مافيهااااش بيتر!

حسام السكرى
حسام السكرى

آخر تحديث: الأحد 22 فبراير 2015 - 9:05 ص بتوقيت القاهرة

«بيتر.. انت اسمك كان فى آخر الفيلم. كان دورك إيه؟».. سألته.

أجاب بيتر وهو يغالب النعاس «ولا حاجة». ثم أردفها بعبارة ظلت تتردد فى رأسى منذ سمعتها منه فى عام 2009.

دعنى أحدثك عن الفيلم أولا قبل أن أن أخبرك بالعبارة التى قالها بيتر. فى عام 2004 أنتجت بى بى سى فيلما وثائقيا اسمه «سطوة الكوابيس». رشح الفيلم للأوسكار، إلا أن الحظ لم يحالفه، رغم أنه فى رأيى كان يستحق الأوسكار وكل أوسكار.

يرصد الفيلم صعود موجات التطرف. ويعرض بدايات له مع الإخوان المسلمين وكتابات سيد قطب فى مصر. وخلافا لكثير من الرؤى الغربية التى تركز على الإرهاب فى منطقتنا، يتناول الفيلم بالتوازى تنامى «التطرف الوطنى» فى الولايات المتحدة الأمريكية. ويعرض لنفوذ المحافظين الجدد، وموجات التخوين التى قادها السيناتور جوزيف مكارثى، الذى اشتقت الـ«مكارثية» من اسمه، فى الولايات المتحدة.

التطرف الوطنى والدينى، وجهان لعملة واحدة. والتخوين الجاهز لا يختلف كثيرا عن التكفير الجاهز. وما يجرى فى مصر لا ينبغى النظر إليه بمعزل عما يجرى فى أمريكا.

إلا أن الفيلم الذى كتبه وأخرجه آدم كيرتس، يرصد دورا آخر يلعبه التطرف والإرهاب بالنسبة للساسة. ويوضح فكرته بعرض لرؤية سادت فى الإعلام الغربى عن تنظيم القاعدة بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر. وكيف صور أسامة بن لادن، كما لو كان إله الشر الذى يحرك خيوط الإرهاب فى العالم، من خلال مراكز اتصال متطورة ومجهزة بأحدث أجهزة الكمبيوتر، فى مبان أنيقة متعددة الطوابق تختفى تحت ركام الصخور فى جبال تورا بورا.

تجاهل كيرتس الهيستريا الهوليوودية العالمية السائدة، وقدم فيلما يسير بثقة عكس التيار، ولخص وجهة نظره فى مقدمة، قرأها فى مطلع كل واحد من أجزاء الفيلم الثلاثة، قال فيها:
«فى الماضى، وعدنا الساسة بعالم أفضل. كانت لهم طرق مختلفة لتحقيق ذلك، وكانت قوتهم وسلطتهم تأتى من رؤية متفائلة قدموها لشعوبهم. وبعد انهيار الأحلام، فقد الناس إيمانهم بالأيديولوجيات، ونظروا للساسة باعتبارهم مسئولين عن تسيير شئون الحياة العامة. إلا أن الساسة اكتشفوا الآن دورا جديدا يستعيدون به نفوذهم وسطوتهم. فبدلا من تحقيق الأحلام، يعدنا الساسة الآن بالحماية من الكوابيس. يقولون إنهم سيحموننا من مخاطر مفزعة، لا نستطيع أن نراها أو حتى نفهمها».

تلخيص عبقرى وإدانة دامغة وحيود خارق على النص السائد جعلنى أتساءل دائما، عن كيفية خروج هذا الفيلم إلى الوجود.

بيتر هوروكس، الذى تحدثت عنه فى بداية المقال، كان المسئول التحريرى عن القطاع الذى خرج منه الفيلم فى بى بى سى. فى السنوات الأخيرة من عملى فى لندن، أصبح بيتر رئيسا لقطاعات الإنتاج الإخبارى الدولى، التى كانت بى بى سى العربية تنضوى تحتها عندما كنت أرأسها. باختصار أصبح بيتر الذى ظهر اسمه على نهاية فيلمى المفضل رئيسا لى، وسنحت لى الفرصة للحديث عن «سطوة الكوابيس» عندما تجاورنا على متن طائرة فى رحلة عمل.

سألته عن دوره وكانت إجابته التى لم أنسها: «لم أفعل شيئا.. كنت رئيس التحرير العام. كان دورى أن أحمى الفيلم ليخرج إلى النور».
..
عندما تسود الهيستريا، هناك دائما حاجة إلى آدم لنسمعه، وإلى بيتر ليحمى صوته. عندنا آدم ومفيش بيتر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved