الشرطة بين التضحيات والتحديات


وليد عوف

آخر تحديث: الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 8:50 م بتوقيت القاهرة

الشرطة صمام أمان المجتمع واستقراره.. هى الأداة والوسيلة لإنفاذ القانون وفرض النظام فى الشارع وبين الناس.. وضبط المجرمين والمخالفين وتسليمهم للأجهزة القضائية.. ثم تسلم من تصدر ضدهم أحكام لتوقيع العقوبة.. والإصلاح..
تتعدد مهامها بإختلاف قطاعاتها بين أمن مركزى.. وأمن وطنى.. وأمن عام.. وحراسات خاصة.. ونجدة وتدخل سريع.. ومباحث.. وخلافه.
يواجه رجالها تحديات ومخاطر كبيرة فى مكافحة الجريمة وحروب الإرهاب.
تضحياتهم بالروح والنفس.. والجسد والدم.. خير شاهد على ما يتكبدونه على مر الأيام والسنين فى مختلف المواقع.. رغم ضنك العيش الذى يعانونه مثل باقى العاملين فى الدولة وأجهزتها الحكومية..
وصلاحيات رجالها واسعة مدعومة بسلطة القانون ونصوصه.. وسطوة النفوذ.. وقوة السلاح.. وترابط قانونى وعرفى بين رجالها فى السراء والضراء.
ويصبح اقتران كل هذه الضغوط وغيرها مع سلطة وسطوة النفوذ مولدا لبعض الاختلالات فى الممارسة والتطبيق خاصة فى غياب ثقافة حقيقية وصادقة للاحترام المتبادل بين رجل الشرطة والمواطن.. وهذا الاختلال هو الذى أفرز ضغوطا تراكمية أشعلت الشرارة الأولى لانتفاضة الشباب فى يناير ٢٠١١ وما أعقبها من انهيار أجهزة الشرطة وحالة الفراغ الأمنى الذى عايشناه جميعا.. وكان ذلك دافعا لتبنى وزراء الداخلية المتعاقبين وقيادات الوزارة لمنهج جديد فى التعامل مع الجمهور والرقابة الداخلية بهدف بناء أسس جديدة للعلاقة بين الشرطة والمواطن تصون حقوقه وكرامته.. وتخلق صورة ذهنية بناءة لدور الشرطة فى أذهان المواطنين..
وما من شك فى أن السير فى هذا النهج الإصلاحى لن يؤتى ثماره كاملة فى أيام أو شهور أو حتى أعوام قليلة.. فالتراكمات قديمة وعميقة.. وثقافة التحفز متأصلة ومتجذرة.. والتحديات والعوائق متكررة ومتجددة.. والنفوس مشحونة..
وفى تصورى فإن إصلاح هذه العلاقة وسلوكيات ومواقف المواطنين ورجال الشرطة لا تقتصر فقط على أجهزة الداخلية المعنية وإنما تتطلب دورا مجتمعيا واعيا وهادفا وبناء.. يسهم فى إبراز دور الشرطة الإيجابى والبطولى فى حفظ أمن وسلامة المجتمع بالتعاون مع مختلف الأجهزة الأمنية للدولة.. ويضع التجاوزات فى الممارسة الشرطية فى حجمها الحقيقى دون تهوين أو تهاون وكذلك دون تشف وتجريح وتعميم.
يرصد المجتمع ما يدور بأمانة وموضوعية.. وتنتبه أجهزة الشرطة للتجاوزات باهتمام وجدية.. وتبادر باتخاذ الإجراءات العقابية بحزم وشفافية ليتحقق الردع ويتعمق حس المساءلة الذاتية والرقابية..
فالمواطن المطحون الذى يتحمل الكثير من ضيق العيش.. والغلاء والمعاناة عن طيب خاطر.. أو تسليم.. قد لا يحتمل الإهانة البالغة لكرامته أو كرامة أبنائه وذويه.. والظلم الجائر بسبب تجاوزات غير مقبولة حتى ولو كانت من قلة من رجال الأمن والشرطة..
وأرى أن هذه المسألة هى قضية جوهرية تمس أمننا الداخلى وأمننا القومى فى ظل مناخ يتصيد فيه الكثير من الأطراف المغرضة الثغرات لبث الكره وإشعال الفتن بين مختلف أطياف المجتمع..
وأملى ورجائى أن تتكاتف الجهود المخلصة برؤية ثاقبة وموضوعية لدعم الإصلاح المتواصل لهذه العلاقة الهامة والحساسة بين المواطن و«الحكومة» ممثلة فى أجهزة الشرطة بكل أقسامها وفروعها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved