مصريون وفرنسيون ضد الكمامة!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 21 يونيو 2021 - 9:05 م بتوقيت القاهرة

فى شارع الشيخ على يوسف وشوارع متفرعة منه بمنطقة المنيرة، ويقع فيها المركز الثقافى الفرنسى، توجد مجموعة كبيرة من المقاهى بعضها شهير وكبير ويحتل نصف الشارع، لكن هذا ليس موضوعنا اليوم، لأن عددا كبيرا من المقاهى صار يبلطج ويحتل ويتمدد كما يشاء فى سائر المحافظات من دون رادع.
فى الفترة من التاسعة إلى الحادية عشرة من مساء يوم الثلاثاء الماضى كان المنتخبان الفرنسى والألمانى يتواجهان كرويا فى أولى مبارياتهما فى بطولة كأس أمم أوروبا.
وبالطبع فإن مثل هذه المباريات مورد رزق كبير للمقاهى، وصار الإقبال على هذه المقاهى يزيد فى مباريات الدوريات الأوروبية خصوصا إذا كان ليفربول الإنجليزى طرفا فيها إكراما لعيون نجمنا الكبير محمد صلاح، إضافة لفرق أخرى مهمة مثل ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونخ وباريس سان جيرمان ومانشستر سيتى أو يونايتد.
لكن الظاهرة التى لفتت نظرى ليلتها بشدة، فهى أن أكثر من نصف الحاضرين فى هذه المقاهى كانوا من الأجانب خصوصا الفرنسيين. وعرفت أنهم فرنسيون لأننى كنت أمر فى طريقى لزيارة قريب يسكن فى نفس المنطقة، وتوقفت لبرهة لأعرف النتيجة التى كنت قد تركتها فى الشوط الأول بتقدم فرنسا بهدف. وفى كل هجمة لفرنسا كان الحاضرون يتفاعلون بإيجابية وهى المباراة التى انتهت بفوز المنتخب الفرنسى بهدف.
المباراة ونتيجتها ومستواها ليست هدفنا من هذه السطور، فذلك اختصاص نقاد متخصصين مثل حسن المستكاوى. لكن الظاهرة التى لفتت نظرى وجعلتنى أضرب كفا بكف، هى أن غالبية الأجانب الموجودين فى المقهى لم يكونوا يرتدون الكمامة، وكانوا يجلسون متلاصقين تماما فى الكراسى.
معظم هذه المقاهى لا تملك ترف تطبيق قواعد التباعد الاجتماعى، لأنها لو فعلت ذلك فسوف تخسر أكثر من نصف أو ثلاثة أرباع الحضور، وبالتالى لن تتمكن من جمع المقابل المالى، والمؤسف أنه طوال وقت المباراة، الذى اقترب من الساعتين، لم نجد من يردع هذه المقاهى، ويطالبها بتطبيق الإجراءات الاحترازية.
غالبية الحاضرين من المصريين لم يكونوا يرتدون الكمامة، وهو أمر لم يعد يفاجئ أو يدهش أحدا منذ شهور طويلة، لكن السؤال كيف تمكنا من التأثير على الأجانب وجعلناهم يقلدوننا حتى فى الظواهر السلبية، بدلا من أن نتعلم نحن منهم السلوكيات الصحيحة والصحية؟!
هل نحن المصريين بهذه القوة والجبروت والسحر، لكى ننقل تأثيرنا الفتاك إلى الأجانب كى يقلدونا فى السلبيات؟!
كنت أحكى ما حدث لأحد الأصدقاء، فقال لى ربما يكون غالبية الحاضرين، الذين لم يرتدوا الكمامة قد تم تطعيمهم باللقاحات أو صارت لديهم أجسام مضادة ضد كورونا، أو «كوفيدــ١٩» بعد إصابتهم بالفيروس.
قلت له أشك أن غالبية الحاضرين تم تطعيمهم والسبب أنهم جميعا من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ٢٠ و٣٥ عاما، وهذه الفئة تعتقد أنها محصنة ضد الفيروس بسبب مناعتها القوية.
وحتى لو افترضنا جدلا أن الجميع تم تطعيمه بالفعل، أليس من الأفضل ارتداء الكمامة وسط هذا الحشد الجماهيرى العالمى.. ألا يخشى من لديه حصانة من كورونا أن يصاب بفيروس آخر، خصوصا أننا نسمع كل يوم عن فيروسات جديدة متحورة ليس فقط من كورونا، ولكن فيروسات أخرى بعضها كان كامنا وبعضها جديد تمام، لا يعرف العلماء عنه شيئا؟!
يقول المسئولون أن إصابات كورونا فى مصر قد بدأت فى التراجع خلال الأيام الماضية، وأعرف أن نسب التطعيم تزيد يوما بعد يوم، لكن أعرف أكثر أن فيروس كورونا بلا كتالوج حتى الآن، ليس فقط مصريا بل عالميا. والأمر المهم جدا هو أننا فى مصر لم نجر مسحات كثيرة، وبالتالى فالمخاوف كبيرة من وجود موجات إصابات كثيرة أخرى لا قدر الله.
أعلم أن الوعظ والخطابة فى موضوع الالتزام بالقواعد الاحترازية ممل ومحبط ومقرف لكثيرين، لكن من المهم ألا نيئس من ذلك، ونستمر فى التحذير حتى تصل الرسالة لمن يهمه الأمر، حتى لو كان عددا قليلا من الناس.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved