عام ٢٠١٦: المخ فى آنية من زجاج

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: الجمعة 22 يناير 2016 - 11:15 م بتوقيت القاهرة

يبدو أن الصورة التى تعودنا أن تبهرنا فى أفلام الخيال العلمى أو الدراما ــ التى تخرج عن المألوف من الأحداث لتلك التى يتوقف الإنسان عندها منبهرا متأملا وقائع الخلق ــ ستبدو فى عام ٢٠١٦ حقيقة واقعة. المخ فى وعاء زجاجى ينمو ويتطور إلى أن يصل إلى أقرب صورة لمخ الإنسان ــ أصبحت حدثا واقعيا يعلن عن بداية عنصر جديد من عصور العلم المتعاقبة بسرعة مخيفة.
اختار العلم أن يطلق على تلك الأعضاء المستحدثة وصف Organoids ليفرقها من الأعضاء الإنسانية المعروفة فى سم الإنسان Organs. الغرض المعلن حتى الآن وراء تلك الفكرة الجهنمية هو تجريب الأدوية لمعرفة آثارها على أعضاء الجسم المختلفة سواء بالإيجاب فى استخدامها كعلاج شاف للأمراض أو آثارها الجانبية فيما يعد أثرا سلبيا يحتاج مزيدا من الدراسة لمحاولة تفادى تداعياته.
من بدايات تلك التجارب فى عام ٢٠١٦ تلك التى أعلن عنها هانز كليفر أحد علماء هولندا العاملين بمعهد بحثى معروف Hubercht Jnstitute. توصل العالم الهولندى إلى تخليق أمعاء فى إناء زجاجى يبدأ هذا العام برنامجه البحثى عليها لمعرفة أثر دواءين جديدين لعلاج سرطان الأمعاء وأحد أمراض الرئة الخطيرة التى ينتج عنها تليف الرئة وتحوصل نسيجها إلى جانب إصابة أخرى فى الأمعاء.
تخليق تلك الأعضاء فى الأوعية الزجاجية يعتمد على خلايا جذعية من الإنسان لذا فتلك الأعضاء المستحدثة تحمل ذات صفات الإنسان الوراثية. الحصول على نسخ متعددة من العضو قيد الدراسة: المخ، الكلى، البروستاتا بالتالى يتيح تجريب الأدوية المختلفة بلا خوف أو حذر قد يكون العائق الأساسى على حياة الإنسان لو خضع للتجريب.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد إنما تمكن آخرون من تخليق أورام بعينها فى تلك الأعضاء Tumoroids لدراسة حلقات تطورها وإمكانية علاجها وتدمير خلاياها بصورة أو أخرى.
آخر تلك الصور المذهلة من التطور العلمى تأتى من اليابان حيث بدأت أولى التجارب التى يتكتم أصحابها نتائجها الأولية لتخليق كبد يمكن زرعه بديلا لنقل كبد آدمى! من المعروف أن الكبد هو أحد الأعضاء الإنسانية التى تتكاثر خلاياه بسرعة مذهلة لذا من الممكن أن يعيش الإنسان بنقل جزىء من الكبد إليه من إنسان سليم ولا يستلزم الأمر نقل الكبد إليه بالكامل.
من الواضح أن موضوع الخلايا الجذعية سيظل شغل العلم الشاغل حتى تستقر تطبيقاته وتتضح بما يخدم الإنسان وينحاز لقضاياه الصحية. فى العلم أيضا أشرار وأخيار فهل يتسيد الأخيار ليظل العلم صديقا للإنسان أم ينقلب عليه كصانع الديناميت وصاحب اختراعه الذى أهدى العالم وسيلة للدمار وجائزة سنوية للعلم والسلام؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved