السائحون.. هل يضربون الإرهاب؟!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 21 يوليه 2017 - 8:50 م بتوقيت القاهرة

مساء الجمعة قبل الماضى كنت أتحدث هاتفيا لفضائية دويتشه فيله الألمانية «DW» عن تأثيرات حادث طعن أربع سائحات فى الغردقة، اضافة إلى وفاة اثنتين من الجنسية الألمانية، ثبت لاحقا انهن تعملان موظفتان مقيمتان فى مركز للغطس بالغردقة. وحتى هذه اللحظة لا نعرف خلفيات الحادث، وما الذى دفع المتهم إلى ارتكابه، وهل كانت هناك علاقة سابقة تربطه بالمتهمتين الالمانيتين أم ماذا ؟!

لفت نظرى فى التقرير أو التغطية التى أبرزتها القناة كلام سائحة ألمانية كانت تستعد للسفر من برلين إلى الغردقة فى نفس يوم الحادث. السائحة قالت بهدوء شديد لدى سؤالها عن وجود أى تغييرات فى الخطط بعد سماعها لعملية الاعتداء، إنها مصرة على إكمال رحلتها والسبب أن العالم كله صار مليئا بمثل هذه الحوادث. قالت السيدة أيضا إن حوادث مماثلة بالطعن بالسكاكين وقعت فى باريس ودهس بالسيارات فى نيس وأخرى فى بروكسل فهل سوف يتوقف السائحون عن الذهاب إلى مثل هذه الأماكن؟!. أضافت السيدة أن حوادث دهس واعتداءات إرهابية مختلفة وقعت فى العاصمة الألمانية برلين، فهل يعنى ذلك أن يتوقف الألمان عن التجول فى شوارع عاصمتهم؟!

كلام هذه السيدة يعكس فهما وإدراكا واضحا لتعقيدات مشكلة العمليات الإرهابية التى صارت تضرب مناطق مختلفة فى العالم أجمع. 
قبل هذه الموجة الارهابية العالمية العاتية فإن ما كان يحدث، هو أن السائحين يفرون من أى مكان مهما كان جماله أو سحره إذا شهد أعمالا إرهابية.. وهكذا رأينا تركيز الإرهابيين على استهداف السائحين، كأسرع وسيلة لضرب الاقتصاد القومى لمصر، باعتبار أن السياحة هى قاطرة الاقتصاد المصرى منذ فترة طويلة.

ما فعله ويفعله الإرهابيون هو نمط كلاسيكى من العمليات، يتجه إلى استهدف المناطق والفئات والقطاعات التى يعتقدون أنها رخوة مثل السياحة والأقباط، لأنهم يدركون أنها ذات تأثير كبير فى الصراع، خصوصا أنها محط اهتمام وتركيز الاعلام. 
ما قالته السائحة الألمانية لم يكن مجرد رأى عابر، بل إن غالبية السائحين لم يغادروا الغردقة بعد العملية الأخيرة.

لكن ذلك ليس حكما نهائيا ويحتاج إلى فترة من الوقت حتى يمكن اختباره على أرض الواقع خصوصا بعد تحذيرات امريكا والصين لسائحيهما من زيارة مناطق كثيرة فى مصر. 

وفى كل الاحوال فإن كلام السائحين يعكس تغيرا مهما فى طريقة تعاطيهم مع العمليات الإرهابية، وإذا استمر وصار اتجاها عالميا عاما فهو يعنى أن السائحين هم الذين وجهوا الضربة القاضية للإرهابيين وليس العكس،كما كان يحدث دائما!!

بطبيعة الحال لا يمكن لوم سائح أو حتى مواطن عادى إذا ترك أى منطقة تقع فيها حوادث إرهابية، لأن الأساس أن يحرص الإنسان على حياته. لكن هذا التطور فى كلام بعض السائحين يحتاج إلى تطوير وتفعيل من قبل وزارة السياحة وكبار المستثمرين والمطورين السياحيين وسفاراتنا، للتسويق بالخارج حتى يستمر تدفق السائحين على مصر.

نعرف أن هناك توجهات لبعض الدول لضرب السياحة ونعرف أن السياحة الخارجية صارت إحدى أوراق التفاوض بين البلدان كما تفعل روسيا مع مصر الآن.. لكن على الأقل يمكن للحكومة المصرية أن تستغل هذه التوجهات العقلانية عند بعض السائحين، لكى تمنع تأثر السياحة بالحادث الأخير.

ويحسب لألمانيا أنها لم تتخذ أى اجراء يضر بمصر بعد الحادث الاخير فى الغردقة، والفضل فى ذلك يرجع لاكثر من طرف فى مقدمتهم وزارة السياحة وتحركات سفيرنا فى برلين الدكتور بدر عبدالعاطى.

هى معركة تستحق أن نخوضها بكفاءة عالية، لأن هذه الصناعة ببساطة تفتح بيوت ملايين المصريين.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved