أمن الخليج العربى و«البلطجة الدولية»

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الأحد 22 فبراير 2015 - 9:15 ص بتوقيت القاهرة

لاشك أن الدول المنكوبة فى شتائنا العربى الطويل أصبحت بيئات مشرعة الأبواب لاحتضان الجماعات الإرهابية والمتطرفة، ولا يخفى ما تولد عن ظهورها من أضرار فادحة قلبت المنطقة العربية رأسا على عقب، ولاشك كذلك فى أن مثيرات المشكلات الأمنية لم تبلغ فى مداها ما يمكن أن يهدد مصالح دول الخليج العربى الاستراتيجية واستقرارها الأمنى بقدر ما فعلت المتغيرات الطارئة على المشهد الخليجى بصفة خاصة. ومع ذلك فإن المواقف الخليجية مازالت ضبابية نسبيا وبطيئة إلى حد كبير، رغم الاجتماعات الطارئة المتتالية.

يدعو ما سبق للتساؤل.. عندما يكون الخليج العربى مهددا بشكل مباشر فى خوض أزمات الفوضى الخلاقة وتحمل تبعاتها، ويكون بينه وبين المد الإرهابى قاب قوسين أو أدنى، لم لا تعمل دول الخليج العربى على خلق حالة من الارتباك فى المنطقة لإعادة ترتيب الأمور؟ فتباغت المجتمع الدولى والإقليمى على السواء ببضع ضربات استباقية تؤكد من خلالها على قوتها الفعلية فى المنطقة وتحسم كثيرا من الأمور العالقة بحزم.

ونرى أن هناك تباطؤا خليجيا فى اتخاذ الحلول اللازمة قبل استفحال الأزمة، بدعوى انتظار صدور قرارات وإذن دوليين، فهل تحتاج الدول الخليجية فعليا لإذن المنظمات الدولية فى كل شاردة وواردة لاتخاذ الإجراءات التى يجب عليها اتخاذها فى وقت محدد؟!

ألا يدعو النموذج المصرى فى ليبيا لقليل من المراجعة والتأمل من قبل دول الخليج العربية لتعمل على حماية مصالحها الاستراتيجية والأمنية بصفة طارئة دون الرجوع لبعض طغاة العالم وسادته الازدواجيين؟!

تثار الشبهات حول دول يفترض أنها تعلن وتقود حربها الشعواء على الإرهاب فى العالم «الذى تريد» بكل ما تحمله من ازدواجية فى المعايير؛ شبهات دعم لوجستى غير منتهية من أطراف متفرقة كل فى واديه الذى اختار الهيام فيه، يغنى لليلاه ويدندن على آلامنا، فيما تدق للحرب طبول وتثار للإرهاب فتن متتالية.

عندما تثار تلك الشبهات ويكشف الغطاء عن ذلك الدعم السخى، ما الذى يردع المجتمع العربى وخصوصا الخليجى أن يحذو حذوهم؟ أن يقرر الحد الأدنى من مصيره الأمنى والحفاظ على استقرار المنطقة. إن هذه ليست توصية للخليج العربى ليمارس «البلطجة الدولية» كما فعلت دول أخرى، ولكنها دعوة لتقرير المصير بحسم وحزم هذه المرة.

إنه لمن الغرابة فعلا أن يكون الخليج العربى حتى اللحظة منتظرا لتأييد أو رفض ما يمكنه اتخاذه من إجراءات لحماية مصالحه وأمنه، من قبل منظمة الأمم المتحدة، مجمل ما لديها من أرصدة عضلات تفتلها على العالم الثالث والدول العربية، وقلق تبعث به فى نفس أمينها العام على الدوام.

ولنا فى ضرب أمريكا للعراق، وضعف السيطرة على مجازر بشار الأسد، وما قام به الحوثيون فى اليمن؛ أمثلة وواقع، وما من حلول جذرية!!

السؤال؛ أهذا ما ننتظر منه ردا ناجعا لحل أزماتنا؟! أولم تبد الحاجة ملحة لاتخاذ تلك الضربات الاستباقية وننحو منحى مصر فى سرعة التنفيذ، إن الدعوة للضربات الاستباقية لن تقتصر على الجانب العسكرى وحسب، دعونا نجرب الحلول السلمية الاقتصادية والسياسية التى نتطلع كلنا ألا نتخلى عنها إلا بعد الوصول إلى طريق مسدودة، ولكن المماطلة التى تقوم بها الأمم المتحدة لن تجدى نفعا، بل على العكس تماما.

إن جل ما نتطلع إليه خليج يعمل بخيارات واضحة ومحددة، يترفع على نظام ردات الفعل ويحوله إلى مبدأ الردع والضربات الاستباقية بما يحفظ لكيانات المنطقة هيبتها ونفوذها! ذلك أنه من غير المعجز لدول المنطقة، خصوصا دول الخليج العربى، أن تستثمر ما تملك من مقومات قوة للدفاع عن أمنها ومصالحها الاستراتيجية.

فاطمة عبدالله خليل

الوطن ــ البحرين

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved