لماذا كرة اليد؟

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 8:45 م بتوقيت القاهرة

على مدى ما يقرب من 30 سنة تحقق منتخباتنا القومية لكرة اليد نجاحات قارية وعالمية، مطردة. وإذا ما تعرضت هذه المنتخبات لأى كبوة فسرعان ما تسترد عافيتها وتعود إلى الساحة العالمية بكل قوة.
وخلال أقل من ستة أشهر نجحت المنتخبات الثلاثة للكبار والشباب والناشئين فى تحقيق نتائج مفرحة، بدأت بعودة منتخب الكبار إلى قائمة الثمانية الكبار فى بطولة العالم التى أقيمت فى الدنمارك فى يناير الماضى ويتقدم 5 مراكز عن المركز الذى احتله فى البطولة السابقة عام 2017. ثم جاء منتخب الشباب ليحتل المركز الثالث على مستوى العالم متفوقا على البرتغال فى البطولة التى أقيمت فى إسبانيا، وبعد أقل من 21 يوما يأتى منتخب الناشئين ليصعد إلى منصة التتويج بطلا للعالم.
أظن أن القواعد التى وضعها قبل أكثر من 30 عاما حسن مصطفى، رئيس اتحاد كرة اليد فى ذلك الوقت ورئيس اتحادها الدولى حاليا، والتى ضمنت عدم تكديس اللاعبين الموهوبين فى ناد واحد يمتلك من المال والنفوذ ما يضمن له ذلك، حتى لو لم يكن فى حاجة إليهم جميعا، فيحتكر التفوق الوهمى وتدفع الدولة ومعها اللعبة الثمن باهظا.
هذه التعددية ضمنت وجود ثلاثة أو أربعة أندية تتنافس على الألقاب المحلية، ووفرت خط إمداد لا يتوقف للمنتخبات، على عكس الحال فى كرة القدم مثلا التى احتكر نادٍ واحد فيها البطولات والأموال والنفوذ واللاعبين فكانت النتيجة تفوقا كاسحا للنادى، وغياب شبه كامل للدولة عن الساحة العالمية على مدى عقود وعقود.
التعددية والحرص على وجود مستوى جيد من التنافسية بين الأندية فى كرة اليد، والتى حققت هذه النجاحات التى نحتفل بها، هى نفسها التى نفتقدها فى أغلب مجالات حياتنا، لأن البعض يتصورون أن القضاء على المنافسة هو سبيل النجاح والاستقرار، دون أن يدركوا أنه نجاح لا يتعدى تأثيره حدود كيانهم.
إذا كان لنا أن نستفيد من تجربة منتخبات كرة اليد، فعلينا أن نعيد النظر فى الكثير من السياسات فى مجالات حياتنا المختلفة وأن نسعى إلى فتح باب التنوع والتنافس، بل وإلى وضع القواعد التى تمنع تغول كيان واحد على باقى كيانات المجتمع بدعوى أنه الأقدر على النجاح والإنجاز. فالمنافسة العادلة فى أى مجال تضمن فى النهاية حصول المجتمع ككل على أفضل النتائج. هذا الكلام ينطبق على السياسة كما ينطبق على الرياضة، وينطبق على الاقتصاد كما ينطبق على الإعلام.
عندما كان لدينا هذا التنوع الكبير فى الثقافة والفكر، كانت الكلمة المصرية مسموعة فى العالم العربى من المحيط إلى الخليج. وكانت قوة مصر الناعمة أهم وأقوى من قوتها الصلبة.
أخيرا، لابد من ادراك درس نجاح كرة اليد، واعادة النظر فى المساعي الحثيثة، للقضاء على المنافسة والتعددية فى مجالات عديدة بدعوى أنها تؤدى إلى شق الصفوف وتحدٍ من القدرة على حشد القوى من أجل الوصول إلى الأهداف النبيلة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved