عد إلى الله.. وانتخب

أمل أبو ستة
أمل أبو ستة

آخر تحديث: الأربعاء 21 أكتوبر 2015 - 10:19 ص بتوقيت القاهرة

«الإفتاء»: من يمتنع عن أداء صوته الانتخابى آثم شرعا.. فتوى للدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية الأسبق.

عبدالله النجار: غير المشارك بالانتخابات كتارك الصلاة.. الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية.

إمام «الحسين» فى خطبة الجمعة يدعو المصلين للمشاركة بالانتخابات: ومن يكتم شهادة الله فإنه آثم قلبه.


•••


لا، ليس هذا عصر الإخوان. بل هى مساهمات «رجال الدين» قبيل انتخابات برلمان 2015. لقد أزحنا الإخوان فى 30 يونيو لإنهم كانوا يخلطون الدين بالسياسة. أما هذا كما ترون فما هى إلا خلطة «رز بلبن».

وبعيدا عن أنه لا شىء تغير على الإطلاق وعن أننا نشهد نفس ذات اللعبة مع كل انتخابات بدءا من غزو الصناديق وحتى يومنا هذا ولم يختلف أى شىء سوى اختلاف المصالح واختلاف أهداف أصحاب الفتاوى على المقاس، إلا أن السؤال الأكبر هو لماذا لا يزال هؤلاء يتبعون نفس التكتيكات؟

الإجابة ببساطة تنقسم إلى شقين، أولهما هو أن تأجيج مشاعر الناس هى وسيلة أكثر فاعلية للتاثير على جموع الشعب من استخدام المنطق. وينسحب هذا على استخدام أى مشاعر كالخوف والكراهية والفخر والمشاعر الوطنية والدينية طبعا. ويتنامى تأثير المشاعر أمام تأثير المنطق حينما تخاطب شعبا قد سحبت منه أدوات استخدام المنطق بتعليم فاشل يجرم التفكير ويعلى من شأن الطاعة وتبنى آراء معدة سلفا، شعبا روضته على فكرة الانصياع لرأى الكبار ورأى «العلماء» دون تفكير، لأنهم بالضرورة يمتلكون الحقيقة التى لا يصح أن تصل إليها أنت بعقلك الذى كرمك الله به.

وهو ما يقودنا إلى الشق الثانى من الإجابة والخاص بطريقة تلقينا الدين كأفراد. فالدين مثله مثل كل الفروع العلم الأخرى تلقيناه وما زلنا نتلقاه فى مدارسنا وبيوتنا بنفس طريقة التلقين التى تجرم التفكير والاختلاف والمراجعة، حتى أن مناقشة الأديان ومراجعة موروثاتنا الدينية ــ والتى بالمناسبة قد لا يمت الكثير منها لصحيح الدين بصلة ــ هى من الممنوعات، التى لا يجرؤ الكثيرون على الاقتراب منها أصلاً. فمبدأ السمع والطاعة الذى أنكرناه جميعا على الإخوان يمارسه كثيرون مننا مسلمون ومسيحيون حين يأتيهم الرأى من شيخ أو قسيس أو كتاب من التراث فيطيعون بلا إعمال للعقل ولا تفكر أو تدبر وبلا محاولة فردية للبحث والاطلاع وبلا استفتاء للقلب وإن أفتوك وأفتوك. فترى الفرد يتجاهل أوامر الله الصريحة بالتفكر والتدبر والقراءة ويركن إلى الحل السهل بأن يجعل الآخرين يقرأون له ويفكرون له ويقررون له. والنتيجة أنه يصبح مسلوب الإرادة، مسلوب الحق فى التفكير وتقرير المصير، يصبح لعبة فى يد كل من ارتدى عباءة الدين ليوجهه حسب أهوائه، بل يصبح كل الخطر عليه من فهم خاطئ للدين قد يبعده عن ربه فى نهاية المطاف.

إن الحل يكمن فى التعليم. التعليم الجيد الذى يرسخ مهارات التفكير والتحليل والنقد والتقييم، التعليم الذى يفسح مجالا للاختلاف والاعتراض بشكل ممنهج منطقى، التعليم الذى لا يسمح لأى سلطة كانت ــ إعلامية أو دينية أو سياسية ــ أن توجه الرأى العام من خلال تأجيج المشاعر ودغدغة الأحاسيس. فالرأى السديد هو ما يبنى على الحجة والاطلاع والمنطق.

سيستمر تجار الدين فى توجيه الجموع إلى أن تتمكن الجموع من الاستناد على المنطق والمنطق فقط لتحديد مواقفها واتخاذ قراراتها، ولن يتأتى ذلك إلا بتعليم جيد.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved