د/ سليم العوا.. لمن لا يعرفه
ناجح إبراهيم
آخر تحديث:
الجمعة 21 نوفمبر 2025 - 6:30 م
بتوقيت القاهرة
• كان والده متبحرًا فى الشريعة والفقه، حنفى المذهب يجيد الإنجليزية والفرنسية والإيطالية، وكان يقول له «يا محمد.. العلم الرخيص لا يمكث طويلا فى العقل»، وإذا سأله أبناؤه عن مسألة يشجعهم على الاطلاع قائلا: «انظر فى كتاب الفقه على المذاهب الأربعة» ويأمرهم بدراسة الفقه والأصول والرقائق فى المسجد.
• نشأ فى بيت يحترم المذاهب لكنه لا يقلدها تقليدًا أعمى، يعرف الدليل لكنه لا يتجرأ عليه تجرؤ الجهال لأنه يرى فى الدليل عدة أوجه.
• يقول: «تعلمت من والدى فقه الدين وفقه الحياة معا لأنه كان كبير العائلة، وكان بيتنا يتسع للجميع، فتعملت عمليًا أن «طعام الواحد يكفى الاثنين»… إلى آخر الحديث.
• كان والده يقول: لولا أمك لم يكن لمثل هذا البيت أن يقف على قدميه، هذا بيت مستور، بفضل هذه السيدة العظيمة، لك أن تتأمل رجلاً مثل والد د/ العوا لم يهن زوجته أو يقسو عليها أو يضربها يومًا لتعلم أنه لن يخرج لنا عالم أو حكيم أو فقيه عظيم من معين آسن أو بيت تتنازعه الأهواء أو يؤكل فيه المال الحرام.
• فصل من النيابة العامة فى مذبحة القضاء فى الستينيات، جعله ذلك يعد رسالة دكتوراه عن «الجريمة السياسية فى القانون» ولكنه لم يكلمها لظروف قاهرة.
• من القلائل الذين حصلوا على الدرجات النهائية فى دبلومة الشريعة الإسلامية بحقوق الإسكندرية ثم دبلومة القانون العام.
• سافر للكويت وعمل بها ثم سافر لبريطانيا وحصل على الدكتوراه فى القانون من جامعة لندن، ثم درس فى جامعات نيجيريا ٣ سنوات، ثم جامعة الرياض عشر سنوات درس خلالها مادة «النظام السياسى الإسلامى» فقررت الجامعة تدريسه على جميع الكليات بعد أن كان مقررا على كلية واحدة، ثم عمل أستاذًا بحقوق الزقازيق لعشر سنوات حتى استقال من الجامعة لمرضه وليتفرغ للمحاماة والكتابة والتحكيم الدولى.
• كان بيت أسرته بيت علم وكرم وفضل، كان مفتوحًا باستمرار، وكرر د/ العوا تجربة أسرته فأصبح من أهم البيوت المفتوحة بالعلم والفضل والكرم، ويشهد بذلك الجميع.
• لازم الفقيه والأصولى أ.د/ مصطفى شلبى ــ رئيس قسم الشريعة بحقوق الإسكندرية الذى يعده أعظم أساتذته ــ ملازمة تامة وكان يذهب إلى بيته ليقرأ عليه ويلازمه فى القاهرة والإسكندرية، وكان يحضر محاضرات الدبلومات العليا وهو فى مرحلة البكالوريوس حتى تضلع من علم أصول الفقه، وكان د/ شلبى يقول لمن يسأله سيجيبك العوا عن سؤالك فقد أخذ كل علمى.
• فى مرة من المرات غضب د/ العوا لأنه وجد كتاب أستاذه «الفقه الإسلامى بين المثالية والواقعية» مختصرًا ومنشورًا فى مجلة العربى الكويتية ومنسوبًا لغيره وتوقع أن يغضب د/ شلبى لهذه السرقة العلمية الفجة، فإذا به يقول: لعله خير فكتبى لا يقرأها إلا طلاب الدراسات العليا وهم مائة تقريبًا أما هذه المجلة فيقرأها عشرات الآلاف فينتفعون بعلمى فلا تحزن، ولم يحرك د/ شلبى ساكنًا ولم يرفع قضية على السارق العلمى وتعلم العوا منه هذا الدرس العظيم.
• يقول د/العوا «إنه تعلم وهو شاب فيه حدة واندفاع من بعض أساتذته فن الحياة والتوافق معها والتكيف مع ظروفها، وحكمة الشيوخ وأن حسن التأنى للأمور مقدم على قول الحق الذى لم يأتِ وقته أو الذى يوقع فى المفسدة، وأنك إذا أردت قضاء حاجات الناس فلابد من حسن التأنى لها وحسن الولوج إليها، فكيف تصدع بالحق وتسوقه إلى الناس وفى الوقت نفسه تحقق لهم أكبر المصالح وتدرأ عنهم أكبر المفاسد فهذه هى المعضلة الكبرى الذى يحار الناس فيها.
• ألف د/ العوا أكثر من 30 كتابًا فضلًا عن آلاف المحاضرات العلمية والإشراف على المئات من رسائل الماجستير والدكتوراه.
• أما ما تعلمته شخصيًا من د/ العوا فهو كثير لأنه أحد أساطين الوسطية الإسلامية، والذى تعلمت منه كيفية الصلابة فى ثوابت الإسلام وأن تكون فيها مثل الحديد والمرونة مع متغيراته لتكون فيها مثل الحرير.
• وتعلمت منه أن مقاصد الإسلام أكثر من أن تحصر فى الخمسة المعروفة، وأنها قابلة للاجتهاد المتجدد ومنها الحرية بضوابطها والكرامة الإنسانية، وبين لى: أن الدين لا تقوم له قائمة إلا بالحرية وأن الإسلام أعظم من منح الكرامة الإنسانية للجميع «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ» وليس المسلمين فحسب، فالكل مكرم ومصدر التكريم هو الله وليس منحة من أحد كائنًا من كان.
• د/ العوا أعتبره من أهم أساتذتى وأعظم من دعم مسيرتى التصحيحية وشجعنى عليها، تحية للدكتور العوا، وخالص الدعوات له بالشفاء العاجل.