حماية البيئة في مصر

علاء غنام
علاء غنام

آخر تحديث: الثلاثاء 21 يونيو 2022 - 8:30 م بتوقيت القاهرة

لقد شهدت العقود الأخيرة إلى جانب التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية تغييرا بيئيا، فالتحديات المرتبطة بقضايا المناخ والأزمات التى قد تنتج عنها ربما تمثل تحديا يفوق خطر الجائحة إن لم يتم التعامل مع هذه التحديات والاستعداد لها.
إن الاتجاهات البيئية تهدد كوكبنا وتهدد حياة الملايين بالخطر، فمن حرق الغابات إلى حرق الوقود الأحفورى إلى زيادة سكانية مرعبة. وصار من المتفق عليه الآن استحالة فصل قضايا التنمية الاقتصادية عن قضايا البيئة، فالكثير من أشكال التنمية يستنزف موارد البيئة. لذلك، يجب معالجة مشاكل البيئة من خلال منظور شامل يصل إلى الأسباب الكامنة وراء الفقر واللامساواة الدولية والمحلية.
لقد نجح مؤتمر الأرض الشهير فى ريو سنة 1992 فى إرساء الأسس القانونية والحقوقية من أجل حماية البيئة، وقبلها أشار إعلان ستوكهولم عام 1972 إلى مسئولية الحكومات عن تحسين وحماية البيئة.
وفى هذا السياق، من المهم الإشارة للمجهودات السابقة التى قد بُذلت فى مصر منذ أكثر من 20 عاما للدعوة والمناصرة والبحث فى مجال حماية البيئة. فلقد صدر فى أواخر التسعينيات، منذ أكثر من عشرين عاما، كتيب من مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان بعنوان حماية البيئة فى مصر، يتكون من أربع دراسات، دراسة عن مشاكل البيئة المتعلقة بالمبيدات والزراعة، والثانية عن تلوث نهر النيل، والثالثة عن المنظمات غير الحكومية ودورها فى حماية البيئة فى ذلك الوقت، والأخيرة دراسة ميدانية عن إحدى القرى المصرية فى حلوان والتى يعانى سكانها من التلوث نتيجة صناعة الإسمنت الملوثة للبيئة وخصوصا تأثيرها على صحة الأطفال فى ذلك الوقت. وهو نموذج للعمل الميدانى الذى كان مسموحا به ويستحق أن يكون مجالا للتكرار والسماح بهذا النوع من البحث الميدانى حاليا.
هناك العديد من التقارير التى أصدرتها منظمة الصحة العالمية بشأن أضرار تلوث الهواء على الصحة حيث أن هناك أدلة واضحة على الضرر الذى يلحقه تلوث الهواء بصحة الإنسان، وتفيد بعض التقديرات أن التعرض لتلوث الهواء يتسبب كل عام فى حدوث 7 ملايين وفاة مبكرة ويؤدى إلى فقدان ملايين إضافية من سنوات العمر الصحية. ويمكن أن يسبب عند الأطفال قصور فى نمو الرئتين ووظيفتهما، والتهابات الجهاز التنفسى، وتفاقم الربو. أما عند البالغين والبالغات، فإن أمراض القلب الإقفارية والسكتة الدماغية التى تعد من الأسباب الأكثر شيوعا للوفاة المبكرة ترتبط بتلوث الهواء خارج المبانى، وقد بدأت تظهر أيضا أدلة على تأثيرات أخرى مثل داء السكرى والأمراض العصبية. وهذا ما يجعل عبء المرض الذى يعزى إلى تلوث الهواء قضية صحة عامة تحتاج لتدخلات.
وهناك تقديرات تعود لمارس 2014، أفادت منظمة الصحة العالمية فيها أن نحو 400 ألف شخص فى «إقليم شرق المتوسط»، قد توفوا قبل الأوان فى عام 2012 نتيجة التعرض لتلوث الهواء.
لذلك، فى يوم الصحة العالمى الحالى (7 أبريل 2022)، وجهت منظمة الصحة العالمية نداء عاجلا إلى الحكومات للتعجيل باتخاذ إجراءات تهدف إلى الحفاظ على الصحة وحمايتها والتخفيف من حدة أزمة المناخ، باعتبار تغير المناخ والمشكلات البيئية قضية صحة عامة لها أولوية قصوى.
وهناك جهود بحثية صدرت لربط الصحة بقضايا البيئة من جهات حكومية مثل دراسة عن تقييم مشكلة التلوث الضوضائى وآثاره الصحية فى بعض المستشفيات فى محافظات القاهرة والجيزة، والصادرة من جهاز حماية شئون البيئة، حيث تستعرض الدراسة نتائج رصد مستويات الضوضاء داخل وخارج المستشفيات محل الدراسة وكذلك نتائج التحليل الاستقصائى لعينة عشوائية من المواطنين والمواطنات سواء من المرضى أو من الطاقم الطبى حيث كانت النتائج أن مستويات الضوضاء التى تم رصدها داخل المستشفيات أعلى من الحدود الواردة باللائحة التنفيذية لقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 والمعدل برقم 9 لسنة 2009 وأعلى من معايير الصحة العالمية، وأشار التحليل إلى وجود مشكلات صحية يعانى منها المرضى والعاملين والعاملات من أطقم طبية نتيجة التعرض للضوضاء. كما اشتملت الدراسة على توصيات عاجلة للحد من الضوضاء داخل المستشفيات أهمها قيام المحافظات بإجراءات للسيطرة على معدل الضوضاء حول المستشفيات وتكثيف زراعة الأشجار حول المستشفيات. وأن تكون غرف المرضى مصممة بطرق عازلة للصوت.
وفى الخلاصة، فإن هذا النوع من الدراسات شديد الأهمية فى الوقت الحالى، مع استضافة مصر لقمة المناخ، والتحديات البيئية الكبيرة التى تواجه مصر، وحلم تطبيق التأمين الصحى الشامل، هذا النوع من الدراسات ضرورى سواء من جانب جهات حكومية أو باحثات وباحثين مستقلين أو منظمات مجتمع مدنى، ويحتاج أن يترك له مساحة وحرية عمل وبحث دون معوقات بيروقراطية أو محاولة لتجميل الواقع.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved