ملاهى الثورة

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الأحد 22 يناير 2012 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة

لأيهما أكثر احتراما، تحتفى بالثورة أم تحتفل بمناسبة الثورة؟

 

إن المسافة بين الاحتفاء والاحتفال بعيدة للغاية، ربما أبعد مما بين ماء النهر وماء البحر، هذا عذب وذاك مالح، والحاصل أننا امام مفهومين مختلفين، الاول يدرك أن الثورة لم تكتمل وانها تعرضت لهزات عنيفة طوال العام الماضى ما جعلها مثخنة بجراح عميقة تجعل علاجها ومداواتها اهم واكثر وجوبا من اقامة الأفراح والليالى الملاح باسمها.

 

أما المفهوم الثانى فيعتمد على أن ذاكرة الناس ضعيفة ويستدعى من الأرشيف كلاما منمقا عن حلاوة الثورة وحلاوة الشعب الذى قام بها، وكأن الثورة تمشى فى طريق ناعم ممهد ولا تواجه أخطارا بالجملة ومحاولات اغتيال لكل معانيها وقيمها.

 

إن أحدا لا يرفض الفرح والبهجة لكن أن يبتهج البعض ويحتفلون بينما أسر الشهداء والمصابين لايزالون فى الشوارع والميادين إدراكا منهم بأن قضية الثورة افرغت من مضامينها ومعانيها ولم يبق منها الا بعض مظاهر قشرية ولافتات وشعارات تتردد على الألسنة بينما الوقائع على الارض تنطق بشىء من الضجر من هذه الثورة يبلغ حد اختبارها احيانا.

 

ولعل ما جرى فى الشوارع والميادين أمس الأول الجمعة دليل آخر على وعى جماهيرى نبيل تصور بعضهم انه قادر على تسطيحه ومحوه أو اختطافه بقليل من الكلام الوردى المعسول، فالناس تريد أن ترى أدلة ملموسة على أن هناك اعترافا عمليا بهذه الثورة، بعيدا عن الخطب العاطفية ومهرجانات الكلام والغناء الصاخبة.

 

إن من حق الناس أن تقارن بين هذا السخاء المفرط فى الإنفاق على حفلات الثورة الرسمية وبين التقتير والشح المهين فى التعامل مع أسر الشهداء والمصابين، والحكايات الموثقة لا تعد عن التنكيل بمصابى الثورة وإهمالهم عن عمد وكأنهم يعاقبون على الاشتراك فى الثورة.

 

هل يعلم الداعون للغناء فى مولد ذكرى الثورة أن من أهالى الشهداء من لم يغادر ميدان التحرير منذ الثامن والعشرين من يناير العام الماضى وحتى الآن.. هل يعرف مغنواتية الثورة والد الشهيد مصطفى شاكر ووالد الشهيد مهاب على حسن؟

 

إن هؤلاء ينتظرون احتفاء وليس احتفالا.. يريدون تحقيقا لأهداف وغايات الثورة وليس الذهاب بها إلى مدن الملاهى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved