نجاح الخارج.. لا يغنى عن وفاق الداخل

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 21 سبتمبر 2016 - 10:35 م بتوقيت القاهرة

هل نشاط وسفريات الرئيس عبدالفتاح السيسى الخارجية أكثر مما ينبغى، وهل يفترض أن يركز أكثر على الداخل؟!. سؤال يتردد بصفة مستمرة، ويتزايد كلما سافر الرئيس للخارج؟

خلال الأيام الماضية تكرر نفس السؤال حينما سافر الرئيس إلى نيويورك للمشاركة فى الدورة ٧١ للجمعية العامة للأمم المتحدة.

فى تقديرى الشخصى إن غالبية زيارات السيسى الخارجية ــ منذ مشاركته فى قمة الاتحاد الأفريقى فى غينيا الاستوائية بعد توليه منصبه بأيام قليلة فى صيف ٢٠١٤ وحتى زيارته الحالية إلى نيويورك ــ كانت موفقة وإيجابية وصبت فى مصلحة البلاد.

الحكم على النشاط الخارجى للسيسى ينبغى أن يأخذ فى الاعتبار كل الظروف المختلفة، خصوصا الوضع الذى كانت عليه صورة مصر الخارجية بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠٠٣ عقب إخراج الإخوان من الحكم. وقتها علق الاتحاد الأفريقى عضوية مصر، والاتحاد الأوروبى فرض علينا عقوبات اقتصادية وعسكرية وسياسية، والولايات المتحدة علقت مساعدتها العسكرية والاقتصادية، ولم يكن معنا عمليا من بلدان العالم إلا السعودية والإمارات وروسيا. كانت تركيا ومعها قطر، وتونس تحت حكم حركة النهضة ــ الى حد ما ــ تشن حملة شعواء لمحاكمة الحكومة والنظام والمسئولين فى محاكم العدل الدولية والأفريقية والجنائية الدولية. كانت جماعة الإخوان أكثر نشاطا وقوة فى الخارج، قبل أن تنقسم ويضعف تأثيرها الآن.

الآن تمكنت الحكومة المصرية عمليا من استعادة العديد من علاقاتها الطبيعية مع معظم بلادن العالم، خصوصا أوروبا، العلاقات مع أمريكا تحسنت إلى حد كبير رغم أنها متوترة أحيانا خصوصا مع البيت الأبيض ومجلس الأمن القومى. لكن اللقاءين اللذين تما بين السيسى وكل من المرشحين للرئاسة هيلارى كلينتون ودونالد ترامب، ثم مع بعض اعضاء الكونجرس ومديرى مراكز الابحاث والصحف والفضائيات الكبرى تشير إلى غالبية مشاكل وتوترات فترة أوباما قد تتراجع كثيرا، لكنها لن تنتهى تماما بطبيعة الحال. لان الخلاف ليس بين أوباما والسيسى بصفة شخصية، بل بين مصالح ورؤى وتصورات بين البلدين بشأن المنطقة والإقليم ودور مصر المستقبلى وشكل الاقليم.

لقاء السيسى مع رئيسة وزراء بريطانيا، يؤشر إلى قرب حلحلة الخلاف المكتوم بين البلدين، والذى وصل إلى ذروته باتخاذ بريطانيا قرار وقف سائحيها أثناء استقبالها للرئيس السيسى فى لندن أثناء حكم ديفيد كاميرون، فى نوفمبر الماضى ما اعتبره البعض «جليطة سياسية» غير مسبوقة.

لقاءات الرئيس مع رؤساء ومسئولين كبار من مختلف أنحاء العالم، حتى لو كان بعضها لقاءات بروتوكولية وللمجاملة، فإنها تنفى على الأقل فكرة أن مصر معزولة ومحاصرة.

الآن لم يعد هناك عداء كبير مع دول رئيسية ربما باستثناء تركيا، التى بدأت ترسل اشارات كثيرة للتهدئة، كما رأينا فى لقاء وزيرى خارجية البلدين الاخير فى فنزويلا على هامش قمة عدم الانحياز.

ورغم ذلك فإن من يعتقد أن الصورة البراقة فى الخارج قد تعنى آليا تحسن الوضع فى الداخل فهو واهم.

وبالتالى فالقاعدة الصحيحة هى الآتى: كلما كان الوضع مستقرا فى الداخل، فسوف تتحسن الصورة فى الخارج إلى حد كبير.
لن ينفعنا كل العالم لو كان مع الحكومة والرئيس، إذا كانت الأوضاع فى الداخل سيئة. صحيح أن العلاقات الجيدة خارجيا قد تفيد فى تدفق الاستثمارات أو تقديم المعونات والقروض، لكن الأساس هو الداخل.

بناء أكبر قدر من التوافق الوطنى فى الداخل هو الذى يجبر العالم على احترامنا والتعامل معنا بجدية والعكس ليس صحيحا بالمرة.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved