هذا الباحث أفضل من ذاك

محمد زهران
محمد زهران

آخر تحديث: السبت 21 أغسطس 2021 - 8:35 م بتوقيت القاهرة

إذا كنت فى لجنة لاختيار باحث للتعيين فى معمل أبحاث أو جامعة وأمامك أكثر من باحث، كيف تختار من بينهم؟ هذا السؤال على صعوبته فى منتهى الأهمية لأن نجاح أى مؤسسة تعتمد على القدرة على اختيار الشخص المناسب. سنحاول قدر الإمكان الإجابة عن هذا السؤال فى هذا المقال، ولكن ستكون الإجابة للتخصصات العلمية فقط لأن هذا هو تخصص كاتب هذه السطور وله به بعض الخبرة.

أول ما يخطر على بالك هو عدد الأبحاث المنشورة لكل باحث، الذى نشر عشرين بحثا حتما أفضل ممن نشر خمسة عشر بحثا. هذا ليس صحيحا فى المطلق. الباحثون ينشرون أبحاثهم عادة فى المجلات العلمية وفى المؤتمرات، فى الأغلب الأعم من التخصصات العلمية المجلات أقوى من المؤتمرات فمن نشر فى مجلات تعتبر أبحاثه أقوى ممن نشر فى مؤتمرات، الاستثناء الأكبر لهذا هو مجال علوم وهندسة الحاسبات حيث تعتبر مؤتمرات معينة فى هذا المجال أقوى بكثير من المجلات ولهذا الاختلاف سبب لن نناقشه هنا حتى لا نبتعد عن الموضوع الأساسى.

ولكن أين نشرت هذه الأبحاث، عشرة أبحاث فى مجلات قوية قد تكون أفضل بكثير من خمسة عشر بحثا فى مجلات أضعف.
عند التساوى فى عدد الأبحاث وقوة أماكن النشر يجب أن نعرف مدى تأثير كل بحث فى مجتمعه العلمى وهذا يتأتى من معرفة عدد الأبحاث التى تستشهد بكل بحث، كلما زاد عدد الأبحاث التى تستشهد ببحثك دل ذلك على قوة تأثير بحثك، طبعا يجب أن نأخذ فى الاعتبار تاريخ نشر البحث، فمثلا لا يمكننا مقارنة بحث منشور منذ عدة سنوات بآخر نشر هذا العام، البحث المنشور حديثا لم يأخذ بعد فرصته فى التأثير. إذا كان بحثك منشورا منذ عدة سنوات ولم يستشهد به الكثيرون دل ذلك على عدم التأثير الكبير لبحثك على الأقل حتى الآن حتى وإن كان منشورا فى مجلة علمية مرموقة.

هناك أيضا ترتيب الأسماء على البحث العلمى وهو يختلف من تخصص لآخر لكن فى معظم الأحيان يكون الاسم الأول هو من قام بأغلب العمل والاسم الأخير هو المشرف، لذلك إن كانت معظم أبحاث باحث ما تظهر اسمه خارج هذين المكانين فهذه علامة سيئة، طبعا هناك استثناءات إن كان البحث كبيرا ويحتاج عددا كبيرا من الباحثين الذى بذل كل منهم مجهودا كبيرا.

بخلاف الأبحاث المنشورة فى دوريات ومؤتمرات محكمة هناك دلائل أخرى على قوة الباحث مثل عدد براءات الاختراع المسجلة ونجد ذلك أكثر عند الباحثين العاملين فى الشركات أكثر من الجامعات لأن الشركات تريد أكبر عدد من براءات الاختراع لأن هذا قد يترجم فى المستقبل إلى أرباح من هذه البراءات إذا قررت شركات أخرى استخدامها.

يأتى بعد ذلك ما أنتجه الباحث من برمجيات مفيدة فى تخصصه أو كتب كتابا مؤثرا فى التخصص أو أعطى محاضرات أو ورشات عمل فى تخصص دقيق مطلوب.
من كل ما سبق قد يتبادر إلى الذهن أن الموضوع سهل، بل ويمكن كتابة برمجيات تقارن بين الباحثين المتقدمين لعمل ما وتختار أفضلهم، إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا نترك أمر التعيين للكمبيوتر كليةً ولا يتدخل فيه البشر؟ السبب الرئيسى هو أنه بخلاف الإنتاج العلمى هناك عوامل أخرى لا يستطيع الكمبيوتر (على الأقل حتى الآن) قياسها مثل: هل هذا الباحث من المتوقع أن يكون فعالا فى العمل الجماعى؟ هل هذا الباحث يحترم المواعيد وقواعد العمل؟ إلخ
وهناك عامل آخر مهم يحتاج إلى العنصر البشرى لتفحصه وهو مرتبط بالسؤال الآتى.

هل نظام المقارنة الذى ذكرناه خال من الثغرات؟ بالطبع لا، فمثلا قد تكون أنت مدير لمعمل أبحاث فى جامعتك وتحصل على تمويل كبير لمعملك وتعين الكثير من الباحثين الذين ينتجون الكثير من الأوراق العلمية وتجبرهم أن يضعوا اسمك على كل الأبحاث حتى وإن لم تشرف أو تساعد فى هذا البحث وتفترض أن مجرد الحصول على التمويل كاف كى تصبح مشاركا فى البحث وهذا خطأ. مثال آخر أن تتفق مع زملائك الباحثين أن تستشهد بأبحاثهم مقابل أن يستشهدوا بأبحاثك، وهذا أيضا غش.
هل ترى أن هناك طريقة أفضل لتقييم الباحثين؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved