخابية فى مدارسهم، التى تخصص لهم أمكنة محددة للصق الإعلانات والصور والشعارات والبرامج الانتخابية. كما توفر لهم صالات لإقامة المهرجانات والندوات والمناظرات التى تجرى بعد الدوام المدرسى. وحملات الأطفال الانتخابية تبدأ قبل أسبوعين من الموعد المحدد للتصويت، وبعد أن تكون المدرسة قد نظمت من جانبها حملة لتوعية الأطفال بمهمتهم والترتيبات المفترضة للعملية الانتخابية.

بعد الاقتراع وإبلاغ البلديات الرسمية ووسائل الإعلام بأسماء الفائزين، يعقد هؤلاء اجتماعا لتشكيل المجلس البلدى المكون من رئيس ونائبه وأمين سر، أما بقية الأعضاء فيتسلمون مناصب استشارية ويوزعون على لجان بلدية مختلفة. المجلس البلدى يجتمع فى دورات عادية أثناء العطل الدراسية وفيها يطرح أعضاؤه مشروعاتهم ويناقشون العقبات التى تواجههم، وتؤخذ القرارات فى تلك الدورات بالأغلبية المطلقة، وفى نهاية السنة يصدرون كتابا يتضمن جردا لما حققوه، والاقتراحات المؤجلة للعام التالى. (مدة المجلس سنتان).

المهام التى يقوم بها مجلس الأطفال توزع على مجالات الخدمات العامة وتنظيم الأنشطة الرياضية والترفيهية. بعضهم يقدمون المساعدات للمرضى والمعاقين وكبار السن، ويوفرون لهم الوجبات الغذائية التى تتبرع بها مخازن التموين الكبرى. والبعض الآخر ينظمون ورشا بيئية كتنظيف مجارى الأنهار والحدائق العامة وغرس الزهور على الشوارع الرئيسية.

كما يشتركون فى تنظيف الملاعب الرياضية والإشراف على أحواض السباحة. ومن المشروعات التى اقترحها الأطفال وأقرتها البلديات الرسمية وضع سلال النظافة فى الأحياء الداخلية، وزيادة المقاعد فى الحدائق العامة ، وتخفيض أسعار بطاقات النقل العامة الخاصة بالأطفال، وتزويد المكتبات العامة بمزيد من كتب الأطفال والكمبيوتر، وتخصيص قاعات شتوية فى بعض المراكز الثقافية لمزاولة النشاطات الترفيهية والرياضية وغيرها.

أرجو ألا تفهمنى خطأ، وتظن أننى أعرض الفكرة لكى تعمم فى بلادنا، وإنما أصارحك بأننى بعدما وجدت أن البلد خطفها أناس معينون وحولوها إلى «وقف» لصالحهم منذ عدة عقود، وراحوا يتعلمون فينا أساليب الحكم والإدارة (وكانت النتيجة كما تعرف)، خطر لى أن أعرض عليهم هذه الفكرة التى تتيح لهم أن يعلموا أولادهم وأحفادهم أصول اللعبة فى وقت مبكر، حتى إذا كبروا وورثوا مناصبهم، عرفوا كيف يديرون البلد على نحو ربما خفف عنا البلاء وجنبنا مزيدا من الكوارث. هى خدمة لهم صحيح، لكنها خدمة لنا أيضا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved